القطران لعلاج صدفية الفروة

القطران لعلاج صدفية فروة الرأس: فعالية تقليدية تدعمها الأدلة

مقدمة

تُعد صدفية فروة الرأس من أكثر أنواع الصدفية شيوعًا وتأثيرًا على جودة حياة المريض، حيث تترافق مع أعراض مزعجة كالحكة الشديدة، التقشر الكثيف، التهيج، وأحيانًا تساقط الشعر المؤقت. وعلى الرغم من تطور العلاجات الطبية الموضعية والبيولوجية، لا يزال القطران – أحد أقدم العلاجات المستخدمة – يحتفظ بمكانته كخيار فعال ومتوفر لعلاج هذا الاضطراب الجلدي المزمن، خاصةً في المراحل الخفيفة إلى المتوسطة. يتميز القطران بقدرته على تقليل الالتهاب، إبطاء تكاثر الخلايا الجلدية، والتقليل من الحكة والقشور، ما يجعله مادة علاجية غنية بالقيمة السريرية.

ما هو القطران؟

القطران هو مادة سوداء لزجة تُستخرج من عملية التقطير الجاف للفحم الحجري أو الخشب، ويُعرف باسم “قطران الفحم” أو “قطران الخشب” حسب مصدره. يتمتع القطران بتاريخ طويل في الطب التقليدي، ويحتوي على مزيج من المواد العطرية والفينولات والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات التي تؤثر على الجلد بطرق مضادة للالتهاب ومثبطة لتكاثر الخلايا الكيراتينية.

الصدفية: آلية المرض

الصدفية مرض مناعي ذاتي مزمن يؤدي إلى فرط تكاثر خلايا الجلد نتيجة خلل في تنظيم الجهاز المناعي، ما يؤدي إلى تراكم طبقات الجلد فوق بعضها وتكوين القشور السميكة. في صدفية فروة الرأس، تحدث هذه العملية بشكل أساسي على فروة الرأس، وتنتشر أحيانًا إلى الرقبة أو خلف الأذنين. المثيرات المختلفة مثل التوتر، العدوى، التغيرات الهرمونية، وبعض الأدوية يمكن أن تؤدي إلى نوبات تفاقم.

آلية عمل القطران في علاج الصدفية

يعتمد القطران في فعاليته على مجموعة من الآليات الحيوية تشمل:

• تثبيط تكاثر الخلايا الكيراتينية: وهي الخلايا الرئيسية في البشرة، حيث يُبطئ القطران من نموها وانقسامها، مما يقلل من تراكم القشور.

• تأثير مضاد للالتهاب: يخفف القطران من الالتهاب الجلدي المصاحب للصدفية عبر تثبيط إنتاج بعض السيتوكينات مثل TNF-alpha.

• خفض الحكة: يخفف القطران من الإحساس بالحكة المرتبطة بالالتهاب والجفاف.

• تأثير مضاد للبكتيريا والفطريات: وهو مفيد في تقليل العدوى الثانوية التي قد تزيد من تهيج فروة الرأس.

أشكال القطران المستخدمة موضعيًا

يتوفر القطران في عدة أشكال دوائية تُستخدم مباشرة على فروة الرأس:

1. الشامبو المحتوي على القطران: يُستخدم كروتين يومي أو أسبوعي، ويعد الشكل الأكثر شيوعًا وسهولة في التطبيق.

2. المراهم والكريمات: تستخدم للدهان الموضعي وتُفضل في المناطق الأكثر سماكة من القشور.

3. محاليل القطران: تُستخدم مباشرة على الفروة كعلاج مركز وغالبًا ما تُطبق في الليل وتُغسل في الصباح.

الجرعة وطريقة الاستخدام

يُستخدم شامبو القطران عادةً مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا، مع تركه على فروة الرأس لمدة 5–10 دقائق قبل شطفه. أما الكريمات والمراهم فتُطبق مرة إلى مرتين يوميًا حسب شدة الحالة. ينصح باستخدام القطران لمدة لا تقل عن 4 أسابيع لملاحظة التحسن الملحوظ، وقد تمتد فترة العلاج في الحالات المزمنة أو الشديدة.

الفعالية السريرية المدعومة علميًا

أثبتت دراسات سريرية متعددة فعالية القطران في تخفيف أعراض صدفية فروة الرأس، خاصةً بالمقارنة مع العلاجات الموضعية الأخرى مثل الكورتيكوستيرويدات. وُجد أن القطران يقلل من مقياس شدة الصدفية (PASI) بنسبة ملحوظة خلال 4 إلى 8 أسابيع من الاستخدام المنتظم. وفي دراسة منشورة في Journal of Dermatological Treatment، أظهر شامبو القطران فعالية مشابهة لشامبو الكيتوكونازول مع ميزة إضافية في تقليل الحكة والتقشر.

مزايا القطران في علاج الصدفية

الآثار الجانبية والتحذيرات

رغم فعاليته، إلا أن استخدام القطران لا يخلو من بعض التأثيرات الجانبية، التي يجب معرفتها لتفاديها أو التعامل معها:

• تهيج الجلد: قد يسبب احمرارًا مؤقتًا أو شعورًا بالحرق في بعض الحالات.

• زيادة حساسية الجلد للشمس: يرفع القطران من حساسية الجلد للأشعة فوق البنفسجية، ما يستدعي تجنب التعرض المباشر للشمس بعد استخدامه.

• رائحة نفاذة: يتميز القطران برائحة قوية وغير محببة لدى البعض.

• تلطيخ الشعر أو الملابس: خصوصًا إذا تم استخدام تركيبات مركزة.

• خطر الإصابة بسرطان الجلد (نظريًا): رغم الجدل العلمي، لا تزال التوصيات تدعو إلى تجنب الاستخدام طويل الأمد والمكثف للتركيبات عالية التركيز دون إشراف طبي.

نصائح للاستخدام الآمن والفعال

• يُفضل استخدام الشامبو أو الكريمات على فروة نظيفة ورطبة.

• يجب ترك المنتج لفترة كافية قبل الشطف (غالبًا بين 5-10 دقائق).

• يُنصح بترطيب فروة الرأس بعد العلاج لتقليل الجفاف.

• تجنب ملامسة العينين والأنف والفم.

• تجنب استخدام القطران مع العلاج الضوئي (UVB أو PUVA) لتفادي مخاطر الحروق أو التصبغ.

الفئات الممنوعة من استخدام القطران

• النساء الحوامل والمرضعات (دون استشارة طبية).

• المرضى الذين لديهم تحسس معروف للقطران أو أحد مكوناته.

• من لديهم تاريخ شخصي أو عائلي للإصابة بسرطان الجلد.

• الأطفال دون سن 12 عامًا (إلا إذا نص الطبيب خلاف ذلك).

مقارنة القطران بالعلاجات الأخرى

الخلاصة الطبية

رغم ظهور العديد من العلاجات الحديثة لصدفية فروة الرأس، يظل القطران خيارًا فعالًا، خاصة في الحالات المزمنة أو الخفيفة التي لا تتطلب تدخلات بيولوجية أو نظم علاجية معقدة. بفضل خصائصه المضادة للالتهاب ومثبطة لانقسام الخلايا، يمكن للقطران أن يلعب دورًا محوريًا في إدارة الأعراض وتحسين جودة الحياة، شرط استخدامه بحذر وتحت إشراف طبي في بعض الحالات.

المراجع العلمية

1. Roelofzen JH, et al. Treatment of scalp psoriasis with tar-based and corticosteroid shampoos: a clinical trial. J Dermatolog Treat. 2009.

2. National Psoriasis Foundation. Coal tar treatments for psoriasis. www.psoriasis.org