النسوية في السبعينات: فيلم وثائقي

فيلم “Feminists: What Were They Thinking?” – استكشاف لحركة النسوية في السبعينات

في عالم يتزايد فيه الوعي بالعدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين، يبرز فيلم “Feminists: What Were They Thinking?” كواحد من الأعمال الوثائقية التي تسلط الضوء على جانب مهم في تاريخ الحركة النسوية، وتتناول رحلة النساء اللاتي ألهمن هذا التحول المجتمعي. الفيلم من إخراج “جوهانا ديمتراكس” والذي أُطلق في 12 أكتوبر 2018، يعيدنا إلى السبعينات ويأخذنا في رحلة عبر صور أرشيفية تلتقط لحظات من التحول الاجتماعي والتاريخي، ثم يستعرض حياة النساء اللواتي كن في طليعة هذه الحركة.

فكرة الفيلم: العودة إلى السبعينات

“Feminists: What Were They Thinking?” يعيد النظر في مجموعة من الصور الشهيرة التي التقطت في السبعينات والتي وثقت لحظة صحوة نسوية، حيث كان الكثير من النساء يجرون ثورة في حياتهم الشخصية والمهنية والسياسية. هذه الصور لم تكن مجرد لحظات عابرة، بل كانت تتويجًا لحركة نسوية متنامية كانت تدعو إلى المساواة والحقوق المدنية والسياسية للنساء.

الفيلم لا يقتصر فقط على استعراض هذه الصور، بل يذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يُجري مقابلات مع عدد من هؤلاء النساء اللواتي شَكَّلَت حياتهن تلك الحقبة. من خلال هذه المقابلات، يعكف الفيلم على دراسة كيفية تأثير هذه اللحظات في حياتهن الشخصية وكيف ساعدت تلك اللحظة التاريخية في تشكيل حياتهن المهنية ومواردهن الفكرية.

التوجه النسوي في السبعينات: ثورة بدأت من الداخل

كانت السبعينات عقدًا حاسمًا في مسار الحركة النسوية، خاصة في الولايات المتحدة، حيث شهدت تلك الفترة تزايدًا في الوعي النسوي بشكل كبير. في هذه الفترة، بدأت النساء في رفع أصواتهن بشكل علني للمطالبة بالمساواة في الأجور، الحق في التعليم والعمل، وحقوقهن في الحصول على العلاج الطبي. كانت هذه الفترة بمثابة نقطة تحول حاسمة دفعت الكثيرات للخروج من الأدوار التقليدية المرسومة للنساء في المجتمع، مما فتح أمامهن آفاقًا جديدة.

في الفيلم، يتم تسليط الضوء على العديد من القصص النسائية التي كانت في طليعة هذه الثورة. النسوة اللواتي لم يكتفين بمطالبة المجتمع بالعدالة والمساواة، بل عملن أيضًا على تغييره من الداخل. كل صورة في الفيلم تحكي قصة عن كفاح، أمل، وطموح لم يكن مستحيلاً بالنسبة لهن.

الفيلم كمصدر إلهام للمشاهدين

من خلال المقابلات واللقطات الأرشيفية، يساهم فيلم “Feminists: What Were They Thinking?” في إعادة تقديم بعض القصص التي قد تكون غابت عن العديد من الأشخاص، سواء كانوا من الجيل السابق أو الحالي. كما يفتح النقاش حول التحديات المستمرة التي تواجهها النساء في الحصول على المساواة الحقيقية في العالم اليوم. رغم التقدم الكبير الذي تحقق في بعض البلدان، لا يزال هنالك العديد من المجالات التي تحتاج إلى تغييرات جذرية في السياسات والتشريعات لضمان أن الحقوق التي ناضلت من أجلها هذه النسوة لن تضيع.

رسالة الفيلم: الحاجة المستمرة للتغيير

أحد المحاور الأساسية التي يسلط عليها الفيلم الضوء هو أن الحركة النسوية لم تكن مجرد رد فعل على الظلم الاجتماعي في تلك الفترة، بل كانت نضالًا مستمرًا من أجل تحسين وضع المرأة في جميع جوانب الحياة. رغم العديد من الإنجازات التي تحققت في السبعينات، يواصل الفيلم التأكيد على أن هناك الكثير مما يجب تغييره في المجتمعات المعاصرة. الصور التي يتم استعراضها في الفيلم ليست مجرد توثيق لحظات من الماضي، بل هي دعوة للتفكير في الحاضر والمستقبل.

إن رؤية نساء السبعينات يملأن الشاشة بهنَّتِهنَّ وطموحاتهنَّ يعكس قوة لا يستهان بها. هذا الفيلم ليس فقط تاريخًا نسويًا، بل هو أيضًا دعوة للعمل من أجل جيل جديد من النساء اللاتي يستحقن أن يُسمع لهنَّ ويُحترم حقوقهنَّ.

السياق الفني

مدة الفيلم تبلغ 86 دقيقة، ويصنف ضمن فئة الأفلام الوثائقية والأفلام المخصصة للمجتمع المثلي. من خلال هذا السياق، يُظهر الفيلم كيف أن الحركة النسوية تتداخل مع قضايا المساواة لجميع الأفراد، بغض النظر عن ميولهم الجنسية. كما يتميز الفيلم بجو من التأمل العميق في كيفية تأثير الصور والتصوير الفوتوغرافي على تشكيل الذكريات الجماعية وكيف يمكن أن يكون للفن دور كبير في التغيير الاجتماعي.

إضافة إلى ذلك، يصنف الفيلم تحت تصنيف “TV-MA”، مما يعني أنه موجه للجمهور البالغ. هذا التصنيف يؤكد على المواضيع الجادة التي يناقشها الفيلم، والتي تتطلب نوعًا من النضج الفكري والفهم العميق للتاريخ الاجتماعي والسياسي.

في الختام

“Feminists: What Were They Thinking?” ليس مجرد فيلم وثائقي عن النسوية أو مجرد استعراض لحركة تاريخية. إنه دعوة للتفكير في الحاضر والمستقبل، وتحفيزنا على الإيمان بأن التغيير الحقيقي يتطلب العمل المستمر والتفاني في المطالبة بالمساواة والعدالة لجميع أفراد المجتمع. في كل صورة، في كل قصة، وفي كل لحظة في الفيلم، يتم التأكيد على أن النضال من أجل حقوق النساء لم ينتهِ بعد، بل هو مسار مستمر يحتاج إلى التزام وشجاعة من الأجيال الحالية والمقبلة.

المصادر:

• “Feminists: What Were They Thinking?” فيلم وثائقي من إخراج جوهانا ديمتراكس، 2018.