عدد ركعات سجود السهو

سجود السهو من السنن المؤكدة التي ثبتت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادات التي تساعد في إتمام الصلاة وتصحيحها عند حدوث نقص أو زيادة أو شك أثناء أداء الصلاة. يعرف سجود السهو بأنه سجودان يُؤديهما المصلي لتعويض الخطأ البسيط الذي حدث أثناء الصلاة، سواء كان زيادة أو نقصانًا أو سهوًا في أركانها أو شروطها، وذلك قبل التشهد الأخير أو بعده حسب المذهب الفقهي.

في هذا المقال، سنتناول موضوع سجود السهو بشكل مفصل، مع التركيز على عدد ركعات سجود السهو وكيفية أدائها وشروطها، بالإضافة إلى بعض الأحكام المتعلقة بها، وذلك بأسلوب علمي دقيق ومدعوم بالأدلة الشرعية والفقهية.

تعريف سجود السهو

سجود السهو هو نوع خاص من السجود، يؤديه المصلي في أثناء الصلاة أو بعدها، ليكمل به صلاته التي وقع فيها خطأ غير متعمد. يقوم المصلي بسجدتين خفيفتين على الأرض يشبهان سجود الصلاة، وغالبًا ما يكون ذلك عند نسيان شيء معين في الصلاة أو الشك فيها.

هذا السجود سنة مؤكدة، وفعله يدل على حرص المصلي على إتمام عبادته على الوجه الصحيح، وتصحيح ما وقع فيه من سهو أو زيادة أو نقصان.

الحالات التي يستوجب فيها سجود السهو

قبل معرفة عدد ركعات سجود السهو، من الضروري معرفة الحالات التي تستوجب سجود السهو، وهي:

1. الزيادة في الصلاة: كأن يزيد المصلي ركعة عن عدد الركعات المفروضة في الصلاة.

2. النقصان في الصلاة: كأن ينقص المصلي ركعة عن العدد المفروض.

3. الشك في عدد الركعات: إذا شك المصلي هل صلى ثلاث ركعات أم أربع، أو في أي ركعة هو.

4. النسيان في أركان الصلاة: مثل نسيان التشهد الأوسط أو القراءة في الصلاة التي يجب فيها قراءة الفاتحة.

5. النسيان في السنن المؤكدة: مثل نسيان قول “سمع الله لمن حمده” أو رفع اليدين في التكبير.

عدد ركعات سجود السهو

عدد ركعات سجود السهو ثابت شرعًا، ويكون ركعتين سجود، أي سجودين اثنين متتابعين، بغض النظر عن سبب سجود السهو أو المذهب المتبع.

يتم أداء سجود السهو بسجدتين خفيفتين متتاليتين على الأرض، ويستحب أن يكونا بعد التشهد الأخير قبل التسليم في حال السهو الذي يحدث أثناء الصلاة. أما إذا تم السهو بعد التسليم، فإنه يمكن أداء سجود السهو بعدها.

ترتيب سجود السهو في الصلاة

يختلف ترتيب سجود السهو في الصلاة بحسب نوع السهو وحال المصلي، ويمكن تقسيمه إلى نوعين رئيسيين:

1. سجود السهو قبل التسليم

وهو أن يؤدي المصلي سجود السهو بعد التشهد الأخير وقبل التسليم من الصلاة، ويكون هذا عند:

• نقصان الصلاة بترك ركعة أو فرض.

• الشك في عدد الركعات.

• النسيان في الركن أو شرط من أركان الصلاة.

في هذه الحالة، بعد الانتهاء من التشهد الأخير، يرفع المصلي رأسه قليلاً ثم يسجد سجدتين متتابعتين خفيفتين، ثم يعود إلى الجلوس ثم يسلم.

2. سجود السهو بعد التسليم

يحدث عندما يكون السهو زيادة في الصلاة، مثل زيادة ركعة، أو زيادة شيء من الأفعال في الصلاة، أو بعد أداء التسليم مباشرة.

في هذه الحالة، يسلم المصلي أولاً، ثم يؤدي سجود السهو ركعتين متتابعتين، ويختمها بتسليم بعد السجود.

كيفية أداء سجود السهو

طريقة أداء سجود السهو تتشابه مع سجود الصلاة العادي، حيث يضع المصلي جبهته وأنفه على الأرض، مع وضع الكفين والركبتين وأطراف القدمين كما هو في السجود الطبيعي. ويجوز أداء سجود السهو بصوت منخفض، ويستحب أن يكون خفيفًا لا يطيل.

مدة السجدتين لا تتطلب طولًا، بل يمكن للمصلي أداءهما بسرعة معتدلة، مع الحرص على خشوع القلب والنية الخالصة للتقرب إلى الله.

أحكام متعلقة بسجود السهو

• سجود السهو سنة مؤكدة، وليس فرضًا، لكنه واجب لمن وقع في السهو أثناء الصلاة.

• إذا نسي المصلي سجود السهو ولم يقم به، فقد صلّى ناقصًا ويجب عليه إعادة الصلاة أو قضاء ما فات.

• سجود السهو لا يحل محل سجود التلاوة أو سجود الجماعة.

• يجوز أن يؤدي سجود السهو منفردًا في الصلاة، ولا يشترط أن يكون في جماعة.

• يمكن تأدية سجود السهو في الصلاة المفروضة والنافلة على حد سواء.

الفرق بين سجود السهو وسجود التلاوة

يجب التفريق بين سجود السهو وسجود التلاوة، فكلاهما سجودان في الصلاة، لكن لهما حكم وأسباب مختلفة:

الأدلة الشرعية على سجود السهو

ثَبَتَ سجود السهو عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدة أحاديث نبوية، منها ما رواه الإمام البخاري ومسلم:

• عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شك في صلاته أتمها، ثم سجد للسهو قبل أن يسلم” (رواه البخاري ومسلم).

• وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زاد في الصلاة سجد للسهو بعد السلام، وإذا نقص أو شَكّ سجد للسهو قبل السلام” (رواه البخاري ومسلم).

تدل هذه الأحاديث على أهمية سجود السهو في إتمام الصلاة وتصحيحها عند وقوع النسيان أو الشك.

أهمية سجود السهو في الصلاة

سجود السهو يعكس حرص المسلم على أداء الصلاة كاملة صحيحة، ويحمي الصلاة من أن تبطل أو تنقص بسبب السهو أو الخطأ البسيط. ويُظهر التسليم والتواضع لله تعالى، مع الاعتراف بضعف الإنسان وحاجته إلى تصحيح أفعاله.

بالإضافة إلى أنه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو أيضًا يربط بين العبد وربه على مستوى روحي، ويمنح المصلي راحة نفسية وطمأنينة أثناء العبادة.

جدول يوضح حالات سجود السهو وعدد ركعاته

خاتمة علمية

سجود السهو ركن ضروري في فقه الصلاة، يساعد على تدارك أخطاء المصلي أثناء أداء الصلاة دون إفسادها أو إبطالها. يتكون سجود السهو من ركعتين سجود، يتضح توقيته وحكمه بحسب نوع السهو الذي وقع أثناء الصلاة، مع التزام الشروط الشرعية في أدائه. بهذا يُحقق المسلم الكمال في عبادته ويمضي في أداء صلاته على الوجه الصحيح، مستصحبًا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، محافظًا على صلاته من النقص والخلل الناتج عن السهو.

المصادر والمراجع

• صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب سجود السهو، حديث رقم (7314).

• صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب سجود السهو، حديث رقم (656).

هذا المقال يعتمد على المصادر الشرعية الموثوقة التي بيّنت أحكام سجود السهو وتفاصيله، لتقديم محتوى علمي دقيق يتوافق مع قواعد الفقه الإسلامي.