المشي أثناء النوم عند الأطفال: الأسباب، الأعراض، والعلاج
يعتبر المشي أثناء النوم عند الأطفال من الظواهر الشائعة التي تثير القلق لدى العديد من الأهل. ورغم أن هذه الظاهرة قد تبدو غريبة أو مقلقة في البداية، إلا أن العديد من الدراسات تشير إلى أنها حالة مؤقتة، تحدث غالبًا في مراحل معينة من النمو وتختفي مع مرور الوقت. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل هذه الظاهرة بما يشمل تعريفها، الأسباب التي قد تؤدي إليها، الأعراض التي تظهر على الطفل أثناء حدوثها، وطرق التعامل مع هذه الحالة.
تعريف المشي أثناء النوم
المشي أثناء النوم، أو “السير النومي”، هو اضطراب نوم يتمثل في قيام الطفل من سريره أثناء نومه والمشي أو القيام بحركات غير منطقية أو متكررة دون أن يكون في حالة وعي كامل. عادة ما يحدث هذا النوع من الاضطراب في مراحل معينة من النوم، وفي أغلب الأحيان لا يتذكر الطفل هذه الحركات أو التصرفات عند استيقاظه. قد تشمل هذه التصرفات السير حول الغرفة أو حتى الخروج منها، وقد يقوم الطفل بممارسات بسيطة مثل التحدث أو فتح العينين أو ارتداء ملابس معينة دون أن يكون واعيًا تمامًا لما يحدث.
أسباب المشي أثناء النوم
هناك العديد من الأسباب المحتملة التي قد تساهم في حدوث ظاهرة المشي أثناء النوم عند الأطفال، ويمكن تقسيم هذه الأسباب إلى عوامل جسدية ونفسية.
1. النضج العصبي والتطور:
تُعد هذه الظاهرة شائعة بشكل أكبر بين الأطفال في مراحل نموهم الأولى، خاصةً بين الأعمار من 4 إلى 8 سنوات. يحدث ذلك نتيجة لتطور الجهاز العصبي المركزي لدى الطفل، حيث تكون بعض مناطق الدماغ المسؤولة عن الوعي الكامل والتحكم في الحركات لا تزال غير ناضجة تمامًا. من المعروف أن مرحلة النوم العميق لدى الأطفال قد تؤدي إلى استيقاظ جزئي فقط، مما يسمح لهم بالقيام بحركات مثل المشي أثناء النوم.
2. الوراثة:
أظهرت الدراسات أن هناك علاقة وراثية لهذه الظاهرة، حيث إذا كان أحد الوالدين يعاني من هذه المشكلة أثناء طفولته، فقد يكون من المحتمل أن يعاني الطفل أيضًا من نفس المشكلة.
3. التوتر والقلق:
العوامل النفسية مثل التوتر، القلق أو الضغط النفسي قد تساهم في زيادة حدوث المشي أثناء النوم. يمكن أن يكون أي نوع من التغيير المفاجئ في حياة الطفل، مثل الانتقال إلى منزل جديد أو البدء في مدرسة جديدة، مصدرًا للقلق الذي يؤثر على نومه ويجعله أكثر عرضة لهذه الظاهرة.
4. قلة النوم:
إن الحرمان من النوم أو وجود مشاكل في روتين النوم يمكن أن يزيد من احتمالية حدوث المشي أثناء النوم. فالأطفال الذين لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم العميق قد يكونون أكثر عرضة للقيام بحركات غير متوقعة أثناء نومهم.
5. التغذية والعوامل البيئية:
قد تؤثر بعض العوامل البيئية مثل الإضاءة أو الضوضاء في غرفة النوم على نوم الطفل، مما يزيد من احتمالية حدوث هذه الظاهرة. كما أن بعض الأطعمة التي تحتوي على مواد تحفز الدماغ قد تؤدي إلى اضطرابات في النوم وتساهم في حدوث المشي أثناء النوم.
الأعراض والعلامات
الأعراض التي تظهر على الطفل أثناء المشي أثناء النوم قد تختلف من طفل لآخر، ولكن غالبًا ما تشمل ما يلي:
1. المشي أو التحرك في المنزل:
أكثر الأعراض شيوعًا هي أن الطفل يبدأ في السير أو التحرك في المنزل أثناء نومه، وهو غير مدرك لما يفعله.
2. التحدث أو إصدار أصوات:
قد يصدر الطفل بعض الأصوات أو الكلمات أثناء المشي، إلا أنه لا يكون في حالة وعي تام.
3. التفاعل مع الأشياء:
قد يظهر الطفل وهو يقوم بفتح الأبواب، تناول الطعام أو اللعب بأشياء من حوله، دون أن يكون لديه وعي بما يحدث.
4. القيام بحركات غريبة:
قد يتصرف الطفل بطريقة غريبة، مثل تحريك يديه أو قدميه بشكل غير طبيعي، أو قد يميل إلى أشياء أو أشخاص لا يدركهم.
5. استمرار النوم بعد الحركات:
أحد السمات المميزة للمشي أثناء النوم هو أن الطفل يواصل نومه العميق بعد أي تصرفات قد يقوم بها، ولا يتذكر ما حدث عند استيقاظه.
التشخيص
لا يحتاج المشي أثناء النوم عادةً إلى التشخيص الطبي، حيث يُعتبر جزءًا طبيعيًا من مرحلة النمو لدى معظم الأطفال. ومع ذلك، في الحالات التي يكون فيها المشي أثناء النوم متكررًا جدًا أو يشكل خطرًا على سلامة الطفل، قد يوصي الطبيب بزيارة مختص في طب النوم.
إذا كانت الحركات تحدث بشكل مفرط أو تؤثر على جودة النوم، قد يحتاج الطبيب إلى تقييم الحالة عن طريق تقنيات مراقبة النوم المتخصصة. يمكن أن يشمل ذلك إجراء دراسة للنوم في مختبر النوم لمراقبة النشاطات الميكانيكية والدماغية خلال النوم.
طرق التعامل مع المشي أثناء النوم
على الرغم من أن المشي أثناء النوم يُعتبر ظاهرة مؤقتة وغالبًا ما تختفي مع تقدم العمر، إلا أن هناك عدة طرق يمكن للأهل اتباعها للتقليل من حدوثه أو التعامل معه بشكل أكثر أمانًا:
1. ضمان روتين نوم منتظم:
من الأمور الأساسية التي يمكن أن تساعد في التقليل من المشي أثناء النوم هي ضمان أن يحصل الطفل على قسط كافٍ من النوم واتباع روتين نوم منتظم. يمكن أن يساعد إنشاء بيئة نوم هادئة، مظلمة، ومريحة في تحسين نوعية النوم وتقليل الحركات غير المعتادة أثناء الليل.
2. التقليل من التوتر والقلق:
مساعدة الطفل على إدارة توتره وقلقه يمكن أن يساعد بشكل كبير في تقليل حدوث المشي أثناء النوم. من المفيد تعليم الطفل تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق أو قراءة القصص قبل النوم لتهدئته.
3. التأكد من نوم الطفل بشكل جيد:
تحقيق نوم عميق وغير متقطع يُعد أمرًا مهمًا. إذا كان الطفل يعاني من قلة النوم أو اضطرابات نوم أخرى، فقد يساعد ذلك في تقليل احتمالية المشي أثناء النوم.
4. مراقبة البيئة المحيطة بالطفل:
تأكد من أن البيئة المحيطة بالطفل أثناء النوم آمنة تمامًا. على سبيل المثال، تأكد من أن الغرف خالية من أي أشياء حادة أو خطرة قد يتعرض لها الطفل أثناء سيره.
5. استشارة طبيب مختص:
في حال كان المشي أثناء النوم يشكل خطرًا على سلامة الطفل أو يتكرر بشكل متزايد، يُفضل استشارة طبيب مختص في طب النوم أو طبيب الأطفال للحصول على نصائح وعلاج مناسب.
تأثير المشي أثناء النوم على الأطفال
غالبًا ما تكون ظاهرة المشي أثناء النوم مؤقتة ولا تحمل تأثيرات سلبية على الطفل. في معظم الحالات، يختفي هذا الاضطراب مع تقدم الطفل في العمر. ومع ذلك، في حال استمرار المشكلة لفترة طويلة، قد تؤثر على نوعية النوم وتسبب قلة التركيز أو الأرق، خاصة إذا تكررت الحوادث خلال الليل.
الخاتمة
المشي أثناء النوم عند الأطفال هو اضطراب نوم شائع في مرحلة الطفولة، وغالبًا ما يختفي مع مرور الوقت. على الرغم من أنه يمكن أن يكون مصدرًا للقلق بالنسبة للأهل، إلا أن هذه الظاهرة ليست عادةً مقلقة من الناحية الصحية. من خلال الاهتمام بنظام النوم والعوامل البيئية المحيطة بالطفل، يمكن للأهل تقليل حدوث المشي أثناء النوم. وفي حال استمرت المشكلة أو ازدادت تعقيدًا، من المهم استشارة طبيب مختص لتحديد الأسباب والعلاج المناسب.
