في أوائل القرن العشرين، شهدت الولايات المتحدة تحولاً عميقاً في الحياة الثقافية والفنية، انعكس بشكل كبير في الفن الذي أصبح يعرف باسم “المشهد الأمريكي”. يعتبر كتاب “المشهد الأمريكي: أوائل القرن العشرين” لمؤلفته إميلي واسيمن (Emily Wasserman) من الأعمال التي سعت إلى توثيق هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ الفن الأمريكي. صدر هذا الكتاب في يناير من عام 1970 من قبل دار النشر “McCall Collection of Modern Art”.
يشير مصطلح “المشهد الأمريكي” إلى الحركة الفنية التي تطورت في الولايات المتحدة بين الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، حيث سعى الفنانون إلى التعبير عن الهوية الأمريكية من خلال تناول موضوعات محلية وتجسيد الحياة اليومية في أعمالهم. اتسمت هذه الفترة بالتحرر من التأثيرات الأوروبية، حيث بدأ الفنانون الأمريكيون بالتركيز على الخصوصية الثقافية والاجتماعية للولايات المتحدة.
تتناول إميلي واسيمن في كتابها هذه الحركة الفنية من خلال تحليل أعمال مجموعة من الفنانين الذين كانوا في طليعة هذا الاتجاه، مثل إدوارد هوبر، وتوماس هارت بينتون، وجورجيا أوكيف، وغيرهم. تسلط واسيمن الضوء على الطريقة التي استخدم بها هؤلاء الفنانون الوسائل الفنية لتصوير الواقع الأمريكي بمختلف جوانبه، سواء كان ذلك من خلال رسم المشاهد الريفية التي تعكس الحياة في المناطق الزراعية، أو من خلال تصوير المشاهد الحضرية التي تجسد التحولات السريعة في المدن الأمريكية.
يتميز كتاب “المشهد الأمريكي: أوائل القرن العشرين” بنهجه الأكاديمي الرصين، حيث يعتمد على تحليل دقيق للأعمال الفنية بالإضافة إلى السياق التاريخي الذي نشأت فيه. تقدم واسيمن في كتابها رؤى معمقة حول تأثير التغيرات الاجتماعية والاقتصادية على الفن الأمريكي، بما في ذلك تأثير الكساد الكبير على أسلوب ومضمون الأعمال الفنية في تلك الفترة.
وبالإضافة إلى ذلك، يركز الكتاب على دور المؤسسات الفنية والمتاحف في تعزيز الحركة الفنية في الولايات المتحدة، ويستعرض كيفية احتضان الجماهير الأمريكية لهذه الأعمال التي أصبحت تعبر عن هويتهم الوطنية. يعكس الكتاب أهمية هذه المرحلة من تاريخ الفن الأمريكي في تشكيل الهوية الثقافية للبلاد، ويبرز كيف أن الفن يمكن أن يكون مرآة تعكس التطورات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
يعد هذا الكتاب مرجعاً هاماً للباحثين والمهتمين بتاريخ الفن، حيث يقدم تحليلاً شاملاً للمشهد الفني في الولايات المتحدة خلال فترة مهمة من القرن العشرين. كما أنه يساهم في فهم أعمق للكيفية التي تطورت بها الفنون البصرية في أمريكا، وكيفية تفاعلها مع المجتمع والثقافة السائدة آنذاك.
في الختام، يعكس كتاب “المشهد الأمريكي: أوائل القرن العشرين” التزام المؤلفة إميلي واسيمن بتوثيق وتحليل مرحلة حيوية من تاريخ الفن الأمريكي. يعزز الكتاب الفهم العميق للفن كمصدر للتعبير الثقافي والاجتماعي، ويقدم للقارئ رؤية شاملة حول كيف أن الفن كان ولا يزال جزءاً لا يتجزأ من نسيج الحياة الأمريكية.