الكتاراكت: الأسباب والعلاج

الكتاراكت: أسبابها، أعراضها، طرق التشخيص والعلاج

مقدمة

تعد الكتاراكت من أكثر أمراض العين شيوعًا في العالم، إذ تمثل أحد الأسباب الرئيسية للعمى في جميع الأعمار. يعرف مرض الكتاراكت بتكون غشاوة أو سحابة في عدسة العين، مما يؤدي إلى انخفاض الرؤية وقد يسبب العمى في الحالات المتقدمة. وتحدث هذه الحالة بشكل تدريجي، مما يجعل الأفراد يشعرون بصعوبة في الرؤية، خاصة في الإضاءة المنخفضة أو أثناء القيادة في الليل. تتنوع أسباب الكتاراكت، ويمكن تشخيصها بسهولة من خلال فحص العين الروتيني.

أنواع الكتاراكت

توجد عدة أنواع من الكتاراكت، وتختلف باختلاف المنطقة التي يتكون فيها الكتاراكت داخل العين. النوع الأكثر شيوعًا هو الكتاراكت النووي، الذي يحدث في مركز العدسة، وهناك أيضًا الكتاراكت القشري الذي يتكون على أطراف العدسة. أما النوع الثالث والأقل شيوعًا فهو الكتاراكت تحت المحفظة، الذي يتكون في المنطقة الخلفية للعدسة. تختلف الأعراض والسرعة التي يتطور بها المرض من نوع لآخر.

1. الكتاراكت النووي
   
   هو النوع الأكثر شيوعًا ويرتبط بتقدم العمر. يبدأ هذا النوع من الكتاراكت بتكون غشاوة في مركز العدسة (النواة)، مما يؤثر بشكل كبير على الرؤية البعيدة. غالبًا ما يعاني المصابون بهذا النوع من رؤية ضبابية أو معتمة عند النظر إلى الأشياء البعيدة.

2. الكتاراكت القشري
   
   يتكون هذا النوع من الكتاراكت في الحواف الخارجية للعدسة، ويتميز بظهور مناطق معتمة تشبه الأشعة، مما يؤدي إلى صعوبة في رؤية التفاصيل الدقيقة. يتسبب الكتاراكت القشري في شعور المصاب بحساسية شديدة للضوء، وتزداد المشكلة مع التقدم في العمر.

3. الكتاراكت تحت المحفظة
   
   هذا النوع يحدث في الجزء الخلفي من العدسة ويمكن أن يتسبب في ضبابية الرؤية عند القراءة أو عند النظر إلى الضوء الساطع. قد يتطور الكتاراكت تحت المحفظة بسرعة أكبر مقارنة بالأنواع الأخرى.

أسباب الكتاراكت

تتعدد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالكتاراكت. يمكن تصنيف هذه الأسباب إلى فئات مختلفة بناءً على العوامل المؤثرة:

1. التقدم في العمر
   
   يعد التقدم في العمر السبب الرئيسي للإصابة بالكتاراكت. مع تقدم الإنسان في العمر، تبدأ العدسة في العين بفقدان مرونتها ويحدث تغير تدريجي في تركيبها، مما يؤدي إلى تكون غشاوة. يظهر هذا النوع عادة في الأشخاص فوق سن الستين.

2. الإصابات والرضوض
   
   يمكن للإصابات المباشرة في العين أن تؤدي إلى الإصابة بالكتاراكت. قد تتسبب الحوادث أو الإصابات المباشرة في العين بتدمير الأنسجة الداخلية للعدسة، مما يعجل بتكون الكتاراكت.

3. التعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية
   
   قد يؤدي التعرض المستمر للأشعة فوق البنفسجية من الشمس إلى إضعاف العدسة وتشكيل الكتاراكت مع مرور الوقت. ولذلك، يُنصح دائمًا بارتداء نظارات شمسية للحماية من الأشعة الضارة.

4. الأمراض المزمنة
   
   بعض الأمراض مثل مرض السكري يمكن أن تؤدي إلى تطور الكتاراكت. السكري يمكن أن يسبب تغيرات في التركيبة الكيميائية للعدسة، مما يساهم في تكوين الغشاوة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي أمراض أخرى مثل ضغط الدم المرتفع وبعض الاضطرابات الوراثية إلى زيادة احتمالية الإصابة بالكتاراكت.

5. الأدوية
   
   استخدام بعض الأدوية لفترات طويلة قد يكون عاملًا مساعدًا في تكوين الكتاراكت. على سبيل المثال، الأدوية التي تحتوي على الكورتيزون، قد تزيد من احتمالية الإصابة بهذا المرض.

6. العوامل الوراثية
   
   قد تلعب الوراثة دورًا في الإصابة بالكتاراكت. إذا كان أحد أفراد العائلة قد تعرض للإصابة بالكتاراكت في سن مبكرة، قد يزيد ذلك من احتمالية الإصابة بهذا المرض.

أعراض الكتاراكت

تتطور أعراض الكتاراكت بشكل تدريجي، وقد لا يلاحظها الشخص في البداية، حيث يبدأ المرض بتغيير تدريجي في الرؤية. من أهم الأعراض التي قد تشير إلى وجود الكتاراكت:

1. الرؤية الضبابية
   
   تعتبر الرؤية الضبابية من أبرز الأعراض المبكرة للكتاراكت. يشعر الشخص أن الأشياء التي ينظر إليها تصبح غير واضحة أو ضبابية، خصوصًا في الإضاءة المنخفضة.

2. الحساسية الزائدة للضوء
   
   يعاني بعض الأشخاص من زيادة في الحساسية للضوء، وقد يلاحظون صعوبة في الرؤية في الضوء الساطع أو أثناء القيادة في الليل، حيث يظهر لديهم وهج أو هالة حول الأضواء.

3. التغيير المستمر في درجة النظارات
   
   إذا كان الشخص يرتدي نظارات، قد يلاحظ الحاجة المستمرة لتغيير العدسات أو الدرجة لتصحيح الرؤية. قد يؤدي التغير المستمر في الرؤية إلى عدم الراحة في أداء الأنشطة اليومية.

4. صعوبة القراءة
   
   مع تطور الكتاراكت، يجد البعض صعوبة في القراءة أو التمييز بين التفاصيل الدقيقة بسبب الضبابية التي تؤثر على الرؤية القريبة.

5. رؤية مزدوجة
   
   في بعض الحالات، يمكن أن تتسبب الكتاراكت في رؤية مزدوجة أو ضبابية عندما ينظر الشخص إلى الأشياء.

تشخيص الكتاراكت

عادةً ما يتم تشخيص الكتاراكت من خلال فحص العين الشامل الذي يجريه طبيب العيون. يشمل الفحص مجموعة من الاختبارات التي قد تتضمن:

1. فحص العين بالضوء
   
   يقوم الطبيب باستخدام مصباح خاص لفحص عين المريض. يتم تسليط الضوء على العدسة للتحقق من وجود أي غشاوة أو تغييرات فيها.

2. قياس حدة الرؤية
   
   يقوم الطبيب بإجراء اختبار لقياس حدة الرؤية، حيث يتم اختبار قدرة المريض على الرؤية في المسافات المختلفة باستخدام لوحة حروف.

3. الفحص باستخدام العدسات المكبرة
   
   قد يستخدم الطبيب عدسات مكبرة لفحص العين بشكل أدق والكشف عن وجود الكتاراكت في مراحلها المبكرة.

4. اختبار ضغط العين
   
   في بعض الحالات، يتم قياس ضغط العين لاكتشاف أي تغيرات قد تحدث نتيجة للإصابة بالكتاراكت أو أي أمراض أخرى مثل الجلوكوما.

علاج الكتاراكت

على الرغم من أن الكتاراكت لا يمكن معالجته باستخدام الأدوية أو العلاجات الموضعية، إلا أن العلاج الأكثر فعالية هو العلاج الجراحي. تتم عملية إزالة الكتاراكت من خلال جراحة بسيطة نسبياً، حيث تتم إزالة العدسة المعتمة واستبدالها بعدسة صناعية. هناك عدة طرق لإجراء جراحة الكتاراكت، وتشمل:

1. إزالة الكتاراكت باستخدام الموجات فوق الصوتية (الفاكو)
   
   هذه هي الطريقة الأكثر شيوعًا، حيث يتم استخدام جهاز مخصص لتفتيت العدسة المعتمة باستخدام الموجات فوق الصوتية، ومن ثم يتم استخراج الأجزاء المتبقية.

2. الجراحة باستخدام الليزر
   
   في بعض الحالات، قد يُستخدم الليزر لتفتيت العدسة المعتمة، مما يسهل إزالتها.

3. استبدال العدسة
   
   بعد إزالة العدسة المعتمة، يتم استبدالها بعدسة صناعية تعرف بالعدسة الزرعية. هذه العدسة تتيح للمريض الرؤية بوضوح بعد الجراحة.

الوقاية من الكتاراكت

على الرغم من أنه لا يمكن الوقاية بشكل كامل من الكتاراكت، إلا أن هناك بعض الإجراءات التي يمكن أن تساعد في تقليل خطر الإصابة بالمرض:

1. ارتداء نظارات شمسية
   
   حماية العين من الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن تقلل من خطر تكوّن الكتاراكت.

2. النظام الغذائي الصحي
   
   تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة، مثل الفواكه والخضروات، يمكن أن يساعد في حماية العين من الأمراض المختلفة، بما في ذلك الكتاراكت.

3. الفحوصات الدورية
   
   يمكن أن تساهم الفحوصات المنتظمة للعين في الكشف المبكر عن الكتاراكت، مما يسهل العلاج في مراحله المبكرة.

خاتمة

تعد الكتاراكت من الأمراض التي تؤثر بشكل كبير على جودة حياة المصابين بها. على الرغم من أنها عادة ما تكون حالة مرتبطة بالتقدم في العمر، إلا أن عوامل أخرى قد تساهم في حدوثها. لحسن الحظ، يمكن علاج الكتاراكت بفعالية من خلال الجراحة، التي تساعد على استعادة الرؤية بشكل كبير. يعد التشخيص المبكر والمتابعة المنتظمة من الأمور المهمة للحد من تأثير هذا المرض، والتمتع بحياة طبيعية وصحية.