النظر إلى الوراء: رؤية بيلامي لمستقبل يوتوبي

“النظر إلى الوراء” (إصدارات دوفير للكتب الرخيصة) – إدوارد بيلامي

تُعدّ رواية “النظر إلى الوراء” من أبرز الأعمال الأدبية التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر، حيث نُشرت لأول مرة في عام 1888. كتبها إدوارد بيلامي، وتُعدّ واحدة من أكثر الروايات شعبية في عصرها، والتي تُرجمت إلى أكثر من عشرين لغة، مما يعكس تأثيرها الواسع على الفكر الاجتماعي والسياسي في ذلك الوقت. من بين الأشخاص الذين تأثروا بهذه الرواية المفكرين البارزين مثل جون ديوي، وثورستين فيبلين، ويوجين في. ديبس، ونورمان توماس.

تبدأ الرواية بقصة جوليان ويست، وهو شاب بوسطنوي يُوضع في حالة نوم مغناطيسي في أواخر القرن التاسع عشر، ليُفاجأ بعد ذلك بالاستيقاظ في العام 2000. يجد ويست نفسه في مجتمع يوتوبي اشتراكي، حيث اكتشف من خلال المحادثات مع الطبيب الذي أيقظه، رؤية مذهلة لمستقبل مثالي كان يبدو غير قابل للتصور في زمنه.

تتضمن الرؤية التي قدمها بيلامي في روايته تنبؤات جريئة تتجاوز حدود خياله في تلك الحقبة، حيث تنبأ بوجود وسائل الإعلام مثل الراديو والتلفاز والأفلام المتحركة، فضلًا عن بطاقات الائتمان والممرات المخصصة للمشاة المغطاة. يبدو أن بيلامي قد صاغ تصوره لمجتمع مثالي حيث تختفي الجرائم والحروب والأحقاد الشخصية والفقر. كما يتسم المجتمع بالمساواة بين الجنسين، ويُمارس فيه الحب الأخوي بشكل مطلق.

من الناحية الأدبية، يُعتبر “النظر إلى الوراء” رواية مليئة بالإثارة والتفكير العميق، مما يجعلها دراسة مثيرة للمجتمع البشري كما هو وكما يمكن أن يكون. تثير الرواية تساؤلات حول إمكانية تحقيق مثل هذا المجتمع المثالي، وتطرح نقدًا حادًا للمجتمع الذي كان يعيش فيه بيلامي. تُعَدُّ هذه الرواية دراسة مثيرة عن الطموحات الاجتماعية والتقدم التكنولوجي والعدالة الاجتماعية في سياق خيالي.

تُقدّم “النظر إلى الوراء” تجربة قراءة تجمع بين التسلية والتفكير النقدي، وهي لا تزال تحظى بمتابعة واهتمام كبيرين حتى اليوم بفضل أسلوبها المتقن ورؤيتها الطموحة. تستمر الرواية في إثارة الجدل والنقاش حول الأفكار التي طرحتها، مما يجعلها من الأعمال الأدبية التي تساهم في حوار مستمر حول التغيير الاجتماعي والتقدم البشري.