هل النرجيلة أقل خطرًا من السجائر العادية؟
تعد النرجيلة، أو الشيشة كما يطلق عليها في بعض الدول العربية، من العادات الاجتماعية الشائعة في العديد من الثقافات حول العالم. في السنوات الأخيرة، أصبحت موضوعًا للعديد من الدراسات الطبية والنقاشات العلمية بسبب المخاطر الصحية المرتبطة بها. يتساءل الكثيرون عما إذا كانت النرجيلة أقل ضررًا من السجائر العادية. للإجابة على هذا السؤال، من المهم أولًا أن نفهم كيفية تأثير النرجيلة والسجائر على الجسم.
1. مكونات الدخان في النرجيلة والسجائر
السجائر:
السجائر العادية تحتوي على التبغ الذي يتم حرقه لإنتاج الدخان الذي يستنشقه المدخن. يحتوي دخان السجائر على العديد من المواد السامة والمواد المسرطنة مثل القطران، أول أكسيد الكربون، والنيكوتين. علاوة على ذلك، يتضمن الدخان أيضًا أكثر من 7000 مادة كيميائية، منها أكثر من 70 مادة معروفة بأنها مسرطنة.
النرجيلة:
النرجيلة، على الرغم من أنها تتضمن تبغًا مماثلًا للسجائر، فإن طريقة تدخينها تختلف. عادة ما يتم تدخين النرجيلة عبر فم واسع عبر خرطوم موصول بماء، وهذا الماء يمر عبره الدخان. العديد من المدخنين يعتقدون أن مرور الدخان عبر الماء يساعد في تصفية المكونات الضارة. لكن، في الحقيقة، لا يقوم الماء بتصفية المواد السامة بشكل كبير. إن الدخان الذي يتم استنشاقه من النرجيلة يحتوي على العديد من نفس المواد السامة الموجودة في السجائر، بما في ذلك النيكوتين، القطران، وأول أكسيد الكربون.
2. المدة والكميات: الفرق بين النرجيلة والسجائر
السجائر:
تدخين السجائر عادة ما يكون سريعًا، حيث يدخن الشخص سيجارة واحدة في غضون 5-10 دقائق، مع استنشاق الدخان بشكل عميق. معظم المدخنين يستهلكون حوالي 10 إلى 20 سيجارة في اليوم، مما يعني تعرضًا يوميًا للمركبات السامة الموجودة في الدخان.
النرجيلة:
من ناحية أخرى، قد يستغرق تدخين النرجيلة وقتًا أطول من تدخين السيجارة. الجلسة يمكن أن تستمر من 30 دقيقة إلى ساعة. ولأن المدخن يستنشق كميات أكبر من الدخان في جلسة واحدة، فإن كمية السموم التي يتم استنشاقها قد تكون أكبر من تلك الموجودة في السجائر. على الرغم من أن البعض يعتقد أن تدخين النرجيلة بشكل أقل يعني تقليل المخاطر، إلا أن الدراسات تشير إلى أن تدخين نرجيلة واحدة يعادل تدخين عدة سجائر.
3. التأثير على الجهاز التنفسي
السجائر:
تؤدي السجائر إلى مجموعة واسعة من المشاكل الصحية المتعلقة بالجهاز التنفسي، بما في ذلك التهاب الشعب الهوائية المزمن، وانتفاخ الرئة، وزيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة. كما أن التدخين يؤثر على قدرة الرئتين في توفير الأوكسجين لجسم الإنسان، مما يساهم في صعوبة التنفس على المدى الطويل.
النرجيلة:
على الرغم من أن البعض يعتقد أن مرشح الماء يقلل من تأثير الدخان على الرئتين، إلا أن الدراسات العلمية أظهرت أن تدخين النرجيلة يؤدي أيضًا إلى مشاكل في الجهاز التنفسي. يمكن أن يسبب تدخين النرجيلة التهابًا في الشعب الهوائية، بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض تنفسية مزمنة وسرطان الرئة. وتظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين يدخنون النرجيلة يتعرضون للمزيد من أول أكسيد الكربون مقارنة بأولئك الذين يدخنون السجائر.
4. تأثير النرجيلة على صحة القلب والأوعية الدموية
السجائر:
التدخين هو عامل خطر رئيسي لأمراض القلب والأوعية الدموية. يحتوي دخان السجائر على أول أكسيد الكربون الذي يتحد مع الهيموغلوبين في الدم مما يقلل من قدرة الدم على نقل الأوكسجين إلى الأنسجة. كما أن النيكوتين يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية وزيادة ضغط الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
النرجيلة:
تؤدي النرجيلة إلى تأثيرات مماثلة على صحة القلب. فإن استنشاق الدخان من النرجيلة يسبب زيادة في مستويات أول أكسيد الكربون في الدم، وهو عامل يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. أيضًا، تحتوي نكهات التبغ التي تضاف إلى النرجيلة على مواد كيميائية قد تكون ضارة بصحة القلب.
5. التبغ في النرجيلة والسجائر: التأثيرات المماثلة
السجائر:
السجائر تحتوي على مادة النيكوتين التي تسبب الإدمان. النيكوتين يؤثر على الجهاز العصبي المركزي ويؤدي إلى زيادة إفراز الدوبامين، مما يعطي المدخن إحساسًا مؤقتًا بالمتعة والاسترخاء. لكن، مع مرور الوقت، يعتاد المدخن على النيكوتين مما يؤدي إلى زيادة الحاجة إلى السجائر.
النرجيلة:
النرجيلة أيضًا تحتوي على النيكوتين، الذي يؤدي إلى الإدمان بنفس الطريقة التي تحدثها السجائر. العديد من المدخنين الذين يعتقدون أن النرجيلة أقل ضررًا قد لا يدركون أنهم يتعرضون بنفس القدر من المخاطر بسبب النيكوتين.
6. دراسة مقارنة: النرجيلة والسجائر
أظهرت دراسات علمية أن تدخين النرجيلة يعرض الشخص لنفس المخاطر الصحية التي تتعرض لها المدخنون للسجائر. دراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية كشفت أن جلسة واحدة من تدخين النرجيلة قد تعرض المدخن إلى نفس كميات السموم التي يستهلكها شخص مدخن لـ100 سيجارة في وقت واحد. وتُظهر دراسات أخرى أن المدخنين للنرجيلة قد يعانون من التسمم بأول أكسيد الكربون، زيادة ضغط الدم، وتدهور وظائف الرئة على غرار المدخنين للسجائر.
7. التوعية والمفاهيم الخاطئة
الفهم العام:
لا يزال الكثيرون يعتقدون أن تدخين النرجيلة أقل ضررًا من السجائر، ولكن هذه فكرة خاطئة. بينما قد يُعتقد أن مرور الدخان عبر الماء يقلل من تأثيرات السموم، فإن الدراسات العلمية لا تدعم هذا الفهم. في الواقع، الدخان لا يتم تصفيته بشكل كافٍ عبر الماء، وتستمر السموم في التأثير على الجسم.
الدور التثقيفي:
من الضروري أن يتعاظم الوعي بخطورة النرجيلة والسجائر على حد سواء. لا يكفي أن نركز على أضرار السجائر دون أن نعترف بأن النرجيلة تحمل نفس المخاطر الصحية، بل في بعض الحالات قد تكون أكثر ضررًا بسبب كميات الدخان الأكبر التي يتم استنشاقها.
8. تأثير النرجيلة على الصحة العامة
في الختام، من الواضح أن تدخين النرجيلة لا يعد بديلاً آمنًا للتدخين التقليدي. سواء كانت نرجيلة أو سجائر، فإن جميع أنواع التبغ تسبب أضرارًا صحية كبيرة. التدخين، في أي شكل كان، يمكن أن يؤدي إلى مجموعة واسعة من المشاكل الصحية التي تؤثر على جميع أجهزة الجسم، بما في ذلك الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية. وفي ظل تزايد الوعي الصحي، يجب أن يكون من الضروري للمدخنين، سواء كانوا يستخدمون السجائر أو النرجيلة، أن يدركوا المخاطر الحقيقية التي يواجهونها ويسعون للتوقف عن التدخين لحماية صحتهم وصحة من حولهم.
