النحافة الشديدة: الأسباب والعلاج

النحافة الشديدة: الأسباب، الأعراض، والعلاج

النحافة الشديدة، أو ما يُعرف أحيانًا بالنحافة المرضية، هي حالة صحية يتميز فيها الجسم بنقص كبير في الوزن مقارنةً بمعدل الوزن الطبيعي. وقد تتسبب هذه الحالة في العديد من المشاكل الصحية التي قد تكون خطيرة إذا لم يتم معالجتها بشكل مناسب. في هذا المقال، سنستعرض أسباب النحافة الشديدة، الأعراض المترتبة عليها، وكيفية تشخيصها وعلاجها.

1. تعريف النحافة الشديدة

النحافة الشديدة تُعتبر حالة طبية يتم فيها فقدان الجسم للوزن إلى درجة قد تهدد الصحة العامة. يشير مصطلح “النحافة المرضية” إلى نقص الوزن الذي يكون غير طبيعي وينطوي على العديد من المخاطر الصحية. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، يتم تشخيص النحافة إذا كان مؤشر كتلة الجسم (BMI) أقل من 18.5. يتم تقسيم النحافة إلى درجات مختلفة:

• نحافة خفيفة: مؤشر كتلة الجسم بين 17 و 18.5.

• نحافة معتدلة: مؤشر كتلة الجسم بين 16 و 17.

• نحافة شديدة: مؤشر كتلة الجسم أقل من 16.

2. الأسباب المؤدية إلى النحافة الشديدة

هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى النحافة المرضية، ويمكن أن تكون هذه الأسباب فسيولوجية، نفسية، أو ناتجة عن مشكلات صحية معينة:

أ. الأسباب الجسدية

1. الوراثة: بعض الأشخاص قد يكونون أكثر عرضة للنحافة بسبب الجينات الوراثية. إذا كان أحد الوالدين نحيفًا، فإن الأطفال قد يكون لديهم أيضًا استعداد وراثي للوزن المنخفض.

2. الاضطرابات الهرمونية: قد يؤدي فرط نشاط الغدة الدرقية (فرط التيرويد) إلى تسريع عملية الأيض مما يسبب فقدان الوزن غير المبرر. كما يمكن أن تكون اضطرابات الهرمونات الأخرى مثل مشاكل الغدة الكظرية أو مرض السكري السبب في النحافة.

3. مشاكل في الامتصاص الهضمي: بعض الأمراض مثل مرض السيلياك، أو التهابات الأمعاء المزمنة، تؤثر على قدرة الجسم على امتصاص المغذيات بشكل جيد، مما يؤدي إلى فقدان الوزن.

ب. الأسباب النفسية

1. اضطراب الأكل العصابي (Anorexia Nervosa): هو مرض نفسي يؤثر على الأشخاص الذين يعانون من قلق مفرط بشأن زيادة الوزن. يعاني هؤلاء الأشخاص من نقص حاد في الوزن بسبب تقليلهم المتعمد للطعام أو اتباع أنظمة غذائية قاسية.

2. الاكتئاب والقلق: قد يؤثر الاكتئاب الحاد والقلق على الشهية، مما يؤدي إلى فقدان الوزن المفاجئ. في بعض الحالات، قد يرفض الشخص تناول الطعام تمامًا نتيجة لتأثيرات نفسية.

3. اضطرابات نفسية أخرى: بعض الاضطرابات النفسية مثل اضطراب الشخصية الحدية قد تؤدي إلى سلوكيات غذائية غير منتظمة تؤدي إلى فقدان الوزن بشكل مفرط.

ج. الأسباب الصحية المرضية

1. الأمراض المزمنة: بعض الأمراض المزمنة مثل السرطان، وفشل الكبد، وفشل القلب، قد تؤدي إلى فقدان الوزن الكبير. تكون هذه الأمراض غالبًا مصحوبة بفقدان الشهية وتراجع قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية.

2. العدوى المتكررة: بعض العدوى التي تستمر لفترات طويلة مثل السل، أو الديدان المعوية قد تؤدي إلى فقدان الوزن نتيجة لانخفاض امتصاص المغذيات وفقدان السوائل.

3. الإجهاد المزمن: عندما يتعرض الجسم لإجهاد مستمر سواء كان جسديًا أو نفسيًا، قد يتم حرق السعرات الحرارية بشكل أسرع من القدرة على تعويضها، مما يؤدي إلى النحافة.

3. الأعراض المصاحبة للنحافة الشديدة

النحافة الشديدة لا تقتصر فقط على فقدان الوزن الظاهر، بل قد يصاحبها العديد من الأعراض الصحية الأخرى التي قد تؤثر على وظائف الجسم بشكل عام:

1. الشعور بالإرهاق والتعب: الأشخاص الذين يعانون من النحافة الشديدة قد يشعرون بالتعب المستمر، وذلك بسبب نقص العناصر الغذائية الأساسية في الجسم مثل البروتينات والدهون.

2. ضعف جهاز المناعة: انخفاض الوزن قد يؤدي إلى ضعف جهاز المناعة، مما يزيد من تعرض الجسم للعدوى والأمراض.

3. فقدان القوة العضلية: نتيجة لنقص البروتين والعناصر الغذائية الأساسية، قد يعاني الأفراد النحيفون من ضعف العضلات وصعوبة في أداء الأنشطة اليومية.

4. مشاكل في الدورة الشهرية: النساء اللواتي يعانين من النحافة الشديدة قد يعانين من انقطاع الدورة الشهرية أو تغيرات في انتظامها، مما يشير إلى اضطرابات هرمونية.

5. مشاكل في الهضم: قد يعاني الأشخاص الذين يعانون من النحافة من مشكلات في الهضم مثل الانتفاخ أو عسر الهضم بسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي.

6. الجلد والشعر: قد يظهر على الأشخاص النحيفين علامات جفاف الجلد، والشعر الهش، والتساقط المفرط بسبب نقص العناصر الغذائية الضرورية لصحة البشرة والشعر.

4. تشخيص النحافة الشديدة

تشخيص النحافة الشديدة يعتمد بشكل أساسي على الفحص الطبي، والتاريخ الصحي للمريض. يعتمد الأطباء على مجموعة من الفحوصات لتحديد السبب المحتمل وراء النحافة:

1. مؤشر كتلة الجسم (BMI): يتم حساب مؤشر كتلة الجسم لتحديد ما إذا كان الشخص يعاني من النحافة أو الوزن الطبيعي أو الزائد.

2. الفحوصات المخبرية: تشمل الفحوصات المخبرية تحاليل الدم لاختبار مستويات العناصر الغذائية المختلفة مثل الحديد، الفيتامينات، والبروتينات. كما يمكن أن تُظهر بعض الفحوصات علامات على وجود اضطرابات هرمونية أو أمراض مزمنة.

3. التاريخ الطبي: الطبيب سيقوم بتحديد تاريخ المريض الصحي، بما في ذلك وجود أمراض مزمنة أو اضطرابات نفسية قد تكون السبب في النحافة.

4. الفحص الجسدي: يتضمن الفحص الجسدي قياس الوزن والطول وتحديد نسبة الدهون في الجسم، كما يقوم الطبيب بفحص علامات محتملة لنقص التغذية مثل شحوب الجلد أو ضعف العضلات.

5. علاج النحافة الشديدة

علاج النحافة الشديدة يتطلب معالجة السبب الكامن وراء الحالة بالإضافة إلى اتخاذ خطوات لزيادة الوزن بشكل صحي. قد يشمل العلاج:

أ. تعديل النظام الغذائي

1. زيادة تناول السعرات الحرارية: يجب أن يتضمن النظام الغذائي الغذاء الغني بالسعرات الحرارية والمغذيات مثل البروتينات، الدهون الصحية، والكربوهيدرات. يمكن للأطعمة مثل المكسرات، الزيوت النباتية، والأطعمة الغنية بالبروتين أن تساعد في زيادة الوزن.

2. تناول وجبات صغيرة ومتكررة: يمكن زيادة الوزن بشكل تدريجي من خلال تناول عدة وجبات صغيرة ومتوازنة طوال اليوم.

3. المكملات الغذائية: قد يُنصح بتناول مكملات غذائية تحتوي على الفيتامينات والمعادن لتعويض النقص الغذائي الذي قد يساهم في النحافة.

ب. معالجة الأسباب المرضية

إذا كانت النحافة نتيجة لمشكلة صحية، مثل مرض الغدة الدرقية أو اضطرابات هرمونية، فإن العلاج سيتطلب معالجة السبب الأساسي. قد يتطلب الأمر تناول أدوية هرمونية أو علاجات مخصصة لحالات مثل السرطان أو أمراض الأمعاء.

ج. العلاج النفسي

إذا كانت النحافة مرتبطة باضطرابات الأكل العصابي أو الاكتئاب، فإن العلاج النفسي قد يكون ضروريًا. يمكن أن يشمل العلاج النفسي تقنيات مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) الذي يهدف إلى تغيير السلوكيات والأفكار السلبية حول الطعام والوزن.

6. الوقاية من النحافة الشديدة

الوقاية من النحافة الشديدة تعتمد بشكل أساسي على الحفاظ على أسلوب حياة صحي ومتوازن يشمل:

• التغذية السليمة: تناول غذاء متوازن يحتوي على جميع العناصر الغذائية اللازمة.

• التمارين الرياضية: ممارسة الرياضة بشكل منتظم لتحسين صحة الجسم والعضلات.

• الابتعاد عن التوتر والضغوط النفسية: قد يساعد تقليل مستويات التوتر في الحفاظ على الوزن الطبيعي.

7. الخاتمة

النحافة الشديدة هي حالة قد تؤثر على صحة الجسم بشكل كبير إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح. فهي ليست مجرد نقص في الوزن، بل هي نقص في العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم ليعمل بشكل سليم. من خلال التشخيص المبكر والعلاج المناسب، يمكن للأفراد الذين يعانون من النحافة الشديدة استعادة صحتهم وتحسين جودة حياتهم.