اللؤم في الأقوال والحكم

أقوال وحكم عن اللئيم

لطالما كانت الأخلاق معيارًا أساسياً في تقييم الأفراد وتحديد مكانتهم في المجتمع. من بين هذه الأخلاق، يظهر مفهوم اللؤم، الذي يعتبر من أقبح الصفات التي يمكن أن يتحلى بها الإنسان. اللئيم هو الذي يتسم بالأنانية والجشع، ويعجز عن إظهار أدنى درجات الرحمة أو الإنسانية تجاه الآخرين. في هذه المقالة، سنستعرض العديد من الأقوال والحكم التي تتناول شخصية اللئيم وما تحمله من صفات ذميمة، وكيف يراه الأدباء والحكماء في مختلف العصور.

تعريف اللؤم

اللؤم هو صفة تنطوي على السوء، حيث يظهر الشخص اللئيم تصرفات تدل على قلة الأدب، والبخل، والانتهازية. اللئيم لا يراعى حقوق الآخرين، ويعمل على استغلالهم لمصالحه الشخصية بأبشع الطرق. قد يتسم اللئيم بالكذب والخداع، وهو بعيد عن أي نوع من العطاء أو الرحمة، مما يجعله موضع ازدراء في جميع الثقافات والمجتمعات.

في الأدب العربي: اللؤم في الشعر

لطالما تناول الشعر العربي موضوع اللؤم في العديد من قصائده، حيث كان الشعراء يصفون اللئام بكلمات قاسية تنم عن احتقارهم لهذه الصفة. فقد قال الشاعر العربي المعروف المرقش الأكبر:

“اللئيم إذا ما ضاق به المدى *** فتش في وجوه الناس عن ضياع”

في هذه الأبيات، يوضح الشاعر أن اللئيم، في لحظات ضيقته، لا يتردد في البحث عن الآخرين ليحمّلهم مسؤولية عجزه وتقصيره.

أما الشاعر المتنبي فيقول:

“ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل *** وما أضيق اللؤم في قلب الحاقد”

هنا، يظهر المتنبي التباين بين الأمل النبيل وبين اللؤم الذي يشوه القلب ويغلقه عن رؤية الخير في الحياة.

حكم عن اللئيم في الفلسفة

من المعروف أن الفلاسفة لا يترددون في تناول موضوعات الأخلاق وتقييم الشخصيات البشرية من خلال مواقفهم المختلفة. في فلسفة أرسطو، نجد أن اللؤم هو سمة شخصية تابعة للفرد الذي يعجز عن التفكير في الآخرين أو الموازنة بين مصالحه ومصالح من حوله. يقول أرسطو في كتابه “الأخلاق النيقوماخية”:

“إن اللؤم هو بداية السقوط إلى الهاوية، فمن يفرط في استخدام مكر الآخرين لا يلبث أن يعزل نفسه عنهم.”

كما تناول الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو فكرة اللؤم في فلسفته الاجتماعية، مؤكداً أن الإنسان اللئيم يكون غالباً منفصلاً عن المجتمع، لافتًا إلى أن غرائزه الأنانية تجعله يراعي مصالحه دون النظر إلى المصلحة العامة. يصف روسو اللؤم باعتباره أحد الأسباب الأساسية لفساد العلاقات الإنسانية وتدمير المجتمعات.

اللئيم في الإسلام

في الإسلام، يُعتبر اللؤم من الصفات الذميمة التي يجب على المسلم أن يبتعد عنها، وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحث على صفات الخير والتعاون والعطاء. وفي الحديث الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“من لا يُؤثِر الناس لا يُؤثَر”.

هذا الحديث يوضح أن الشخص الذي لا يولي الآخرين اهتمامًا أو لا يساعدهم في الأوقات الصعبة هو شخص بعيد عن الأخلاق الطيبة. وتُظهر العديد من الأحاديث النبوية ضرورة الرحمة والتعاون والتسامح، في مقابل الكراهية والنفاق اللذين يتحلى بهما الشخص اللئيم.

قال علي بن أبي طالب:

“اللئيم لا يهتم إلا بمصلحته الشخصية، فإذا فقدت هذه المصلحة، فقدت معه كل شيء.”

من خلال هذه الأقوال النبوية، يتضح أن اللؤم ليس فقط عيبًا في السلوك الفردي، بل هو أيضًا عائق أمام تقدم المجتمع ونمائه.

اللؤم في التاريخ

على مر العصور، كان اللؤم أحد الأسباب التي دمرت العديد من الشخصيات السياسية والاجتماعية. قد نجد في العديد من القصص التاريخية عن الحكام والولاة الذين تميزوا باللؤم والظلم، وتركوا خلفهم إرثًا من الفساد. كانت تلك الشخصيات تستخدم المكر والخداع لتأمين مصالحها الخاصة، دون النظر إلى مصالح الأمة. من أبرز الأمثلة على ذلك كان الحاكم الأموي الذي كان يتسم باللؤم والبخل، ويقول في نفسه: “أتحكم في الناس كما لو أنهم عبيد”.

وتبين هذه الأمثلة أن اللؤم قد يؤدي إلى تدهور القيم الاجتماعية والسياسية، مما يؤدي إلى تقويض استقرار المجتمع.

أمثال وحكم شعبية عن اللؤم

الحكمة الشعبية تعتبر أحد أبرز الوسائل التي استخدمها البشر في مختلف الثقافات للتعبير عن اللؤم وأثره في المجتمع. في الثقافة العربية، يوجد العديد من الأمثال التي تعكس تلك الفكرة. من أشهر هذه الأمثال:

• “اللي يئس من الخير، غرق في اللؤم”.

• “اللئيم لا يُعترف له بجميل”.

• “من كان لئيماً، كان عدوّاً للناس”.

هذه الأمثال تعبر بصدق عن الانطباعات السلبية التي يتركها اللئيم في حياة من حوله. اللئيم يُصوَّر هنا على أنه شخص لا يستحق الثقة أو التقدير.

اللؤم في الأدب الغربي

لم يقتصر تناول اللؤم على الأدب العربي فقط، بل كان له حضور كبير في الأدب الغربي. في الأدب الإنجليزي، نجد أن ويليام شكسبير في مسرحيته الشهيرة “تاجر البندقية” يصور شخصية شيلوك باعتباره مثالًا للإنسان اللئيم. شيلوك، الذي يرمز إلى الجشع والقسوة، كان يطالب بحقه على حساب معاناة الآخرين.

وحتى في الأدب الفرنسي، نجد أن فكتور هوغو في روايته “البؤساء” يظهر شخصية جافير كرمز لللؤم، حيث كان جافير يلاحق جان فالجان دون رحمة، في حين أن الأخير كان يغير حياته لصالح الآخرين.

في الختام

إن اللؤم ليس مجرد صفة سيئة تعبر عن الجشع أو الأنانية فقط، بل هو يتعدى ذلك ليكون تهديدًا للعلاقات الإنسانية والمجتمعية. من خلال استعراض العديد من الأقوال والحكم حول اللئيم، يتضح أن هذه الصفة تُعتبر عائقًا كبيرًا أمام التقدم والتنمية. الإنسان الذي يتحلى بهذه الصفة يعيش في عزلة عن بقية البشر، ولا يترك خلفه إلا الحقد والدمار. لذلك، من الضروري أن يسعى الإنسان إلى التحلي بالفضائل الإنسانية التي تعزز التعاون والتضامن، وأن يبتعد عن صفات اللؤم التي تضر بالفرد والمجتمع.