فيلم “اليوم الذي فقدت فيه ظلي” – رؤية عميقة لفقدان الأمل وسط الحرب
فيلم “اليوم الذي فقدت فيه ظلي” هو فيلم درامي يسلط الضوء على الواقع المؤلم في دمشق خلال الحرب السورية. من إخراج سعاد كعدان وبطولة مجموعة من الممثلين السوريين والعرب، يقدم هذا العمل الفني سرداً مؤثراً يثير مشاعر الحزن والألم، ويسلط الضوء على النضال اليومي للأفراد في زمن الحرب.
مقدمة عن الفيلم
“اليوم الذي فقدت فيه ظلي” هو فيلم سوري من إنتاج مشترك بين سوريا، فرنسا، لبنان، وقطر. تم عرضه لأول مرة في عام 2018 وحقق صدى كبيراً لدى النقاد والجمهور على حد سواء. مدة الفيلم 91 دقيقة، ويتميز بجو مكثف من الواقع المظلم الذي يعيشه الناس في الحرب. تم تصنيفه تحت فئة الأفلام الدرامية، والأفلام المستقلة، والأفلام الدولية، وهو يحمل تصنيف TV-MA، مما يجعله مناسباً للمشاهدين البالغين بسبب مواضيعه الحساسة.
القصة
تدور أحداث الفيلم حول أم عزباء تسعى لتأمين احتياجات أسرتها في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها دمشق خلال فترة الحرب. تتنقل هذه الأم عبر الأطراف المدمرة للمدينة في محاولة للحصول على الغاز لإعداد وجبة دافئة لابنها. هذه الرحلة التي تبدو بسيطة على سطحها تحمل في طياتها عمقاً إنسانياً كبيراً، حيث يتجسد في الصورة معاناة المدنيين الذين يعيشون في قلب الصراع، الذين يواجهون صعوبة الحصول على أبسط مقومات الحياة.
فمن خلال رحلة الأم، يتجلى لنا الصراع اليومي من أجل البقاء وسط بيئة مليئة بالعنف والموت، ويُظهر الفيلم محنة المدنيين العالقين في الحروب الذين لا يفعلون سوى محاربة الظروف القاسية لإبقاء شعلة الأمل حية.
أداء الممثلين
الفيلم يضم مجموعة من الممثلين الموهوبين الذين قدموا أداءً مميزاً. الممثلة سوسن أرشيد تجسد دور الأم بطريقة تجذب الانتباه، حيث تنقل لنا عمق مشاعر الأمومة والإصرار على توفير الراحة لأطفالها رغم الصعوبات. بينما تبرز الممثلة ريهام كassar في دور ثانوي ولكنه مؤثر، حيث تساهم في بناء المشهد الكلي للفيلم.
أيضاً، لا يمكننا تجاهل الدور البارز لبقية طاقم العمل مثل سامر إسماعيل، عويس مخلوطي، هنانه حجي علي، وياسين البوخاري، الذين أضافوا إلى القصة لمسة من التنوع في شخصياتهم التي تعكس الواقع السوري بكل تجلياته.
الرسائل الإنسانية في الفيلم
الفيلم لا يقتصر على تقديم سرد للأحداث بقدر ما يسلط الضوء على الصراع الداخلي الذي يعيشه المواطن السوري في زمن الحرب. من خلال عرض رحلة الأم في البحث عن الغاز، يظهر الفيلم كيف يمكن أن تتحول أبسط الأمور اليومية إلى معركة للبقاء على قيد الحياة. الفيلم يقدم تسليطاً موازياً على العلاقات الإنسانية وكيف يمكن للناس أن يتكاتفوا في مواجهة المحن، لكن كذلك كيف يمكن للحرب أن تجعل من حتى الأكثر إنسانية من العلاقات في غاية التعقيد والضياع.
التمثيل والإخراج
الإخراج الذي قدمته سعاد كعدان يميز الفيلم بأسلوبه الهادئ والمكثف. فالجانب الفني يساهم بشكل كبير في نقل الألم والمعاناة التي يعيشها المواطن السوري، كما أن تصوير المشاهد في الأحياء المدمرّة من دمشق كان له دور كبير في إبراز الإحساس بالخراب وفقدان الأمل.
التصوير السينمائي الفريد الذي اعتمد عليه الفيلم يعكس الخراب الناتج عن الحرب، وينقل شعور التوتر والترقب الدائم الذي يعايشه المواطنون في تلك المناطق. الصور المظلمة والمشاهد المعتمة تساهم في تعزيز الجو العام للفيلم وتعكس القلق والخوف المستمرين.
الحرب كخلفية للفيلم
الفيلم يعكس ليس فقط معاناة الشخصية الرئيسية، ولكن أيضًا يعبر عن المعاناة العامة التي يمر بها المجتمع السوري في ظل الحرب المستمرة. في هذا السياق، فإن الفيلم يقدم تصويراً واقعيًا لدمشق، المدينة التي كانت في يوم من الأيام رمزا للحياة والازدهار، لكن الحرب حولتها إلى مكان مليء بالدمار والعزلة.
الحرب في الفيلم ليست مجرد حدث غير مباشر، بل هي الشخصية الخفية التي تؤثر على كل شيء. يظل أثرها واضحاً في كل تفصيل من تفاصيل الفيلم: من ملامح الأبطال إلى الأماكن التي يمرون بها. تُظهر كعدان ببراعة كيف تؤثر الحرب على حياة الأفراد، من خلال نظرات الناس وعلاقاتهم اليومية التي أصبحت تُختصر في معركة من أجل البقاء.
خاتمة
“اليوم الذي فقدت فيه ظلي” هو فيلم لا يقدم فقط سرداً لحكاية مؤثرة، بل يبعث برسالة إنسانية عميقة عن النضال من أجل الحياة في ظل المعاناة. لا يقتصر الفيلم على أن يكون مجرد انعكاس للحرب، بل هو دعوة لفهم معاناة الإنسان في أصعب ظروفه.
من خلال تصوره لحياة أم سورية في دمشق تحت القصف والدمار، يعكس الفيلم بشكل فني الهموم الإنسانية التي تتجاوز حدود المكان والزمان، ليصل إلى قلب كل من يعايش الحروب والصراعات في العالم.