كتاب “Bible Code II: The Countdown”، الذي ألفه مايكل دروسنين وصدر عن دار نشر فايكنغ التابعة لمجموعة بنغوين في ديسمبر من العام 2002، يمثل استمرارًا لسلسلة الكتب التي بدأها دروسنين مع كتابه الأول “The Bible Code”. في هذه السلسلة، يستكشف دروسنين فكرة أن التوراة، أو النصوص المقدسة للديانة اليهودية، تحتوي على رموز ورسائل مخفية يمكن فك شفرتها باستخدام برمجيات الحاسوب المتطورة.
يبني “Bible Code II: The Countdown” على الأفكار التي طرحها دروسنين في كتابه الأول، مقدمًا حججًا وادعاءات بأن هذه الشيفرات لا تحمل فقط رسائل غامضة بل تنبؤات محددة تتعلق بأحداث المستقبل. الكتاب ينطلق من الفرضية القائلة بأنه بالإمكان التنبؤ بأحداث مثل الكوارث الطبيعية، الاغتيالات السياسية، وحتى نهاية العالم من خلال تحليل الكود الكتابي.
تبدأ رحلة دروسنين في هذا الجزء بمزيد من التحليل العميق للنصوص، مستخدمًا تقنيات رقمية لفك تشفير التوراة واستخراج تنبؤات تتعلق بالأحداث العالمية الرئيسية. يُبرز الكتاب كيف يعتقد دروسنين أن هذه النصوص تنبأت بأحداث مثل هجمات الحادي عشر من سبتمبر وأزمات الشرق الأوسط، ويقترح أن التوراة قد تكون تضمنت تحذيرات من أحداث مستقبلية أخرى قد تكون كارثية إذا لم يتم التعامل معها بجدية.
من النقاط الجديرة بالذكر في الكتاب هو الطريقة التي يناقش بها دروسنين الأساس العلمي للكود الكتابي. يُفيد الكتاب بأن الدراسات التي أجراها خبراء في التشفير واللغويات وعلوم الحاسوب قد أيدت فكرة أن هذه الشفرات ليست مجرد صدفة بل تعكس تصميمًا ذكيًا وربما نية مقصودة. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذه الادعاءات واجهت انتقادات كبيرة من العديد من العلماء والمفكرين الذين يرون أن البحث عن الكود الكتابي قد يتضمن درجة من التأكيد المسبق، حيث يبحث الباحثون عن أنماط تؤكد توقعاتهم مسبقًا.
علاوة على ذلك، يناقش الكتاب تداعيات فك شفرة التوراة على التفسير الديني والفلسفي للنصوص المقدسة. فهو يطرح السؤال: إذا كان بالإمكان فعلاً التنبؤ بالمستقبل باستخدام هذه الشفرات، فما الذي يعنيه ذلك لحرية الإرادة ومفهوم القدر في الفكر الديني؟
“Bible Code II: The Countdown” يقدم لقرائه تجربة غنية بالمعلومات والجدل، مقدمًا نقاشًا مفتوحًا حول العلاقة بين الدين والعلم، وما بين الإيمان والتقنية. ورغم أن الكتاب يحمل جاذبية كبيرة للذين يهتمون بنظريات المؤامرة والتنبؤات الدينية، فإنه يتطلب من القارئ الحفاظ على مستوى عالٍ من النقد العلمي والتفكير الموضوعي لفهم وتقييم الادعاءات التي يطرحها.