الهجوم الشتوي، المعروف أيضًا بـ “الهجوم الشتوي السوفيتي”، كان حدثاً استراتيجياً مهماً في الحرب العالمية الثانية، حيث شهدت الفترة من الأول من ديسمبر 1939 حتى الثلاثين من مارس 1940 تطورات مهمة في المسرح الشرقي للصراع العالمي. تمثل هذه الفترة لحظة تحول في الحروب الأوروبية، حيث شهدت عمليات عسكرية مكثفة بين القوات السوفيتية والقوات الفنلندية خلال الحرب الشتوية، وهي فترة من التكتيكات العسكرية المتقدمة والاستراتيجيات الهجومية.
تمثل هذه الفترة الأشهر الأولى من الحرب الشتوية واحدة من أكثر الفترات دراسة وتحليل في تاريخ الحروب العالمية، حيث اندلعت معارك عنيفة على الأراضي الفنلندية بين القوات السوفيتية الضخمة والجيش الفنلندي الصغير ولكن الفعال. وقد اشتهرت هذه الحرب بشراسة الطقس والظروف القاسية التي تعرضت لها القوات في ظل درجات الحرارة المتجمدة والثلوج الكثيفة والمناخ القاسي للغاية في شمال أوروبا خلال فصل الشتاء.
تأتي أهمية الهجوم الشتوي في تحديد مسار الحرب في المنطقة، حيث أظهرت الاشتباكات بين القوات السوفيتية والفنلندية قدرة الأخيرة على المقاومة والتصدي للهجوم الضخم الذي شنته القوات السوفيتية. بالرغم من الفارق الكبير في العتاد والأفراد بين الطرفين، إلا أن الفنلنديين استطاعوا أن يظهروا للعالم بأنهم قوة مقاومة لا يجب التهاون معها.
وتجلى أثر هذا الهجوم في إثارة اهتمام الدول الأخرى في أوروبا وخارجها، حيث أدى إلى تقدير جديد لقوة القوات الفنلندية ولقدرتها على الصمود أمام التحالف السوفيتي الضخم، مما أدى في نهاية المطاف إلى انسحاب الاتحاد السوفيتي من الصراع بعد توقيع اتفاقية السلام بين الطرفين في مارس 1940.
إن الهجوم الشتوي يمثل درساً تاريخياً مهماً في قوة الإرادة والتصميم في وجه الظروف الصعبة، وكذلك في قدرة الدفاع عن الأرض والوطن حتى في أصعب الظروف، وهو ما جعله محط اهتمام العديد من الدارسين والمحللين في مجال العسكرية والتاريخ.