“جدل الإبداع والاتباع؛ المنطق اليوناني في السياق الفكري العربي الإسلامي”، للمؤلف خنجر حمية، يمثل محطة بارزة في رحلة استكشاف مفهوم المنطق اليوناني ودوره في السياق الفكري العربي الإسلامي. يعتبر المنطق اليوناني من العلوم التي أثارت جدلاً واسعاً ونقاشاً مستمراً بين المفكرين والعلماء في هذا السياق، حيث اختلفت آراؤهم واتجاهاتهم تجاهه، فبينما استفاد البعض من مبادئه وقواعده واستثمروها في ميادين مختلفة، رفضه آخرون وشككوا في جدواه وفائدته، معتقدين أن العقل البشري يمكنه الاستغناء عن العديد من مبادئه.
ومع وجود الشريعة التي قدمت إطاراً محافظاً للتفكير والاستنتاج للمسلمين، وتوفيرها لهم مناهج تضمن سلامة تفكيرهم، لا يمكن إنكار أن المنطق اليوناني كان له تأثيره البارز في تراث الفكر الإسلامي. فقد ترك أثراً لا يمحى في مجالات متعددة من المعرفة والفكر، حتى خلال فترات الابتكار والإبداع التي شهدها المجتمع الإسلامي.
يسعى هذا الكتاب، بأسلوبه العميق والموسع، إلى استكشاف هذا الأثر وتحليله في سياقات الفكر والمعرفة في الإسلام، مسلطاً الضوء على التفاعلات والتبادلات الثقافية التي شهدتها هذه الميادين. ومن خلال تحليل شامل للأفكار والآراء التي تناولت المنطق اليوناني، يقدم المؤلف رؤية فريدة وعميقة تسلط الضوء على دور المنطق في بناء وتشكيل الفكر الإسلامي، وكيف أثرت قوانينه وقواعده في تطور المعرفة والفهم في هذا السياق الثقافي.
تتألف صفحات الكتاب البالغ عددها 376 صفحة، من عرض متسلسل ومنهجي للموضوع، يعتمد على استقراء وتحليل متعمق للمصادر والنصوص التاريخية والفلسفية ذات الصلة. وتظهر الجهود البحثية المتميزة للمؤلف في إعطاء صورة شاملة ودقيقة لتأثير المنطق اليوناني على الفكر الإسلامي، مما يجعل هذا الكتاب مرجعاً أساسياً للدارسين والمهتمين بتاريخ الفكر الإسلامي وتطوره.