أسباب وعلاج الكدمات

الكدمات: الأسباب، الوقاية والعلاج

تعد الكدمات من أكثر الإصابات شيوعًا التي قد يتعرض لها الإنسان نتيجة للعديد من الأسباب التي تتراوح بين الحوادث اليومية إلى الأنشطة الرياضية أو حتى بسبب حالات صحية معينة. على الرغم من أنها عادةً ما تكون غير خطيرة، إلا أنها قد تكون مؤلمة للغاية وتتسبب في تغيرات مرئية قد تشعر المصاب بالانزعاج منها. في هذا المقال، سيتم التطرق إلى مفهوم الكدمة، أسبابها، مراحل تطورها، العوامل المؤثرة في شدتها، وكذلك أساليب الوقاية والعلاج المتاحة.

1. تعريف الكدمة

الكدمة هي إصابة تحدث نتيجة لتعرض الجلد أو الأنسجة الرخوة أسفل الجلد لضغط أو ضربة مفاجئة تؤدي إلى تمزق الأوعية الدموية الصغيرة، مما يتسبب في تسرب الدم إلى الأنسجة المحيطة. ينتج عن هذا التسرب الدموي ظهور لون أزرق أو أسود في المنطقة المصابة، وهو ما يعرف بالكدمة. في بعض الحالات، قد تترافق الكدمات مع تورم وألم.

2. أسباب الكدمات

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوث الكدمات، ومن أبرزها:

• الحوادث والإصابات اليومية: قد يتعرض الفرد للكدمات نتيجة الاصطدام بأشياء صلبة أو الوقوع على الأرض. هذه الأسباب عادةً ما تكون الأكثر شيوعًا.

• الأنشطة الرياضية: في الرياضات التي تنطوي على الاحتكاك الجسدي، مثل كرة القدم، والملاكمة، وكرة السلة، يكون من المحتمل حدوث الكدمات بسبب الاصطدامات المتكررة مع الآخرين أو مع الأرض.

• التقدم في العمر: مع تقدم العمر، تصبح الأنسجة الرابطة والأوعية الدموية أكثر هشاشة، مما يزيد من احتمال حدوث الكدمات عند كبار السن حتى من أقل الاصطدامات.

• استخدام بعض الأدوية: بعض الأدوية مثل مميعات الدم (مثل الأسبرين أو الوارفارين) قد تزيد من قابليتك لظهور الكدمات لأن هذه الأدوية تمنع تجلط الدم، ما يجعل الأوعية الدموية أكثر عرضة للتسرب.

• الحالات الصحية: هناك بعض الحالات المرضية التي قد تسبب الكدمات بشكل متكرر، مثل اضطرابات النزيف (مثل الهيموفيليا)، واستخدام الأدوية الستيرويدية لفترات طويلة.

• العوامل الوراثية: بعض الأفراد يكونون أكثر عرضة لتكوين الكدمات بسبب عوامل وراثية تؤثر على قوة الأوعية الدموية أو قدرة الجسم على معالجة الكدمات بشكل طبيعي.

3. مراحل تطور الكدمة

تمر الكدمة بعدة مراحل قبل أن تلتئم تمامًا. تبدأ الكدمة بتسرب الدم إلى الأنسجة، ما يؤدي إلى ظهور اللون الأحمر أو الأزرق في المنطقة المصابة. مع مرور الوقت، يتغير لون الكدمة تدريجيًا نتيجة لعملية تكسير الدم في الأنسجة المتضررة، وهذا التغيير في اللون يحدث على النحو التالي:

• الأيام الأولى: يظهر اللون الأحمر أو الأزرق، وهو نتيجة لتسرب الدم إلى الأنسجة تحت الجلد. في هذه المرحلة، قد يكون الألم شديدًا والمكان المصاب متورمًا.

• من اليوم الثالث إلى اليوم السابع: يتحول اللون إلى الأزرق الداكن أو البنفسجي مع تراجع الألم بشكل تدريجي. في هذه الفترة، يبدأ الدم المتسرب في التحلل.

• بعد أسبوع: يتحول اللون إلى الأخضر أو الأصفر، حيث يبدأ الجسم في امتصاص الدم المتسرب ويظهر الكدمة في مرحلة شفاء.

• بعد أسبوعين أو أكثر: يبدأ اللون في التلاشي تمامًا، وقد يختفي التورم والألم تدريجيًا، مما يعني أن الشفاء قد اكتمل.

4. العوامل المؤثرة في شدة الكدمة

تتفاوت شدة الكدمات من شخص لآخر بناءً على عدة عوامل:

• حجم الضربة: كلما كانت الضربة أقوى، كلما كانت الكدمة أكبر وأكثر وضوحًا.

• الموقع: بعض المناطق من الجسم تكون أكثر عرضة للكدمات بسبب كثافة الأنسجة أو نوع الجلد، مثل الظهر أو الساقين. بينما المناطق التي تحتوي على عظام أو أنسجة أكثر كثافة قد تكون أقل عرضة للكدمات الواضحة.

• الوقت: تأثر الكدمة بالوقت منذ الإصابة له دور كبير في تحديد شدتها. إذا تم معالجة الكدمة بسرعة، يمكن أن يقل الألم والتورم.

• العوامل الصحية: الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النزيف أو الذين يتناولون أدوية تؤثر على تخثر الدم قد يعانون من كدمات أكثر حدة وتأثيرًا.

5. الوقاية من الكدمات

على الرغم من أنه لا يمكن تجنب حدوث الكدمات تمامًا، إلا أنه يمكن اتخاذ بعض الاحتياطات لتقليل فرص حدوثها أو تقليل شدتها في حال حدوثها:

• ارتداء واقيات أثناء الأنشطة الرياضية: يمكن أن تساعد واقيات الركب والكوع وواقيات الرأس في تقليل احتمالية التعرض للإصابات والكدمات أثناء ممارسة الرياضات الاحتكاكية.

• الحيطة أثناء الأنشطة اليومية: الانتباه للأشياء المحيطة والتحرك بحذر في الأماكن التي تحتوي على عوائق أو أرضيات زلقة قد يقلل من فرص السقوط أو الاصطدام بأشياء صلبة.

• تجنب الأدوية المميعة للدم: في حال لم تكن بحاجة إلى أدوية مميعة للدم، يمكن تجنب تناولها لتقليل فرص حدوث الكدمات. يجب استشارة الطبيب قبل التوقف عن أي دواء.

• تحسين صحة الأوعية الدموية: الحفاظ على نمط حياة صحي من خلال تناول غذاء متوازن، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، يمكن أن يساعد في تقوية الأوعية الدموية وتقليل تعرضها للكدمات.

6. علاج الكدمات

معظم الكدمات تشفى من تلقاء نفسها بمرور الوقت، لكن هناك بعض العلاجات التي يمكن أن تساعد في تخفيف الألم والتورم وتسريع عملية الشفاء:

• الراحة والرفع: يجب على الشخص المصاب بالكدمة أن يستريح وأن يرفع الجزء المصاب من الجسم لتقليل التورم. رفع المنطقة المصابة فوق مستوى القلب يساعد في تقليل تراكم السوائل والدم في تلك المنطقة.

• الثلج: يمكن وضع كيس من الثلج أو كمادة باردة على الكدمة لمدة 20 دقيقة في كل مرة، وذلك لتقليل التورم والألم. يجب تجنب وضع الثلج مباشرة على الجلد لمنع حدوث حروق باردة، ويمكن وضعه في قطعة قماش نظيفة.

• الضغط: وضع رباط ضاغط أو مشد يمكن أن يساعد في الحد من التورم. ولكن يجب عدم شد الرباط بشكل مفرط لتجنب تقليل تدفق الدم إلى المنطقة المصابة.

• الأدوية المسكنة: يمكن تناول مسكنات الألم مثل الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين لتخفيف الألم والتورم. يجب تجنب الأدوية التي تحتوي على الأسبرين، حيث يمكن أن تزيد من النزيف.

• العلاج الطبيعي: في بعض الحالات الشديدة التي يترافق فيها الألم مع ضعف الحركة، قد يوصي الطبيب بالعلاج الطبيعي لاستعادة القدرة على الحركة.

7. متى يجب استشارة الطبيب؟

على الرغم من أن معظم الكدمات تكون غير خطيرة وتشفى من تلقاء نفسها، هناك حالات يجب فيها استشارة الطبيب، مثل:

• إذا كانت الكدمة شديدة أو مؤلمة للغاية.

• إذا كان هناك تورم شديد أو صعوبة في تحريك المفصل بالقرب من الكدمة.

• إذا كانت الكدمة ناتجة عن إصابة شديدة، مثل حادث أو سقوط من ارتفاع.

• إذا لم تشفى الكدمة بعد مرور عدة أسابيع.

8. الخاتمة

على الرغم من أن الكدمات تعتبر إصابات شائعة وغير خطيرة في معظم الحالات، فإنها قد تسبب الإزعاج للمصابين بها. من خلال فهم آلية حدوثها، وتطبيق أساليب الوقاية والعلاج المناسبة، يمكن تقليل تأثير الكدمات والتسريع من عملية الشفاء. إذا كنت تعاني من كدمة شديدة أو متكررة، فقد يكون من المفيد استشارة طبيب مختص للحصول على التشخيص والعلاج المناسب.