المشي أثناء النوم: الأسباب والعلاج

المشي خلال النوم: أسبابه، وأعراضه، وطرق تشخيصه وعلاجه

المشي أثناء النوم أو “السير أثناء النوم” هو حالة يصاب بها بعض الأشخاص خلال مرحلة النوم العميق، حيث يقوم الشخص المشي أو أداء نشاطات أخرى بينما لا يكون مستيقظًا. تعتبر هذه الحالة من الاضطرابات السلوكية أثناء النوم التي تؤثر على نوعية الحياة وتعرض المصاب لعدة مخاطر صحية. في هذا المقال، سنتناول أسباب المشي أثناء النوم، أعراضه، طرق تشخيصه، وكذلك سبل العلاج المتاحة.

تعريف المشي خلال النوم

المشي خلال النوم هو حالة تحدث عندما يقوم الشخص المشي أو أداء أنشطة أخرى مثل التحدث أو تناول الطعام وهو في حالة نوم عميق. يتميز هذا الاضطراب بأنه يحدث خلال مراحل النوم العميق أو ما يُعرف بالنوم غير الريمي (Non-REM)، ويستمر المصاب في القيام بهذه الأنشطة دون أن يكون واعيًا بما يقوم به، وعادةً ما لا يتذكر الشخص ما حدث خلال النوم.

أسباب المشي خلال النوم

تعددت الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوث المشي أثناء النوم، ويمكن أن تكون هذه الأسباب مرتبطة بالعوامل الوراثية أو البيئية أو الطبية. ومن أهم هذه الأسباب:

1. العوامل الوراثية: هناك أدلة تشير إلى أن المشي أثناء النوم قد يكون وراثيًا. ففي العائلات التي تحتوي على أفراد مصابين بهذا الاضطراب، تزداد احتمالية حدوثه لدى الأبناء.

2. عدم انتظام النوم: قد يؤدي نقص النوم أو تكرار الأرق إلى زيادة فرصة حدوث المشي أثناء النوم. الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم مثل الأرق أو انقطاع التنفس أثناء النوم هم أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة.

3. التوتر والقلق: يمكن أن تلعب الضغوط النفسية والعاطفية دورًا كبيرًا في حدوث المشي أثناء النوم. التوتر المستمر أو الأحداث المجهدة قد تؤدي إلى اضطرابات في النوم، مما يعزز احتمالية حدوث هذا الاضطراب السلوكي.

4. الأدوية والمخدرات: بعض الأدوية والعقاقير النفسية قد تسبب هذا النوع من الاضطرابات. على سبيل المثال، أدوية مضادة للاكتئاب، أدوية منومة، أو أدوية مضادة للذهان قد تؤدي إلى السير أثناء النوم.

5. الأمراض العصبية: بعض الحالات العصبية مثل مرض باركنسون أو الصرع قد تكون مرتبطة بالمشي أثناء النوم. هذه الأمراض تؤثر على النشاط العصبي في الدماغ وقد تؤدي إلى سلوكيات غير طبيعية أثناء النوم.

6. الحرمان من النوم: عندما يعاني الشخص من نقص في النوم لفترات طويلة، قد يواجه اضطرابات في دورة النوم واليقظة، مما يزيد من فرصة حدوث المشي أثناء النوم.

7. الحمى: في بعض الحالات، قد تؤدي الحمى الشديدة إلى زيادة احتمالية حدوث سلوكيات غير طبيعية أثناء النوم، مثل السير أثناء النوم، خاصة في الأطفال.

أعراض المشي خلال النوم

تتمثل أعراض المشي أثناء النوم في مجموعة من التصرفات التي قد تختلف من شخص لآخر، لكن أشهر هذه الأعراض تشمل:

1. المشي أثناء النوم: يكون الشخص قادرًا على المشي حول الغرفة أو المنزل دون أن يكون واعيًا لذلك.

2. القيام بأنشطة أخرى: قد يشمل المشي خلال النوم أشياء مثل تناول الطعام، التحدث، أو حتى القيام بأعمال منزلية دون وعي.

3. فقدان الوعي التام: المصاب بالمشي أثناء النوم لا يكون لديه وعي بما يفعله، ولا يستطيع تذكر أي شيء من هذه الأنشطة عندما يستيقظ.

4. الارتباك عند الاستيقاظ: عند استيقاظ الشخص من المشي أثناء النوم، قد يشعر بالارتباك والدهشة، وقد لا يفهم كيف وصل إلى المكان الذي كان فيه.

5. الحركات غير المنتظمة: قد يقوم الشخص المصاب بحركات غير منطقية أثناء المشي، مثل الوقوف في أماكن غير معروفة أو ارتداء ملابس بطريقة غير صحيحة.

تشخيص المشي خلال النوم

تشخيص المشي أثناء النوم يعتمد على مجموعة من الأساليب التي يطبقها الأطباء والاختصاصيون في النوم. على الرغم من أن الشخص قد يكون غير واعٍ للحالة، فإن الطبيب يعتمد على عدة عوامل لتشخيص المرض بدقة:

1. الفحص السريري: يتم من خلاله أخذ التاريخ الطبي للمريض، ومراجعة أي حالات طبية قد تؤدي إلى حدوث هذه الظاهرة. كما يقوم الطبيب بالسؤال عن عادات النوم والتوترات النفسية.

2. دراسات النوم (Polysomnography): هي دراسة تتم في مختبرات النوم حيث يتم مراقبة أنماط النوم لدى المريض بشكل دقيق. تساعد هذه الدراسات في تشخيص الحالات مثل انقطاع التنفس أثناء النوم أو اضطرابات الحركة أثناء النوم.

3. المراقبة المنزلية: في بعض الحالات، قد ينصح الطبيب بتركيب جهاز مراقبة للنوم في المنزل لمتابعة سلوكيات النوم وتحديد ما إذا كان الشخص يعاني من السير أثناء النوم أو أي اضطرابات أخرى.

4. اختبارات النفسية: نظرًا لأن التوتر والقلق يمكن أن يكونا من العوامل المساهمة، فقد يطلب الطبيب إجراء اختبارات نفسية لتحديد ما إذا كانت هذه العوامل تؤثر على النوم.

علاج المشي خلال النوم

علاج المشي أثناء النوم يتطلب استراتيجيات متعددة تعتمد على السبب الأساسي لهذا الاضطراب. قد تشمل العلاجات التالية:

1. تحسين عادات النوم: واحدة من أفضل الطرق للحد من المشي أثناء النوم هي تحسين عادات النوم. يشمل ذلك الحصول على قسط كافٍ من النوم، والابتعاد عن المنبهات مثل الكافيين أو المنبهات النفسية قبل النوم.

2. العلاج السلوكي المعرفي: يمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي في التعامل مع التوتر والقلق، مما يؤدي إلى تحسين نوعية النوم وتقليل احتمالية حدوث المشي أثناء النوم.

3. الأدوية: في الحالات التي يكون فيها المشي أثناء النوم نتيجة لاستخدام أدوية معينة، قد يوصي الطبيب بتغيير الأدوية أو تعديل الجرعات. في بعض الأحيان، قد يتم وصف أدوية منومة أو أدوية مضادة للقلق لتحسين نوعية النوم.

4. العلاج النفسي: إذا كان التوتر أو القلق هو السبب الرئيسي، قد يوصي الطبيب بالعلاج النفسي، مثل العلاج بالتحدث، للتعامل مع الضغوطات النفسية.

5. الأجهزة الطبية: في بعض الحالات، قد يحتاج المريض إلى استخدام أجهزة تساعد على منع السلوكيات المتهورة أثناء النوم، مثل أجهزة للوقاية من السقوط أو الوقوع أثناء المشي.

6. تجنب محفزات المشي أثناء النوم: في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي الظروف المحفزة إلى حدوث المشي أثناء النوم. يُنصح بإزالة أي عوائق من طريق الشخص أو التأكد من بيئة نوم آمنة لتقليل المخاطر.

7. الجراحة: في الحالات النادرة، قد يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي في حال كانت المشكلة ناتجة عن اضطرابات عصبية أو مشاكل صحية أخرى.

الوقاية من المشي خلال النوم

من المهم تجنب بعض العوامل التي قد تؤدي إلى تفاقم الحالة. تشمل الوقاية ما يلي:

1. الحفاظ على روتين نوم ثابت: النوم في نفس الوقت كل يوم قد يساعد على تنظيم دورة النوم.

2. تجنب المنبهات: تجنب تناول الكافيين أو المشروبات المنبهة قبل النوم.

3. الحد من التوتر: يمكن أن يساعد تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا أو التأمل في تقليل التوتر.

خاتمة

المشي أثناء النوم هو اضطراب يؤثر على جودة حياة الشخص وقد يسبب مشاكل صحية متعددة إذا لم يتم التعامل معه بشكل مناسب. يتطلب هذا الاضطراب التشخيص الدقيق والعلاج المناسب وفقًا للسبب والعوامل المحفزة. من خلال الفهم الجيد لأسبابه وأعراضه وطرق العلاج المتاحة، يمكن تحسين حالة المصابين بهذا الاضطراب والحد من مخاطره.