آيات عن النساء في القرآن الكريم
القرآن الكريم هو الكتاب الذي أنزله الله سبحانه وتعالى ليكون هداية للإنسانية جمعاء، ويحتوي على العديد من الآيات التي تتعلق بالنساء، بداية من خلقهن، مرورا بحقوقهن، وواجباتهن، وتوجيهات الله لهن في مختلف الجوانب الحياتية. وبالرغم من أنه لم يتحدث عن النساء بمعزل عن الرجال، بل كانت غالبية الآيات تهدف إلى مخاطبة البشرية بشكل عام، فإن القرآن خص النساء ببعض الآيات التي تبرز دورهن في المجتمع وحقوقهن التي كفلها الله.
أولاً: خلق النساء ومكانتهن في القرآن الكريم
أولى القرآن الكريم اهتمامًا بالغًا بمسألة الخلق، وأشار إلى أن الإنسان خُلق من نفس واحدة، وتخصيصًا للمرأة قال تعالى: “وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا” (النساء: 1). وهذا يبين أن المرأة خُلقت من نفس الرجل، ما يعكس فكرة التكامل بين الرجل والمرأة في الحياة، حيث لا يمكن الاستغناء عن أحدهما للآخر. وتأتي هذه الآية لتؤكد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في أصل الخلق، وأنهما متساويان في الكرامة الإنسانية.
وفي سورة آل عمران، يذكر الله تعالى كيف أن المرأة شُيِّدت من الأساس ليكون لها دور كبير في الحياة الإنسانية: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ خَلْقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ” (آل عمران: 195). في هذا التذكير، يظهر المبدأ الإنساني العظيم الذي يعترف بأن الرجل والمرأة مخلوقان من نفس الأصل، مما يجعل علاقتهما متينة ومتوازنة.
ثانيًا: حقوق النساء في الإسلام
القرآن الكريم أولى المرأة حقوقًا عظيمة في مجالات عدة، وأكد على ضرورة حفظ هذه الحقوق، ابتداءً من حقها في الحياة، وصولاً إلى حقها في التربية والتعليم والعمل.
-
حق الحياة: في الآية “وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ” (النحل: 58) يذكر الله تعالى كيف كان العرب في الجاهلية يظنون أن إنجاب البنات عارًا، في حين أن الإسلام جاء ليؤكد أن البنات نعمة من الله سبحانه وتعالى. وقد جاء في القرآن الكريم العديد من الآيات التي توضح أن الحياة الإنسانية، سواء كان الفرد رجلًا أو امرأة، هي حق مكفول من الله.
-
الحقوق المالية للنساء: الإسلام منح المرأة حقوقًا مالية لم تكن متوفرة لها في الكثير من الثقافات السابقة. على سبيل المثال، في الآية: “لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكُ” (النساء: 7)، جاء التأكيد على أن المرأة لها نصيب من الميراث، وهو حق ثابت لا يتجاوز عليه أحد. كما أن القرآن أكد على أن المرأة هي صاحبة حق التصرف في مالها دون أن يكون لأحد الحق في انتزاعه منها.
-
الحق في الزواج والطلاق: في القرآن الكريم أيضًا العديد من الآيات التي تناولت مسألة الزواج وحقوق المرأة فيه. يقول الله تعالى في سورة النساء: “وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَىٰ مُؤْمِنِينَ بِالْمَعْرُوفِ” (النساء: 19). هذه الآية تدعو إلى معاملة النساء بالرفق والعدل في الزواج. كما أن الإسلام أقر حق المرأة في طلب الطلاق في الحالات التي تحتاج فيها لذلك، كما جاء في قوله تعالى: “فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَا يُقِيمَانِ حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِي مَا تَفَادَىٰ” (البقرة: 229).
ثالثًا: النساء في مواقف عظيمة في القرآن الكريم
-
النساء الصالحات: في القرآن الكريم، يذكر الله تعالى النساء اللواتي ضربن أمثلة في الطاعة والصبر. أبرزهن مريم العذراء التي اختارها الله لتكون أمًا لرسول الله عيسى عليه السلام، فيقول الله تعالى: “وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ” (آل عمران: 45). وقد قدّر القرآن دورها العظيم وقدرتها على التحمل والتسليم.
-
النساء المحسنات: في الآية: “إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ” (الأحزاب: 35) هذه الآية تشمل النساء المؤمنات اللواتي قمن بكل أعمال الخير من صلاة وصوم وصبر على المكاره، ليكونن نموذجًا يحتذى به في المجتمع الإسلامي.
-
النساء في مواقع القيادة: بالرغم من أن القرآن لم يخص النساء بأدوار القيادة العامة في الدولة، إلا أنه ذكر العديد من النساء اللواتي تأثرن في قلوب المجتمع الإسلامي وأدائهن القيادي. ومن أبرز النساء اللواتي تم ذكرهن في هذا السياق هي بلقيس ملكة سبأ، التي تظهر في القرآن في قصة مشهورة مع نبي الله سليمان عليه السلام. في الآية “قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَؤُا إِنِّي أُلْقِي إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ” (النمل: 29)، يظهر حكمة وقيادة هذه الملكة التي برعت في اتخاذ القرار.
رابعًا: تعليم النساء ومكانتهن في القرآن
القرآن الكريم جاء ليؤكد على أهمية التعليم لكافة أفراد المجتمع بغض النظر عن جنسهم. ففي الآية الكريمة: “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ” (المجادلة: 11)، يظهر أن الله تعالى يرفع المؤمنين والعلماء في الدنيا والآخرة، مما يدل على ضرورة العلم سواء للرجال أو للنساء. الإسلام لم يحدد تعليم النساء أو عملهن في نطاق ضيق، بل فتح أمامهن أبواب العلم والعمل الشريف.
خامسًا: مسألة الحجاب في القرآن الكريم
واحدة من المسائل التي شغلت الكثير من النقاش في السياقات الحديثة هي مسألة الحجاب. في القرآن، يُعتبر الحجاب جزءًا من الحفاظ على عفة المرأة وكرامتها. حيث يقول الله تعالى في سورة النور: “وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ” (النور: 31). هذه الآية تشرح أن الحجاب ليس مجرد تغطية الجسم، بل هو مظهر من مظاهر حفظ العفة والطهارة في المجتمع الإسلامي.
خاتمة
تتضح من الآيات التي تناولت النساء في القرآن الكريم مكانة عظيمة للمرأة، فهي ليست فقط مخلوقة من نفس واحدة مع الرجل، بل لها حقوق كبيرة وواجبات مهمة. يتجلى ذلك في العديد من المواقف القرآنية التي تبرز دور النساء في الحياة البشرية، سواء في المجال العائلي أو الاجتماعي أو الروحي.
