السعرات الحرارية: تعريفها وأهميتها وتأثيرها على الجسم
تعتبر السعرات الحرارية من المفاهيم الأساسية في علم التغذية والصحة، فهي تعبر عن كمية الطاقة التي يحصل عليها الجسم من تناول الطعام والشراب. تُعد الطاقة التي توفرها السعرات الحرارية ضرورية لجميع العمليات الحيوية التي يقوم بها الجسم، بدءاً من التنفس، وضخ الدم، إلى الحركة والنشاط البدني. فهم السعرات الحرارية وكيفية تأثيرها على جسم الإنسان من الأمور الحيوية للحفاظ على الصحة العامة، والوقاية من الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى التحكم في الوزن.
تعريف السعرات الحرارية
السعرات الحرارية هي وحدة قياس للطاقة، تُستخدم في علوم التغذية لوصف كمية الطاقة التي تحتويها الأغذية والمشروبات. يمكن تعريف السعرات الحرارية بأنها مقدار الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة جرام واحد من الماء بمقدار درجة مئوية واحدة تحت ظروف ضغط محددة. في التغذية، تُستخدم كلمة “سعرات حرارية” للإشارة إلى “كيلوكالوري” أي ألف وحدة حرارية، وهي الوحدة التي تقيس الطاقة التي يمنحها الطعام للجسم.
مصدر السعرات الحرارية في الغذاء
تأتي السعرات الحرارية من المغذيات الكبرى في الطعام وهي:
-
الكربوهيدرات: توفر 4 سعرات حرارية لكل جرام. توجد الكربوهيدرات في الحبوب، الخضروات، الفواكه، والسكريات.
-
البروتينات: توفر أيضاً 4 سعرات حرارية لكل جرام. تتواجد في اللحوم، الأسماك، البيض، ومنتجات الألبان، والبقوليات.
-
الدهون: تعتبر أغنى مصادر الطاقة، حيث توفر 9 سعرات حرارية لكل جرام. توجد في الزيوت، المكسرات، اللحوم الدهنية، والأفوكادو.
-
الكحول: رغم أنه ليس مغذياً، يوفر 7 سعرات حرارية لكل جرام.
أهمية السعرات الحرارية في الجسم
يحتاج الجسم إلى السعرات الحرارية لتوفير الطاقة التي تمكنه من أداء وظائفه الحيوية والنشاطات اليومية. فعندما يستهلك الإنسان سعرات حرارية أكثر من احتياجه، يتم تخزين الفائض على شكل دهون في الجسم، مما يؤدي إلى زيادة الوزن والسمنة. أما عند استهلاك سعرات حرارية أقل من المطلوب، يبدأ الجسم في استخدام مخزون الدهون للحصول على الطاقة، مما يؤدي إلى فقدان الوزن.
السعرات الحرارية تلعب دوراً أساسياً في:
-
الحفاظ على درجة حرارة الجسم: الطاقة ضرورية لتوليد الحرارة والحفاظ على حرارة الجسم ضمن نطاقها الطبيعي.
-
النمو والتجدد الخلوي: تساعد الطاقة في بناء وتجديد الخلايا والأنسجة.
-
الوظائف الحيوية: مثل ضخ القلب، التنفس، حركة الأمعاء، وتنظيم العمليات الكيميائية داخل الجسم.
احتياجات الجسم من السعرات الحرارية
تختلف الاحتياجات من السعرات الحرارية باختلاف العمر، الجنس، الوزن، الطول، ومستوى النشاط البدني. كما تتغير هذه الاحتياجات في حالات خاصة مثل الحمل، الرضاعة، أو أثناء التعافي من مرض.
فيما يلي متوسط الاحتياجات اليومية للسعرات الحرارية:
| الفئة العمرية والجنس | الاحتياجات اليومية التقريبية (سعرات حرارية) |
|---|---|
| الأطفال (2-8 سنوات) | 1000 – 1400 |
| الذكور البالغون | 2000 – 3000 |
| الإناث البالغات | 1600 – 2400 |
| كبار السن | 1600 – 2200 |
تأثير السعرات الحرارية على الصحة والوزن
السعرات الحرارية هي العامل الأساسي في توازن الطاقة في الجسم، وهو التوازن بين الطاقة التي يستهلكها الجسم والطاقة التي يكتسبها من الغذاء. توازن الطاقة له تأثير مباشر على الوزن وصحة الجسم.
-
زيادة السعرات الحرارية: يؤدي استهلاك سعرات حرارية أكثر مما يحتاج الجسم إلى تخزين الطاقة الزائدة على شكل دهون، مما يسبب زيادة الوزن والسمنة التي ترتبط بارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب، السكري، وارتفاع ضغط الدم.
-
نقص السعرات الحرارية: تناول سعرات حرارية أقل من الحاجة يؤدي إلى فقدان الوزن، لكنه قد يسبب نقص الطاقة، ضعف المناعة، وفقدان الكتلة العضلية إذا استمر لفترة طويلة.
-
توازن السعرات الحرارية: تناول السعرات الحرارية المناسبة يسمح بالحفاظ على وزن صحي، وتحسين الأداء البدني، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
كيفية حساب السعرات الحرارية
تستخدم عدة طرق لحساب السعرات الحرارية التي يحتاجها الإنسان يومياً، من أبرزها معادلات تعتمد على البيانات الشخصية ومستوى النشاط البدني، مثل معادلة هاريس بنديكت التي تعد الأكثر شيوعاً. تشمل خطوات الحساب:
-
حساب معدل الأيض الأساسي (BMR): وهو الحد الأدنى من السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم للبقاء على قيد الحياة في حالة راحة تامة.
-
تعديل معدل الأيض وفق النشاط البدني: حيث يتم ضرب معدل الأيض الأساسي بمعامل يعبر عن مستوى النشاط اليومي (خامل، معتدل، نشيط).
معادلة هاريس بنديكت (للذكور):
BMR=88.362+(13.397×الوزنبالكيلوغرام)+(4.799×الطولبالسنتيمتر)−(5.677×العمربالسنوات)
معادلة هاريس بنديكت (للإناث):
BMR=447.593+(9.247×الوزنبالكيلوغرام)+(3.098×الطولبالسنتيمتر)−(4.330×العمربالسنوات)
بعد حساب معدل الأيض الأساسي، يتم ضرب الناتج بمعامل النشاط المناسب:
| مستوى النشاط | معامل النشاط |
|---|---|
| خامل (قليل النشاط) | 1.2 |
| نشاط خفيف | 1.375 |
| نشاط معتدل | 1.55 |
| نشاط عالي | 1.725 |
| نشاط مكثف جداً | 1.9 |
السعرات الحرارية وتأثيرها على الأمراض المزمنة
يرتبط تناول السعرات الحرارية بشكل مفرط أو غير متوازن بزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة عديدة. من أبرز هذه الأمراض:
-
السمنة: تراكم الدهون الناتج عن زيادة السعرات الحرارية يسبب السمنة التي تؤثر على جودة الحياة وتزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري.
-
داء السكري من النوع الثاني: الإفراط في تناول السعرات، خصوصاً من السكريات والكربوهيدرات المكررة، يسبب مقاومة الأنسولين وارتفاع مستوى السكر في الدم.
-
أمراض القلب والأوعية الدموية: السمنة وارتفاع مستويات الدهون في الدم تزيد من احتمال حدوث ارتفاع ضغط الدم، انسداد الشرايين، وأمراض القلب.
-
مشاكل الكبد الدهني: استهلاك سعرات حرارية زائدة، خاصة من الدهون والسكريات، يؤدي إلى تراكم الدهون في الكبد.
كيف تؤثر جودة السعرات الحرارية على الصحة
ليس فقط كمية السعرات الحرارية هي المهمة، بل نوعية هذه السعرات تلعب دوراً مهماً في الصحة العامة. السعرات المستمدة من الأطعمة الغنية بالفيتامينات، المعادن، والألياف تعزز الصحة بينما السعرات الفارغة من السكريات المكررة والدهون غير الصحية قد تؤدي إلى سوء التغذية وأمراض متعددة.
أمثلة على مصادر السعرات الحرارية الصحية:
-
الحبوب الكاملة
-
الخضروات والفواكه الطازجة
-
البروتينات قليلة الدسم مثل الدجاج، الأسماك، والبقوليات
-
الدهون الصحية مثل زيت الزيتون، المكسرات، والأفوكادو
مصادر السعرات الحرارية غير الصحية:
-
الأطعمة السريعة والمقلية
-
المشروبات الغازية والعصائر المحلاة بالسكر
-
الحلويات والمخبوزات المصنعة
السعرات الحرارية والنشاط الرياضي
للرياضيين والناشطين بدنيًا، تعتبر مراقبة السعرات الحرارية أمراً حيوياً لتحقيق الأداء الأمثل. تحتاج أجسامهم إلى سعرات حرارية أكثر لدعم نمو العضلات وتجديد الطاقة المستهلكة خلال التمارين.
-
زيادة السعرات: ضرورية لبناء العضلات وتحسين القدرة على التحمل.
-
توزيع السعرات: يجب أن تتضمن نسبة مناسبة من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون لدعم الطاقة والتعافي.
-
التوقيت الغذائي: تناول وجبات متوازنة قبل وبعد التمارين يساعد في تحسين الأداء وتسريع الاستشفاء العضلي.
التحديات في فهم وإدارة السعرات الحرارية
تواجه الكثير من الناس صعوبات في فهم كيفية حساب السعرات الحرارية وتطبيقها على حياتهم اليومية بسبب عدة عوامل منها:
-
الاختلاف الكبير في احتياجات الأفراد
-
تأثير العوامل النفسية والاجتماعية على السلوك الغذائي
-
انتشار الأغذية المصنعة والغنية بالسعرات الفارغة
-
ضعف الوعي الغذائي وعدم القدرة على قراءة ملصقات المنتجات
التقنيات الحديثة في تتبع السعرات الحرارية
ظهرت في السنوات الأخيرة تطبيقات وأجهزة ذكية تساعد الأفراد على تتبع كمية السعرات الحرارية التي يستهلكونها يومياً. هذه الأدوات تعتمد على إدخال نوع وكميات الطعام المستهلك، ثم تقدير السعرات، مما يسهل التحكم في النظام الغذائي وتحقيق الأهداف الصحية.
الخلاصة
السعرات الحرارية تمثل حجر الأساس في علم التغذية، فهي الطاقة التي تدعم كل نشاطات الجسم الحيوية، من التنفس إلى الحركة والنمو. التحكم في تناول السعرات الحرارية بنوعيها وكمّيّتها يلعب دوراً محورياً في الحفاظ على وزن صحي والوقاية من الأمراض المزمنة. جودة السعرات تأتي في مقدمة أولويات النظام الغذائي الصحي، حيث يجب الاعتماد على مصادر غذائية غنية بالمغذيات ومعتدلة السعرات. كما أن فهم متطلبات الجسم اليومية للطاقة، باستخدام الأدوات العلمية والمعادلات الحسابية، يمكن أن يساهم في تحسين الصحة العامة وتعزيز الأداء البدني والنفسي.
المراجع:
-
Gropper, S. S., Smith, J. L. (2020). Advanced Nutrition and Human Metabolism. Cengage Learning.
-
WHO. (2021). Healthy diet. World Health Organization. https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/healthy-diet

