النخاع العظمي: الوظائف والأمراض

النخاع العظمي: تعريفه، وظائفه وأمراضه

النخاع العظمي هو أحد الأنسجة الحيوية التي تقع داخل العظام، وتعتبر من أهم الأعضاء التي تساهم في الحفاظ على صحة الجسم ووظائفه الحيوية. هذا النسيج الدهني الرخو يلعب دورًا محوريًا في إنتاج خلايا الدم الحمراء، والخلايا البيضاء، والصفائح الدموية التي تعد أساسية للوظائف البيولوجية المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر النخاع العظمي مركزًا حيويًا للكثير من العمليات الفسيولوجية التي تضمن استجابة الجسم لمجموعة من الأمراض والصدمات.

تركيب النخاع العظمي

النخاع العظمي هو نسيج رخوي يوجد في جوف العظام الطويلة مثل عظم الفخذ وعظام الساعد، وكذلك في العظام المسطحة مثل عظام الحوض والجمجمة. يتكون النخاع العظمي من نوعين رئيسيين:

1. النخاع العظمي الأحمر: وهو النوع النشط من النخاع العظمي المسؤول عن إنتاج خلايا الدم. يتواجد في الغالب في العظام المسطحة والعظام الطويلة لدى البالغين.

2. النخاع العظمي الأصفر: يتكون أساسًا من الدهون ويعد أقل نشاطًا في إنتاج الخلايا الدموية مقارنة بالنخاع الأحمر. يمكن للنخاع الأصفر أن يتحول إلى نخاع أحمر في حالات الطوارئ، مثل النزيف الحاد.

وظائف النخاع العظمي

تتمثل الوظيفة الرئيسية للنخاع العظمي في إنتاج خلايا الدم، وهذه العملية تعرف باسم تكوين الدم (Hematopoiesis). تشمل الخلايا المنتجة في النخاع العظمي:

• خلايا الدم الحمراء (كريات الدم الحمراء): المسؤول الرئيسي عن نقل الأوكسجين إلى جميع أنحاء الجسم وإزالة ثاني أكسيد الكربون.

• الخلايا البيضاء (الكريات البيضاء): هي جزء أساسي من الجهاز المناعي وتساعد في محاربة العدوى والأمراض.

• الصفائح الدموية (الثرومبوسيت): تلعب دورًا حيويًا في تجلط الدم والتئام الجروح.

تكوين خلايا الدم في النخاع العظمي

عملية تكوين خلايا الدم تبدأ من الخلايا الجذعية الجنينية في النخاع العظمي. تُعتبر هذه الخلايا الجذعية خلايا متعددة القدرات، حيث يمكن أن تتمايز إلى أنواع متعددة من خلايا الدم. تتطلب هذه العملية بيئة مثالية في النخاع العظمي من أجل أن تتم بشكل صحيح. يتضمن هذا البيئة النسيجية والمعرفية التي توفرها الخلايا الشبكية والنسيج الضام. هذه العملية تتم على عدة مراحل، تبدأ من الخلايا الجذعية متعددة القدرات وتنتقل إلى خلايا الدم المتخصصة.

تغيرات النخاع العظمي مع التقدم في العمر

مع التقدم في العمر، يتغير النخاع العظمي تدريجيًا. فبينما يبقى النخاع الأحمر نشطًا في إنتاج خلايا الدم لدى الأطفال، يصبح النخاع الأصفر هو السائد في البالغين. في الشخص البالغ، يمثل النخاع الأحمر حوالي 50% من نخاع العظام، بينما يكون النخاع الأصفر هو الجزء الأكبر. إلا أن النخاع الأحمر يمكن أن يتحول مرة أخرى إلى نخاع أحمر نشط في حالات الطوارئ مثل فقدان الدم الكبير.

أمراض النخاع العظمي

تعد الأمراض التي تصيب النخاع العظمي من المشاكل الصحية الخطيرة التي يمكن أن تؤثر على الجسم بشكل كبير، حيث يمكن أن تؤدي إلى خلل في إنتاج خلايا الدم. بعض هذه الأمراض تشمل:

1. فقر الدم (الأنيميا)

من أبرز الحالات التي ترتبط بنقص خلايا الدم الحمراء بسبب فشل النخاع العظمي في إنتاجها. يمكن أن يكون فقر الدم ناتجًا عن عدة أسباب، منها نقص الفيتامينات والمعادن، أو مرض فقر الدم اللاتنسجي (Aplastic anemia)، حيث يتوقف النخاع العظمي عن إنتاج خلايا الدم بشكل كافٍ.

2. سرطان الدم (اللوكيميا)

اللوكيميا هي أحد أنواع السرطانات التي تصيب خلايا الدم البيضاء في النخاع العظمي. هذا المرض يتسبب في نمو غير طبيعي للخلية السرطانية ويؤثر على قدرة الجسم على محاربة العدوى بشكل فعال. يمكن أن يؤدي إلى ضعف شديد في جهاز المناعة ويؤثر على الصحة العامة للمريض بشكل كبير.

3. متلازمة خلل التنسج النقوي

هي مجموعة من الاضطرابات التي تؤثر على النخاع العظمي وتؤدي إلى إنتاج خلايا دم غير طبيعية أو غير كافية. قد تسبب هذه المتلازمة فقر الدم، نقص الصفائح الدموية، أو فشل في إنتاج خلايا الدم البيضاء.

4. نقص الخلايا الجذعية

في حالات نادرة، يمكن أن يعاني الشخص من نقص في الخلايا الجذعية في النخاع العظمي، مما يؤدي إلى انخفاض شديد في إنتاج خلايا الدم. يحدث هذا أحيانًا بسبب أمراض وراثية أو تأثيرات جانبية لبعض الأدوية أو العلاجات.

5. الفشل النخاعي

الفشل النخاعي هو حالة مرضية يتوقف فيها النخاع العظمي عن إنتاج الخلايا الدموية بشكل كافٍ. قد يحدث الفشل النخاعي بسبب مرض معين أو نتيجة لعلاج السرطان مثل العلاج الكيميائي.

تأثير أمراض النخاع العظمي على الجسم

تسبب أمراض النخاع العظمي العديد من الأعراض التي يمكن أن تكون متباينة حسب نوع المرض. تشمل بعض الأعراض الأكثر شيوعًا:

• التعب الشديد

• النزيف غير الطبيعي

• الكدمات بسهولة

• ضعف الجهاز المناعي

• صعوبة في التنفس

• فقدان الوزن غير المبرر

• الحمى المستمرة

تشخيص أمراض النخاع العظمي

تشخيص أمراض النخاع العظمي يتطلب مجموعة من الفحوصات المتخصصة. تشمل هذه الفحوصات:

1. تحليل الدم: يتم تحليل عينات الدم لتحديد مستوى الخلايا المختلفة مثل خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية.

2. خزعة النخاع العظمي: تُعتبر خزعة النخاع العظمي هي الطريقة الأكثر دقة لتشخيص أمراض النخاع. يتم أخذ عينة من النخاع العظمي وتحليلها لمعرفة مدى صحة خلايا الدم.

3. الفحوصات الوراثية: تستخدم للكشف عن الطفرات الوراثية التي قد تسبب أمراضًا معينة في النخاع العظمي.

4. التصوير بالأشعة: في بعض الحالات، قد يستخدم الأطباء الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتقييم صحة العظام والنخاع.

علاج أمراض النخاع العظمي

تعتمد طرق علاج أمراض النخاع العظمي على نوع المرض ومدى شدته. من أبرز خيارات العلاج:

1. الأدوية: بعض الأمراض قد تتطلب أدوية مثل أدوية لتحفيز إنتاج خلايا الدم، أو أدوية لعلاج العدوى في حالة اللوكيميا.

2. زراعة الخلايا الجذعية: في حالات فشل النخاع العظمي أو سرطان الدم، يمكن أن يكون زراعة الخلايا الجذعية أو زراعة النخاع العظمي هو الخيار العلاجي.

3. العلاج الكيميائي: يستخدم العلاج الكيميائي في علاج اللوكيميا وبعض أنواع السرطان الأخرى المرتبطة بالنخاع العظمي.

4. نقل الدم: في بعض الحالات، قد يتطلب المريض نقل الدم أو الصفائح الدموية لتعويض النقص الحاصل في خلايا الدم.

الوقاية والرعاية

الوقاية من أمراض النخاع العظمي تتطلب تجنب العوامل التي قد تضر بالنخاع العظمي، مثل التعرض المفرط للإشعاع أو المواد الكيميائية السامة. كما يوصى بالحفاظ على نظام غذائي صحي يحتوي على جميع العناصر الغذائية الضرورية لتعزيز صحة النخاع العظمي.