المرجعية الداخلية والخارجية

برنامج المرجعية الداخلية والمرجعية الخارجية

المقدمة

في عالم الأعمال والممارسات الشخصية، تعد المرونة والتكيف من أهم سمات الأفراد الذين يحققون النجاح. أحد المفاهيم الأساسية التي تساهم في بناء هذه القدرة على التكيف هي “المرجعية”. تعد المرجعية من أهم الأدوات التي يستخدمها الإنسان لتوجيه سلوكياته واتخاذ قراراته في الحياة اليومية والعمل. وعلى الرغم من أن هذه المرجعية قد تبدو سمة فردية إلى حد ما، إلا أن تأثيراتها تمتد إلى العلاقات الشخصية والتفاعلات الاجتماعية والمهنية. هناك نوعان رئيسيان من المرجعية: المرجعية الداخلية والمرجعية الخارجية. كل من هذين النوعين له تأثير كبير على طريقة تفكير الأفراد وتوجيه سلوكهم، وبالتالي على نجاحهم وتطورهم الشخصي والمهني. في هذا المقال، سنستعرض مفهوم كل نوع من أنواع المرجعية، آلية تأثيرهما، وكيف يمكن للأفراد استغلال هذين النوعين في حياتهم.

المرجعية الداخلية

المرجعية الداخلية هي التوجه أو الإطار الذي يستند إليه الأفراد في اتخاذ قراراتهم وتصرفاتهم بناءً على مبادئهم وقيمهم الشخصية. في هذا السياق، يعتمد الشخص على نفسه كمصدر رئيسي لتوجيه سلوكياته وتحديد معايير نجاحه. الأفراد الذين يتمتعون بمرجعية داخلية يميلون إلى أن يكونوا أكثر استقلالية وقدرة على التفكير النقدي، حيث يسعون لتحقيق أهدافهم وفقًا لرؤيتهم الشخصية ودون التأثر بشكل كبير بآراء الآخرين أو الضغوط الاجتماعية.

خصائص الأفراد ذوي المرجعية الداخلية

1. الاستقلالية: الأفراد الذين يمتلكون مرجعية داخلية لا يتأثرون بشكل كبير بما يعتقده الآخرون. هم واثقون من قراراتهم وأحيانًا يكون لديهم القدرة على اتخاذ قرارات صعبة حتى وإن كانت غير شائعة أو مقبولة من الآخرين.

2. التوجيه الذاتي: يمتلكون القدرة على تحديد أهدافهم وطريقهم دون الحاجة إلى إشراف مستمر. يعتمدون على تقييماتهم الشخصية لتحديد ما هو صواب وما هو خطأ.

3. القدرة على اتخاذ المخاطر: بما أن هؤلاء الأفراد يثقون في قيمهم الشخصية، فإنهم على استعداد لتحدي الوضع الراهن واتخاذ خطوات غير تقليدية إذا كانوا يعتقدون أن هذه الخطوات ستقودهم نحو النجاح.

4. التحمل: يميلون إلى التحلي بالصبر والمثابرة لتحقيق أهدافهم. إذا واجهوا تحديات، فإنهم يواجهونها من منطلق القوة الداخلية والإيمان بقدراتهم.

تأثير المرجعية الداخلية على الحياة المهنية والشخصية

• التطوير الشخصي: الأفراد الذين يعتمدون على مرجعية داخلية عادة ما يكون لديهم فهم أعمق لأنفسهم. هم يفضلون التعلم الذاتي والاستكشاف الشخصي لمهاراتهم وقدراتهم، مما يعزز من تطويرهم الشخصي المستمر.

• القرار الوظيفي: هؤلاء الأفراد يتخذون قرارات مهنية بناءً على معتقداتهم وقيمهم الداخلية، مما يؤدي إلى اختيار مسارات مهنية تكون أكثر توافقًا مع شخصياتهم، حتى لو كانت هذه المسارات أقل تقليدية أو أقل استقرارًا من خيارات أخرى.

• العلاقات الاجتماعية: في العلاقات الشخصية، قد يميل الأفراد الذين لديهم مرجعية داخلية إلى أن يكونوا أكثر صراحة واستقلالية. قد يجدون صعوبة في التكيف مع البيئات التي تتطلب تبعية أو توافق دائم مع الآخرين.

المرجعية الخارجية

المرجعية الخارجية هي التوجه الذي يعتمد فيه الفرد على العوامل الخارجية مثل توقعات المجتمع، معايير الآخرين، أو النجاح الذي يحدده الآخرون. يعتمد الشخص ذو المرجعية الخارجية على المدخلات من خارج نفسه ليحدد قراراته وسلوكياته. بمعنى آخر، يقوم الشخص بتوجيه سلوكه بناءً على تقييمات الآخرين ووجهات نظرهم. يمكن أن يتراوح تأثير المرجعية الخارجية بين التأثيرات الإيجابية التي تدفع الفرد للامتثال إلى معايير المجتمع، وبين التأثيرات السلبية التي قد تؤدي إلى الضغوط الاجتماعية والشخصية.

خصائص الأفراد ذوي المرجعية الخارجية

1. الاعتماد على الآخرين: الأفراد ذوو المرجعية الخارجية يسعون للحصول على إشارات من الآخرين لتوجيه سلوكياتهم. قد يبحثون عن تأكيدات من رؤسائهم في العمل، أصدقائهم، أو حتى العائلة قبل اتخاذ القرارات.

2. الالتزام بالمعايير الاجتماعية: هؤلاء الأفراد عادة ما يلتزمون بالقواعد والمعايير التي يحددها المجتمع أو بيئتهم. يشعرون براحة أكبر عندما يتوافقون مع توقعات الآخرين.

3. الحاجة إلى التقدير الخارجي: لديهم رغبة قوية في الحصول على الاعتراف والقبول من الآخرين. قد يؤثر هذا في قراراتهم ويجعلهم يتصرفون بطريقة تلائم آراء الناس حولهم.

4. التأثر بالبيئة: يتأثر هؤلاء الأفراد بسهولة بالبيئة التي يعيشون فيها. قد يتغير سلوكهم بشكل كبير حسب الأشخاص الذين يتفاعلون معهم أو الظروف المحيطة.

تأثير المرجعية الخارجية على الحياة المهنية والشخصية

• التطوير الشخصي: الأفراد الذين يعتمدون على المرجعية الخارجية قد يعانون من ضعف في التعرف على أنفسهم بشكل كامل. قد يكونون عرضة للتأثيرات الخارجية التي قد تشوش على أهدافهم الشخصية وتوجهاتهم.

• القرار الوظيفي: في الحياة المهنية، قد يتأثر هؤلاء الأفراد بشكل كبير بما يتوقعه منهم مديروهم أو زملاؤهم. قد يتجنبون اتخاذ قرارات مهنية صعبة إذا كانوا يعتقدون أن هذه القرارات قد تؤدي إلى رد فعل سلبي من البيئة المحيطة بهم.

• العلاقات الاجتماعية: في العلاقات الشخصية، قد يكون هؤلاء الأفراد أكثر توافقًا مع الآخرين، ولكنهم قد يعانون من صعوبة في التعامل مع الضغوط الاجتماعية أو تحمل المسؤولية عن اختياراتهم إذا كانت غير متوافقة مع المعايير المتوقعة.

مقارنة بين المرجعية الداخلية والخارجية

المرجعية الداخلية والخارجية تختلف بشكل جذري في الطريقة التي ينظر بها الأفراد إلى العالم ويتفاعلون معه. يمكن تلخيص الفرق بينهما في النقاط التالية:

كيفية الاستفادة من كلا النوعين

من المهم أن يدرك الأفراد أن كلا من المرجعية الداخلية والخارجية لها دور مهم في حياتهم. على الرغم من أن الاعتماد على مرجعية داخلية قد يعزز من الاستقلالية والابتكار، إلا أن الانفتاح على المرجعية الخارجية قد يساعد في تجنب العزلة الاجتماعية والتأثيرات السلبية من البيئة. في الواقع، يمكن للأفراد أن يوازنوا بين النوعين ليصبحوا أكثر قدرة على التكيف مع بيئاتهم المختلفة مع الحفاظ على جوهر شخصياتهم.

1. المرجعية الداخلية كأساس للتوجيه الشخصي: يمكن للأفراد الاعتماد على مرجعية داخلية قوية لتحقيق أهدافهم الشخصية. هذا يسمح لهم بمواجهة التحديات بثقة أكبر والابتعاد عن الضغوط الخارجية التي قد تقيد إبداعهم.

2. المرجعية الخارجية لتوجيه سلوكيات اجتماعية: في بيئات اجتماعية أو مهنية معينة، يمكن أن تساعد المرجعية الخارجية على تحسين التفاعل مع الآخرين، مما يعزز من التعاون والقدرة على العمل الجماعي.

الخاتمة

من خلال فهم كيفية تأثير كل من المرجعية الداخلية والخارجية على سلوكيات الأفراد، يمكنهم اتخاذ قرارات أكثر وعيًا وتحقيق توازن صحي بين التوجهات الشخصية ومتطلبات البيئة المحيطة. تعد القدرة على التكيف بين هذين النوعين من المرجعية سمة أساسية للنجاح الشخصي والمهني في العالم المعاصر.