أسباب الاختناق أثناء النوم

أسباب الاختناق أثناء النوم

يُعدّ الاختناق أثناء النوم من الاضطرابات الخطيرة التي قد تؤثر على الصحة الجسدية والنفسية للفرد، ويتجلى في صورة انقطاع مفاجئ أو متكرر في التنفس أثناء النوم، مما يؤدي إلى استيقاظ الشخص بشكل مفاجئ مصحوبًا بشعور بالاختناق، التعرق، أو تسارع في ضربات القلب. قد تكون هذه الظاهرة عابرة ومؤقتة، أو مزمنة ومتكررة، وفي الحالتين تحمل تداعيات صحية لا يستهان بها، بدءًا من تأثيرها على جودة النوم والتركيز في النهار، وصولًا إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية.

يتداخل في حدوث هذه الظاهرة عدد كبير من العوامل، بعضها متعلق بالجهاز التنفسي، وبعضها الآخر مرتبط بنمط الحياة، أو أمراض مزمنة، أو تركيبة الجسم. ويتطلب فهمها بدقة تحليلًا متعمقًا للآليات البيولوجية والفيزيولوجية التي تؤدي إلى هذه الحالة.

اضطراب التنفس الانسدادي النومي (Obstructive Sleep Apnea)

يُعتبر هذا الاضطراب من أبرز الأسباب المباشرة لحالات الاختناق الليلي. يحدث هذا النوع من توقف التنفس عندما تنسد المجاري الهوائية العلوية (الأنف، الحلق، والحنجرة) خلال النوم، ما يؤدي إلى انقطاع تدفق الهواء بشكل مؤقت، عادة لمدة تتراوح بين 10 إلى 30 ثانية أو أكثر، وقد يتكرر هذا الانسداد عشرات أو حتى مئات المرات في الليلة الواحدة.

آلية حدوثه:

عند الاستلقاء للنوم، ترتخي العضلات في الحلق، وإذا كانت هذه العضلات ضعيفة أو أن المساحة الهوائية ضيقة بسبب البدانة أو تشوهات خلقية، فإنها تنسد بسهولة. الدماغ يستشعر نقص الأكسجين ويوقظ الشخص لفترة وجيزة لفتح مجرى الهواء، وغالبًا ما يحدث ذلك دون وعي الشخص الكامل.

العوامل المؤدية:

• السمنة، خاصة تراكم الدهون حول الرقبة.

• تضخم اللوزتين أو اللحمية.

• الحنك الرخو الطويل أو لسان كبير.

• ارتخاء عضلات الحلق بسبب الشيخوخة.

• التدخين وتناول الكحول.

• عوامل وراثية تتعلق بشكل الوجه أو مجرى التنفس.

اضطراب التنفس المركزي النومي (Central Sleep Apnea)

يختلف هذا الاضطراب عن النوع الانسدادي في كونه لا يحدث بسبب انسداد ميكانيكي في مجرى التنفس، بل بسبب خلل في إشارات الدماغ التي تتحكم في عملية التنفس. أي أن الدماغ يتوقف عن إرسال إشارات إلى عضلات التنفس بشكل مؤقت.

الأسباب المحتملة:

• فشل القلب الاحتقاني.

• السكتات الدماغية.

• التقدم في السن.

• تناول أدوية مخدرة أو مهدئة تثبط مراكز التنفس.

• اضطرابات في جذع الدماغ المسؤول عن تنظيم التنفس.

متلازمة نقص التهوية المرتبطة بالنوم

في هذه الحالة، يكون تنفس الشخص ضعيفًا أو ضحلاً أثناء النوم، مما يؤدي إلى تراكم ثاني أكسيد الكربون في الجسم ونقص في الأوكسجين. ترتبط هذه المتلازمة غالبًا بحالات السمنة المفرطة أو أمراض العضلات العصبية.

العوامل المحفزة:

• السمنة المفرطة (Obesity Hypoventilation Syndrome).

• ضعف عضلات التنفس، كما في حالات الأمراض العصبية مثل التصلب الجانبي الضموري.

• أمراض الرئة المزمنة مثل الانسداد الرئوي المزمن (COPD).

ارتجاع المريء الليلي (GERD)

قد يؤدي ارتجاع الأحماض من المعدة إلى الحلق أثناء النوم إلى الشعور بالاختناق أو الكتمة، وهو ما يعرف بارتجاع الحمض الصامت الليلي. وقد يؤدي إلى استيقاظ مفاجئ يظنه الشخص اختناقًا، ويصاحبه غالبًا سعال أو شعور بالحرق في الحلق.

الأسباب المساهمة:

• تناول وجبات دسمة أو حارة قبل النوم.

• الاستلقاء مباشرة بعد الأكل.

• السمنة.

• فتق الحجاب الحاجز.

• ضعف عضلة صمام المريء السفلي.

الشخير وانغلاق مجرى التنفس العلوي

الشخير ليس دائمًا مجرد ظاهرة مزعجة بل قد يشير إلى انسدادات جزئية في مجرى الهواء العلوي، مما يزيد من احتمالية الاختناق أثناء النوم. في حالات الشخير الشديد قد يترافق ذلك مع توقف في التنفس.

أمراض القلب والأوعية الدموية

يعاني بعض المرضى المصابين بفشل القلب الاحتقاني من نوع من توقف التنفس يعرف بـ”توقف التنفس الدوري” أو “نمط تشيين-ستوكس”، ويتميز بفترات من التنفس المتسارع يتبعها انقطاع تام في التنفس. في مثل هذه الحالات، يحدث اختناق أو كتمة مؤقتة خلال النوم.

تناول المهدئات والمخدرات

المهدئات، خاصة من نوع البنزوديازيبينات أو الأفيونات، تعمل على تثبيط مراكز التنفس في الدماغ، ما يؤدي إلى بطء التنفس أو حتى توقفه لفترات قصيرة أثناء النوم، مما يسبب شعورًا مفاجئًا بالاختناق أو انقطاع النفس.

أمراض عصبية عضلية

الاضطرابات التي تؤثر على الأعصاب أو العضلات المسؤولة عن عملية التنفس قد تؤدي إلى خلل في آلية التنفس خلال النوم، مما يزيد من احتمالية التعرض لحالات اختناق ليلي. من بين هذه الأمراض:

• التصلب الجانبي الضموري (ALS).

• متلازمة غيلان باريه.

• الحثل العضلي.

العوامل النفسية والقلق الليلي

القلق الشديد أو اضطرابات الهلع قد تؤدي إلى نوبات من الاستيقاظ الليلي مع شعور حاد بالاختناق أو “ضيق الصدر”. في كثير من الحالات، يكون السبب نفسيًا وليس عضويًا بحتًا، إلا أن التجربة تكون واقعية ومرعبة.

وضعية النوم

قد تؤثر وضعية النوم على القدرة على التنفس، خصوصًا النوم على الظهر، حيث تميل الأنسجة الرخوة مثل اللسان إلى الارتخاء نحو الخلف، ما يؤدي إلى انسداد جزئي في مجرى الهواء. كما أن بعض الأشخاص يعانون من ضيق تنفس أو اختناق عند النوم بزاوية منخفضة جدًا.

جدول توضيحي لأسباب الاختناق أثناء النوم

مضاعفات محتملة لحالات الاختناق الليلي المتكرر

إذا لم يتم علاج هذه الحالة بالشكل المناسب، قد تؤدي إلى مضاعفات طويلة المدى تشمل:

• ارتفاع ضغط الدم الليلي والمزمن.

• أمراض القلب التاجية والسكتات.

• اضطراب التركيز وضعف الأداء الذهني.

• الشعور المستمر بالإجهاد النهاري.

• اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب والقلق.

• خطر الحوادث المرورية بسبب النعاس أثناء القيادة.

التشخيص والإجراءات الطبية

يتم تشخيص حالات الاختناق أثناء النوم من خلال دراسة النوم الليلية (Polysomnography) التي تقيس حركة التنفس، الأوكسجين، نشاط الدماغ، ومعدل ضربات القلب. بناءً على النتائج، يتم تصنيف الحالة وتحديد نوع العلاج المناسب.

خيارات العلاج

تتنوع العلاجات بحسب السبب، وتشمل:

• جهاز الضغط الهوائي الإيجابي المستمر (CPAP) لعلاج توقف التنفس الانسدادي.

• أجهزة تعديل وضع الفك السفلي للمرضى الذين يعانون من انسدادات فموية.

• العلاج الجراحي في حالات اللوزتين أو تشوه الحنك.

• الأدوية مثل مثبطات الحمض لعلاج الارتجاع.

• تغيير نمط الحياة مثل خفض الوزن أو الامتناع عن الكحول.

• العلاج النفسي لحالات الهلع أو القلق المصاحب.

المصادر والمراجع

1. American Academy of Sleep Medicine (AASM), Clinical Practice Guidelines, 2022.

2. Mayo Clinic, Sleep Apnea Overview, 2023.