الموبقات السبع: مفهومها، أسبابها، وآثارها على الفرد والمجتمع
الموبقات السبع هي سبع كبائر أو خطايا عظيمة في الإسلام، ورد ذكرها في حديث نبوي شريف، وتعد من أكثر الأعمال التي حذر منها الدين الإسلامي، لما فيها من فساد كبير على الفرد والمجتمع على حد سواء. تشير كلمة “الموبقات” في اللغة العربية إلى الأفعال التي تودي بالإنسان إلى الهلاك والهلاك الأليم في الدنيا والآخرة. بناءً على هذا المعنى، يولي الإسلام اهتمامًا خاصًا للابتعاد عن هذه الموبقات ويحذر من الوقوع فيها بسبب تأثيراتها السلبية الكبيرة.
تعريف الموبقات السبع
الموبقات السبع هي أعمال عظيمة وردت في الحديث النبوي الذي رواه الصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنه، حيث قال: “اجتنبوا السبع الموبقات”. وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث السبع الكبائر التي يجب على المسلم اجتنابها، وهي:
-
الشرك بالله
-
قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق
-
السحر
-
أكل مال اليتيم
-
أكل الربا
-
الفرار من الزحف
-
قذف المحصنات الغافلات المؤمنات
1. الشرك بالله
الشرك بالله هو من أكبر الموبقات وأعظمها في الإسلام. الشرك يعني نسبة صفة من صفات الله أو عبادة غير الله تعالى، سواء كان ذلك في صورة عبادة الأوثان أو اللجوء إلى السحر أو الشعوذة. يعتبر الشرك تهديدًا للوحدانية التي هي أساس العقيدة الإسلامية، ويؤدي إلى تدمير العلاقة المبنية على التوحيد بين الإنسان وخالقه. وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ” (النساء: 48)، مما يدل على أن الشرك يُعد جريمة لا تغتفر إلا بتوبة صادقة.
2. قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق
القتل غير المشروع من أكبر الموبقات التي تؤدي إلى عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة. الحياة البشرية في الإسلام مُقدسة، ولا يجوز للإنسان التعدي عليها إلا في حالات استثنائية وردت في الشريعة، مثل القتل القصاص أو القتال في الحرب دفاعًا عن النفس والدين. قال الله تعالى في القرآن الكريم: “وَمَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا” (المائدة: 32). هذا يشير إلى خطورة القتل في الإسلام.
3. السحر
السحر من الأفعال التي حذر منها الإسلام بشدة، حيث يُعد من الموبقات العظيمة التي تؤدي إلى تحطيم الحياة الفردية والاجتماعية. السحر يُعرَّف على أنه استخدام وسائل غير مشروعة للتأثير على إرادة الناس أو جسمهم بطرق غير طبيعية. وقد ورد في القرآن الكريم في العديد من الآيات تحذيرًا من السحر، منها قوله تعالى: “وَمَا يُعَلِّمُونَ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولُوا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ” (البقرة: 102). وهو من الكبائر التي تُسبب فتنة عظيمة في المجتمع وتضر بسلامة العلاقات بين الناس.
4. أكل مال اليتيم
أكل مال اليتيم يعد من الأفعال الموبقة في الإسلام، وقد ورد تحريمه في القرآن الكريم بشكل صريح. يحرم على المسلم أخذ أموال اليتيم إلا بالحق، حيث أن اليتيم في الإسلام يُعتبر فاقدًا للحماية الأسرية ويجب على المجتمع توفير الرعاية له. قال الله تعالى في القرآن الكريم: “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا” (النساء: 10). وعليه، يجب على المجتمع المسلم أن يتجنب أي شكل من أشكال الظلم تجاه اليتامى.
5. أكل الربا
الربا هو التربح من الأموال بدون أي عمل حقيقي أو منفعة مشروعة، ويُعد من أكثر الأفعال المحرمة في الإسلام. الربا يُؤدي إلى ظلم المجتمع لأنه يستفيد طرف على حساب الآخر، مما يخلق فجوة كبيرة بين الأغنياء والفقراء. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضعَافًا مُدَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (آل عمران: 130). الإسلام يحث على التعامل المالي بما يعود بالنفع على الجميع ويمنع الاستغلال.
6. الفرار من الزحف
الفرار من الزحف يُقصد به الهروب من المعركة في وقت الحرب، عندما يكون المسلمون في حاجة إلى الجهاد في سبيل الله. يعتبر هذا الفعل من الكبائر لأن فيه تقاعس عن واجب ديني ووطني، وقد ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: “وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَ الزَّحْفِ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ” (الفتح: 16). وبالتالي، فإن هذا الفعل يُعتبر خيانة للأمة والتخلي عن واجب الجهاد في سبيل الله.
7. قذف المحصنات الغافلات المؤمنات
القذف يعني الاتهام بالزنا أو الفاحشة دون دليل شرعي، وهو من الأفعال الموبقة التي تدمّر سمعة الفرد وتؤذي المجتمع ككل. يُعتبر القذف جريمة في الشريعة الإسلامية يجب أن يُعاقب عليها بشدة، لأنه ينشر الفاحشة ويشوه السمعة، وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ غَافِلَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ” (النور: 23).
آثار الموبقات السبع على الفرد والمجتمع
إن ارتكاب الموبقات السبع لا يؤدي فقط إلى ضرر الفرد الذي يمارسها، بل يؤثر سلبًا على المجتمع ككل. في حالة ارتكاب هذه الكبائر، تتعكر العلاقات بين أفراد المجتمع وتنتشر الفتنة والفساد. قد يؤدي الشرك بالله إلى فوضى روحية، وقد يؤدي القتل إلى انعدام الأمن والاستقرار في المجتمع. السحر يفتح الأبواب للأعمال الشريرة، وأكل مال اليتيم والربا يشكلان دمارًا اقتصاديًا واجتماعيًا. أما الفرار من الزحف فإنه يدل على ضعف الهمة في الدفاع عن الوطن، في حين أن القذف يدمّر حياة الناس النفسية والاجتماعية.
الختام
إن الموبقات السبع تُمثل مجموعة من الأعمال التي تُفسد علاقة الإنسان بربه وبالمجتمع، وتُعد من أعظم الخطايا في الإسلام. لهذا، يجب على المسلم أن يبتعد عنها ويعمل جاهدًا على تجنب الوقوع في مثل هذه الأفعال، وأن يسعى دائمًا للعيش حياة طاهرة ومستقيمة بما يرضي الله ويحقق الفائدة العامة للمجتمع.
