النزلة المعوية عند الأطفال.. أخطر أمراض الصيف
تُعد النزلة المعوية من أكثر الأمراض التي تصيب الأطفال شيوعًا خلال فصل الصيف، وتُمثل خطرًا صحيًا حقيقيًا إذا لم تُعالج بسرعة وكفاءة. يعود ذلك إلى أن هذا المرض يترافق مع فقدان كبير للسوائل والأملاح، ما يعرّض الطفل لخطر الجفاف والمضاعفات المرتبطة به. وتُعرف النزلة المعوية بأنها حالة التهابية تُصيب المعدة والأمعاء الدقيقة والغليظة، وتنجم غالبًا عن عدوى فيروسية أو بكتيرية أو طفيلية، وقد تحدث أيضًا بسبب تناول أطعمة ملوثة أو مياه غير صالحة للشرب، وهي أكثر شيوعًا خلال أشهر الصيف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وزيادة فرص تلوث الطعام والماء.
العوامل المسببة للنزلة المعوية في الصيف
تتعدد أسباب النزلة المعوية وتزداد حدتها خلال أشهر الصيف نتيجة التغيرات البيئية والعادات الغذائية الموسمية. من أبرز هذه العوامل:
1. الفيروسات
تُعد الفيروسات السبب الأكثر شيوعًا للنزلات المعوية عند الأطفال، خصوصًا فيروس الروتا (Rotavirus) الذي يُصيب الأطفال دون سن الخامسة، وفيروس النورو (Norovirus) الذي يصيب الأطفال والكبار على حد سواء.
2. البكتيريا
من أبرز أنواع البكتيريا التي تسبب النزلة المعوية: الإشريكية القولونية (E. coli)، السالمونيلا، الشيغيلا، والكمبيلوباكتر. تنتقل هذه البكتيريا عن طريق تناول طعام أو شراب ملوث أو من خلال ملامسة أسطح ملوثة.
3. الطفيليات
الجيارديا والاميبا من الطفيليات الشائعة في البلدان ذات أنظمة الصرف الصحي السيئة، وتنتقل عبر المياه الملوثة أو الأيدي غير النظيفة.
4. عادات النظافة السيئة
عدم غسل اليدين بعد استخدام الحمام أو قبل تناول الطعام من أكثر العوامل التي تسهل انتقال العدوى.
5. تناول الأغذية الفاسدة
خلال الصيف، تتعرض الأطعمة للتلف السريع نتيجة ارتفاع الحرارة، ويُعد حفظ الطعام بطريقة غير صحيحة من الأسباب الرئيسية لحدوث العدوى المعوية.
الأعراض السريرية للنزلة المعوية عند الأطفال
تظهر أعراض النزلة المعوية بسرعة بعد العدوى وقد تختلف في حدتها بحسب المسبب وعمر الطفل وحالته الصحية العامة. أهم الأعراض تشمل:
-
الإسهال المائي المتكرر، والذي قد يكون مصحوبًا بالمخاط أو الدم في بعض الحالات البكتيرية
-
القيء والغثيان
-
ارتفاع في درجة الحرارة
-
آلام وتقلصات في البطن
-
فقدان الشهية
-
الضعف العام والخمول
-
أعراض الجفاف مثل جفاف الفم، قلة التبول، البكاء بدون دموع، فقدان مرونة الجلد
يُعد الجفاف من أخطر مضاعفات النزلة المعوية، وهو السبب الرئيسي في دخول الأطفال المصابين بها إلى المستشفيات.
مراحل الجفاف عند الأطفال المصابين بالنزلة المعوية
| درجة الجفاف | العلامات السريرية | الخطورة |
|---|---|---|
| خفيف | عطش بسيط، جفاف في الشفاه | يحتاج إلى تعويض السوائل بالفم |
| متوسط | قلة البول، خمول، عيون غائرة | يتطلب ملاحظة طبية دقيقة |
| شديد | فقدان وعي، جلد بارد، انخفاض ضغط الدم | حالة طارئة تستدعي التدخل العاجل |
تشخيص النزلة المعوية
يعتمد التشخيص على تقييم الأعراض السريرية والفحص البدني للطفل، وقد يطلب الطبيب إجراء بعض الفحوصات لتحديد نوع العدوى:
-
تحليل البراز (لتحديد وجود الفيروسات أو البكتيريا أو الطفيليات)
-
فحص الجفاف السريري
-
أحيانًا تحاليل الدم لقياس نسبة الإلكتروليتات والوظائف الحيوية
العلاج والتدابير الطبية
لا تحتاج النزلة المعوية الفيروسية في معظم الحالات إلى أدوية مضادة، ويكون العلاج الأساسي هو تعويض السوائل ومراقبة الحالة. أما في الحالات البكتيرية أو الطفيلية فقد يُحتاج إلى استخدام مضادات حيوية أو أدوية مضادة للطفيليات حسب تشخيص الطبيب.
خطوات علاج النزلة المعوية:
-
تعويض السوائل والأملاح
-
يُستخدم محلول الإماهة الفموية (ORS) في حالات الجفاف الخفيف والمتوسط.
-
في حالات الجفاف الشديد قد يُعطى الطفل سوائل عن طريق الوريد داخل المستشفى.
-
-
مراقبة الحالة العامة للطفل
-
مراقبة عدد مرات التبول، وحالة الوعي، ودرجة الحرارة.
-
-
الراحة وتوفير بيئة آمنة
-
يجب إبقاء الطفل في مكان هادئ وبارد ومناسب للراحة.
-
-
إعطاء غذاء مناسب
-
يمكن تقديم الأطعمة سهلة الهضم مثل الأرز المسلوق، البطاطا، الموز، اللبن، والخبز المحمص بعد توقف القيء.
-
يجب تجنب العصائر الصناعية والمشروبات الغازية.
-
-
استخدام الأدوية عند الضرورة
-
مضادات التقلصات أو خافضات الحرارة بعد استشارة الطبيب.
-
لا يُنصح باستخدام أدوية وقف الإسهال للأطفال إلا في حالات نادرة وتحت إشراف طبي.
-
متى تستدعي النزلة المعوية زيارة الطبيب فورًا؟
-
استمرار القيء لأكثر من 6 ساعات
-
إسهال دموي أو مخاطي
-
حرارة تتجاوز 39 درجة مئوية
-
علامات جفاف واضحة
-
فقدان وعي أو تهيج مفرط
الوقاية من النزلة المعوية في الصيف
الوقاية دائمًا خير من العلاج، وتزداد أهمية التدابير الوقائية في مواسم انتشار النزلات المعوية، خصوصًا في البيئات الحارة والرطبة التي تُسرّع من تلوث الأغذية والمياه. تشمل الإجراءات الوقائية:
1. النظافة الشخصية
-
غسل اليدين بالماء والصابون قبل الأكل وبعد استخدام الحمام.
-
تعليم الأطفال أساسيات النظافة الشخصية منذ الصغر.
2. سلامة الأغذية
-
حفظ الطعام في درجات حرارة مناسبة.
-
تجنب تناول الأطعمة المكشوفة أو من الباعة المتجولين.
-
التأكد من طهي الطعام جيدًا، وخاصة اللحوم والدواجن.
3. سلامة المياه
-
استخدام المياه المعقمة أو المغلية للشرب.
-
تجنب استخدام الثلج المصنوع من ماء غير نقي.
4. التطعيم
-
تطعيم الأطفال بلقاح فيروس الروتا الذي يُعتبر فعالًا في الوقاية من النزلة المعوية الفيروسية.
5. تجنب الازدحام والتجمعات
-
خاصة خلال فترات انتشار العدوى، يُفضل تقليل مشاركة الأطفال في أماكن مزدحمة.
مضاعفات النزلة المعوية غير المعالجة
قد تتطور النزلة المعوية إلى مضاعفات خطيرة في حال لم يتم التعامل معها بشكل صحيح وسريع، وتشمل:
-
الجفاف الحاد والموت في الحالات الشديدة
-
الفشل الكلوي المؤقت نتيجة فقدان السوائل
-
التهابات مجرى الدم في حال انتشار البكتيريا
-
نقص في المعادن والفيتامينات بسبب فقدان الامتصاص
-
تأخر النمو في حال تكرار النزلات المعوية المزمنة
النزلة المعوية في البلدان ذات المناخ الحار
تشهد البلدان ذات المناخ الحار، وخاصة تلك التي تعاني من ضعف في شبكات الصرف الصحي وتلوث المياه، معدلات مرتفعة من الإصابات بالنزلات المعوية. ويمثل الأطفال دون سن الخامسة الفئة الأكثر عرضة، نتيجة ضعف الجهاز المناعي وعدم اكتمال النمو الفسيولوجي للجهاز الهضمي لديهم. وتُظهر الدراسات أن النزلة المعوية تُعد من الأسباب الرئيسية للوفيات بين الأطفال في هذه الدول، مما يُبرز الحاجة لتكثيف الجهود التوعوية والطبية.
الاستراتيجيات الصحية العامة للحد من النزلات المعوية
-
تطوير أنظمة مراقبة الجودة وسلامة الأغذية.
-
تحسين شبكات الصرف الصحي وتوفير مياه شرب نظيفة.
-
توعية الأمهات بمخاطر النزلات المعوية وطرق الوقاية منها.
-
تعزيز ثقافة اللقاحات الوقائية.
-
دعم مراكز الرعاية الصحية الأولية بأدوات التشخيص والعلاج المناسبة.
الخلاصة
النزلة المعوية من أبرز التهديدات الصحية الموسمية للأطفال، خصوصًا في فصل الصيف، وتكمن خطورتها في قدرتها على التسبب بجفاف حاد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تهدد الحياة. يتطلب التعامل مع النزلة المعوية وعيًا صحيًا شاملاً يتضمن التشخيص السريع، العلاج المناسب، والوقاية عبر ممارسات النظافة وسلامة الغذاء والماء. وتُعد الوقاية العامل الحاسم في تقليل نسب الإصابات والوفيات، ما يجعل التثقيف الصحي ضرورة قصوى في المجتمعات، خاصة في البيئات الحارة والأكثر عرضة لتفشي العدوى.
المراجع:
-
WHO – Diarrhoeal disease fact sheet (https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/diarrhoeal-disease)
-
CDC – Norovirus and Rotavirus information (https://www.cdc.gov/norovirus/index.html)

