في هذا الكتاب المميز بعنوان “المقدس والعنف”، الذي ألَّفه الكاتب مالك الشعار وجمع آخرون، يُطلع القارئ على مجموعة من الأبحاث والكلمات والدراسات التي تمَّ تقديمها خلال ورش العمل الثلاثة التي نظمتها جمعية آراء الثقافية في عام 2007 في مناطق طرابلس وعكار في لبنان الشمالي. تمحورت هذه الفعاليات حول جدلية العلاقة بين المقدس والعنف، مسلطة الضوء على أهمية فصل المقدس عن العنف والتأكيد على الضرورة الحادة لتحديد مفهوم “المقدس” وتبيان كيفية تأثيره على الإنسان من خلال منظومة قيم وجدانية واجتماعية.
توظف الأبحاث التي جرت في إطار هذه الورش الفكرية تحليلاً دقيقًا لفهم تفاعلات “المقدس” و”العنف”، حيث يتناول الباحثون تفصيلات الفصل بين الأبعاد الروحية والاجتماعية للمقدس، وكيف يمكن لها أن تسهم في تشكيل مجتمع يتجنب العنف ويُظهر احترامًا للذات والآخر. يسلط الكتاب الضوء على خطورة التوتر وعدم احترام الذات والآخر، ويناقش كيف يمكن تحويل الممارسات الضارة إلى سلوك إنساني مميز من خلال منح المساحة الكافية للحرية.
يُشير الكتاب إلى المساهمة الكبيرة لمؤسسة الصفيد وبلديتي طرابلس وحلبا في دعم ورعاية هذه الورش الثلاثة، حيث قدموا كل دعمهم وجهدهم بمحبة وتفانٍ. وفي إطار استمرار الجهود الثقافية، يُصدر الكتاب الثاني لجمعية آراء الثقافية، ويأتي ذلك مع إطلاق برنامجها لعام 2008 تحت عنوان “المرأة والعمل العام”، الذي يشمل مشروعًا يحمل عنوان “الخطاب الإسلامي المعاصر مخاض التطور والحياة”. يتناول البرنامج ثلاث ورش ثقافية فكرية في مناطق طرابلس وعكار والضنية تحت عنوان نفسه، بهدف تحقيق الأهداف التي حددتها الجمعية.
وتتسم هذه الأبحاث بالعمق والتحليل الفاحص، حيث تمتزج المعلومات بالتجارب العملية والرؤى الفلسفية. يُظهر الكتاب أن هناك مساحة كبيرة للتأمل في العلاقة بين المقدس والعنف، ويقدم مساهمة قيمة لفهم أفضل لهذه الديناميات وكيف يمكن تشكيل مستقبل يستند إلى قيم إنسانية مشتركة تحقق السلام والتآخي.