اللعب مع طفل عمر سنتين

عنوان المقال: اللعب مع طفل بعمر السنتين

اللعب مع الطفل في عمر السنتين ليس مجرد وسيلة لقضاء الوقت، بل هو عنصر أساسي في نموه وتطوره الشامل. هذا العمر هو مرحلة مفصلية في حياة الطفل، حيث يبدأ في اكتشاف العالم من حوله بفضول متزايد، ويتشكل وعيه الذاتي تدريجياً، وتبدأ مهاراته الاجتماعية والمعرفية والحركية في التطور السريع. من هنا تنبع أهمية التفاعل اليومي مع الطفل من خلال أنشطة اللعب المنظمة والعفوية على حد سواء، حيث يمكن للوالدين أن يصبحوا الشركاء الأساسيين في هذه الرحلة النمائية الممتعة والمليئة بالتحديات.

في هذا المقال المفصل، سنستعرض أهم أنواع اللعب المناسبة لطفل عمره سنتين، الفوائد التنموية لكل نوع من هذه الأنشطة، إضافة إلى توجيهات عملية لكيفية التفاعل مع الطفل بطريقة محفزة وآمنة.

النمو الحسي والحركي في عمر السنتين

قبل البدء في اقتراح أنواع اللعب، من الضروري فهم الخصائص النمائية لهذا العمر. الطفل في عمر السنتين يكون في مرحلة انتقالية بين الرضيع والطفل الصغير. تظهر خلال هذه المرحلة بعض السمات المهمة:

• الحركة المتقدمة: يصبح الطفل أكثر قدرة على المشي، الركض، القفز، ودفع أو سحب الألعاب.

• استخدام اليدين: يبدأ في استخدام أدوات بسيطة مثل الأقلام، الملاعق، والفرشاة.

• اللغة: تبدأ الكلمات الأولى في التبلور، وتتسع المفردات بسرعة ملحوظة.

• الاستقلالية: يزداد رغبته في القيام بالأشياء بنفسه، لكنه لا يزال بحاجة للمساعدة والمرافقة المستمرة.

بفهم هذه السمات، يمكن اختيار الأنشطة التي تعزز هذه الجوانب بطريقة إيجابية.

أنواع اللعب المناسبة لطفل في عمر السنتين

1. اللعب الرمزي والتقليدي

في عمر السنتين يبدأ الطفل في استخدام خياله بشكل بسيط، ويمكن ملاحظة ذلك عندما يُطعم دميته أو يقود سيارة لعبة كما لو كانت حقيقية. يمكن تعزيز هذا النوع من اللعب من خلال:

• تقديم دمى وعرائس.

• أدوات منزلية صغيرة مثل أواني الطهي البلاستيكية.

• سيارات وشاحنات وأدوات بناء صغيرة.

هذا النوع من اللعب يعزز المهارات الاجتماعية، والتخيل، وتطوير اللغة، ويساعد الطفل على تقليد الأنشطة اليومية للبالغين.

2. اللعب الحركي

الأطفال في هذا العمر يمتلكون طاقة كبيرة ويحتاجون إلى تصريفها من خلال أنشطة بدنية مفيدة:

• التسلق على معدات اللعب الآمنة.

• دفع أو سحب عربات الألعاب.

• القفز في مكان آمن مثل المراتب الناعمة أو البساط الإسفنجي.

• الركض في أماكن مفتوحة مثل الحدائق أو الساحات.

يساعد اللعب الحركي في تقوية العضلات، تحسين التوازن، وتنسيق الحركات.

3. اللعب الاستكشافي والحسي

تزداد حواس الطفل تطورًا في هذه المرحلة، ويمكن تنميتها من خلال أنشطة ملموسة:

• اللعب بالرمل أو الماء.

• استخدام مواد مثل الأرز أو الفاصوليا الجافة في أوعية بلاستيكية.

• العجين أو الصلصال الآمن للأطفال.

• صناديق الاكتشاف التي تحتوي على عناصر مختلفة الملمس والرائحة.

هذا النوع من اللعب يساهم في تعزيز القدرات الحسية والمعرفية ويساعد الطفل على التعرف على خصائص المواد المختلفة.

4. اللعب التفاعلي الاجتماعي

على الرغم من أن الطفل في عمر السنتين لا يشارك كثيرًا في اللعب الجماعي، إلا أن اللعب مع البالغين أو الأطفال الآخرين يمنحه مهارات اجتماعية أساسية مثل:

• تبادل الأدوار.

• انتظار الدور.

• التعبير عن الرغبات بالكلمات أو الإشارات.

• التعاطف والضحك الجماعي.

يمكن تحقيق هذا النوع من التفاعل من خلال الغناء الجماعي، الألعاب التكرارية مثل “الغميضة” أو “التصفيق مع الإيقاع”، أو حتى القراءة معًا.

5. اللعب اللغوي والتعليمي

في هذا العمر، يمكن إدخال أنشطة بسيطة تعزز اللغة والمعرفة الأولية:

• قراءة كتب مصورة يوميًا مع شرح الصور.

• تسمية الأشياء والألوان والأشكال.

• استخدام بطاقات تعليمية مصورة.

• أغاني الأطفال مع حركات معبرة.

اللعب التعليمي في هذه المرحلة ليس بهدف تحفيظ المعلومات بل لبناء الأساس السمعي واللفظي والإدراكي بطريقة ممتعة.

أهمية التكرار في اللعب

يُظهر الطفل في عمر السنتين رغبة شديدة في تكرار نفس النشاط مرارًا وتكرارًا. هذا السلوك ليس مملًا أو عبثيًا، بل هو طريقة دماغه لفهم الأنماط وتثبيت المهارات. على الوالدين تشجيع هذا التكرار ومنحه الوقت والاهتمام اللازمين دون استعجال أو ملل.

الإشراف على اللعب وسلامة الطفل

سلامة الطفل أثناء اللعب أمر لا بد منه في هذا العمر الحرج. بعض التوجيهات الأساسية تشمل:

• التأكد من أن الألعاب خالية من القطع الصغيرة القابلة للبلع.

• تفادي الألعاب ذات الحواف الحادة أو المواد السامة.

• تجنب ترك الطفل دون مراقبة أثناء اللعب بالماء أو الرمل أو المواد الصغيرة.

• استخدام الأدوات واللوازم المناسبة لعمر الطفل وفق توصيات الجهات المصنعة.

الروتين اليومي للعب

تنظيم وقت اللعب بشكل منتظم خلال اليوم يعزز من الشعور بالأمان لدى الطفل، ويجعل النشاطات أكثر فاعلية. يمكن تقسيم اليوم إلى فترات تشمل:

• لعب حر صباحي في الهواء الطلق.

• أنشطة حسية بعد القيلولة.

• جلسة قراءة قبل النوم.

• وقت للرسم أو البناء بعد الوجبات.

هذا التنظيم يساهم في تعزيز الانضباط الذاتي وتنظيم العاطفة لدى الطفل.

المشاركة الفعالة من الوالدين

الدور الذي يلعبه الوالد أو الوالدة في اللعب لا يقتصر على المراقبة أو التوجيه، بل يجب أن يكونوا شركاء حقيقيين في اللعبة. من المهم:

• النزول إلى مستوى الطفل الجسدي عند اللعب.

• إظهار الحماس والتفاعل مع ما يقوم به.

• عدم التدخل المفرط في قرارات الطفل أثناء اللعب بل دعمه لاستكشاف الحلول بنفسه.

• استخدام كلمات مشجعة تصف ما يفعله الطفل، مثل: “رأيتك تبني برجًا طويلًا جدًا!” أو “أعجبتني طريقتك في وضع السيارة على الجسر.”

التعامل مع الملل والتشتت

الطفل في هذا العمر يمتلك فترة تركيز قصيرة قد لا تتجاوز بضع دقائق. لهذا من الطبيعي أن ينتقل من نشاط لآخر بسرعة. لا يجب اعتبار هذا السلوك سلبيًا أو دليلًا على تشتت، بل هو جزء من طبيعة نموه العقلي. لتقليل الملل:

• توفير بيئة غنية بالألعاب المنوعة دون إغراق الطفل بها.

• التناوب بين أنواع اللعب (حركي، رمزي، تعليمي).

• تجديد بعض الألعاب دوريًا وإخفاء أخرى لبعض الوقت لإعادة تقديمها لاحقًا وكأنها جديدة.

جدول مقترح لألعاب يومية لطفل عمره سنتين

اللعب كجسر للعلاقة العاطفية

اللعب لا يحقق فقط الفوائد النمائية، بل هو أيضًا الوسيلة المثلى لبناء علاقة قائمة على الثقة والدفء بين الطفل ووالديه. من خلال التفاعل اليومي الهادئ، يتعلم الطفل أن يشعر بالأمان والانتماء والقبول، وهي احتياجات نفسية أساسية تسبق أي تعليم أو تأهيل أكاديمي.

مصادر:

1. American Academy of Pediatrics. (2020). The Importance of Play in Promoting Healthy Child Development and Maintaining Strong Parent-Child Bonds.

2. Montessori, Maria. (1949). The Absorbent Mind.