طريقة صنع الصابون النابلسي في المنزل

يُعتبر الصابون النابلسي واحدًا من أقدم وأشهر أنواع الصابون الطبيعي في العالم العربي، حيث نشأ في مدينة نابلس الفلسطينية منذ مئات السنين، وظل رمزًا للجودة العالية والنقاء الطبيعي. يتميز هذا الصابون بمكوناته البسيطة والفعالة، التي تعتمد على زيت الزيتون النقي كمكون أساسي، بالإضافة إلى الماء النقي وهيدروكسيد الصوديوم (الصودا الكاوية). وقد حافظت الوصفة الأصلية على قيمتها على مدى العصور، نظرًا لكونها خالية من المواد الكيميائية الضارة، ومناسبة لجميع أنواع البشرة، وخاصة البشرة الحساسة والجافة.

في هذا المقال، سيتم استعراض طريقة صناعة الصابون النابلسي في المنزل بطريقة مفصلة للغاية، مع ذكر المكونات، الأدوات، الخطوات، والملاحظات الدقيقة لضمان النجاح الكامل في تحضيره. كما سيتم التطرق إلى فوائد هذا الصابون، وطرق تخزينه، والاستخدامات المتعددة له.

أولًا: المكونات الأساسية لتحضير الصابون النابلسي

لإعداد الصابون النابلسي في المنزل، يجب الالتزام بنسبة دقيقة بين الزيت والماء والصودا الكاوية، حيث تعتمد عملية التصبّن الكيميائي على توازن هذه النسب للحصول على صابون صلب متجانس وعالي الجودة.

الكميات المستخدمة (لإنتاج كمية متوسطة من الصابون النابلسي)

تنبيه هام: التعامل مع الصودا الكاوية يتطلب الحذر الشديد، وارتداء القفازات والنظارات الواقية، مع تهوية المكان جيدًا.

ثانيًا: الأدوات اللازمة

تحضير الصابون في المنزل لا يحتاج إلى أدوات معقدة، لكن يُشترط تخصيص هذه الأدوات فقط لهذا الغرض وعدم استخدامها للطهي لاحقًا.

• وعاء زجاجي أو ستانلس ستيل لخلط الصودا الكاوية

• ميزان رقمي لقياس الكميات بدقة

• ميزان حرارة مقاوم للسوائل

• ملعقة خشبية أو من السيليكون للخلط

• خلاط يدوي (Hand Blender)

• قالب سيليكون أو خشبي لتشكيل الصابون

• قفازات مطاطية ونظارات واقية

• ورق زبدة أو ورق شمعي لتبطين القالب

ثالثًا: خطوات التحضير

الخطوة الأولى: تحضير محلول الصودا الكاوية

1. ارتدِ القفازات والنظارات الواقية قبل البدء.

2. ضع الماء المقطر في الوعاء الزجاجي أو المعدني.

3. أضف الصودا الكاوية إلى الماء ببطء شديد، مع التحريك المستمر (يُمنع تمامًا إضافة الماء إلى الصودا).

4. ستتفاعل الصودا الكاوية مع الماء منتجة حرارة شديدة، لذا دع المحلول يبرد حتى تصل حرارته إلى حوالي 40-45 درجة مئوية.

الخطوة الثانية: تسخين زيت الزيتون

1. صب زيت الزيتون في وعاء آخر.

2. سخنه على نار هادئة حتى تصل درجة حرارته إلى 40-45 درجة مئوية، لتتوافق مع حرارة محلول الصودا.

الخطوة الثالثة: دمج المكونات

1. بعد التأكد من تساوي حرارة الزيت والمحلول، صب محلول الصودا ببطء في الزيت مع التحريك المستمر.

2. استخدم الخلاط اليدوي لمزج الخليط حتى يصل إلى ما يُعرف بـ”مرحلة التتبع” (Trace)، وهي المرحلة التي يترك فيها المزيج أثرًا ظاهرًا عند رفع الخلاط.

الخطوة الرابعة: صب المزيج في القالب

1. صب الخليط في القالب المُعد مسبقًا والمبطن بورق الزبدة.

2. قم بتغطية القالب بقطعة قماش نظيفة واتركه في مكان دافئ لمدة 24-48 ساعة ليبدأ التصلب.

الخطوة الخامسة: التقطيع والتجفيف

1. بعد مرور يومين، أخرج الصابون من القالب وقطّعه إلى قطع متساوية باستخدام سكين حاد.

2. ضع القطع على رف شبكي في مكان جاف وجيد التهوية.

3. اترك الصابون ليجف لمدة تتراوح بين 4 إلى 6 أسابيع حتى تكتمل عملية التصبّن ويصبح صالحًا للاستخدام.

رابعًا: خصائص الصابون النابلسي

• خالي من العطور والملونات: لا يحتوي على أي مكونات صناعية، مما يجعله خيارًا آمنًا وطبيعيًا للبشرة.

• مناسب للبشرة الحساسة: بفضل خصائص زيت الزيتون الملطفة، يُعد مثاليًا للرضع وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من حساسية الجلد.

• صديق للبيئة: جميع مكوناته قابلة للتحلل ولا تضر بالبيئة.

• يدوم طويلًا: بسبب قساوته بعد التجفيف الكامل، يمكن أن يدوم لفترة طويلة دون أن يفقد خصائصه.

خامسًا: فوائد الصابون النابلسي

• ترطيب البشرة: زيت الزيتون غني بالأحماض الدهنية وفيتامين E، ما يساهم في ترطيب عميق للبشرة دون أن يسبب انسدادًا للمسام.

• مضاد للبكتيريا والفطريات: يمتلك الصابون النابلسي خصائص مطهرة، مما يجعله مناسبًا لتنظيف الجروح الخفيفة.

• تنظيم الإفرازات الدهنية: يفيد في تقليل إفراز الزيوت الزائدة على البشرة، مما يجعله مناسبًا للبشرة الدهنية أيضًا.

• الاستعمال اليومي الآمن: لا يُسبب جفافًا أو تحسسًا عند الاستخدام اليومي، على عكس بعض أنواع الصابون التجاري.

سادسًا: ملاحظات دقيقة لنجاح العملية

• لا تُستخدم أواني من الألمنيوم أو البلاستيك عند تحضير الصودا الكاوية، لأن التفاعل قد يؤدي إلى تآكلها.

• تأكد من ارتداء أدوات الحماية الشخصية، خاصة عند التعامل مع الصودا الكاوية.

• لا تستخدم الصابون قبل مرور فترة التجفيف الكاملة، إذ قد لا تكون عملية التصبن قد اكتملت.

• يُمكنك اختبار مدى نضج الصابون عبر شرائح صغيرة تُستخدم للمحاولة بعد مرور فترة التجفيف.

• لتجنب الروائح غير المرغوبة، لا تُضاف زيوت عطرية إلى الصابون النابلسي التقليدي، لكن يمكن إدخال زيوت طبيعية كاللافندر أو النعناع إذا رغبت بصابون معطر بطريقة طبيعية.

سابعًا: طريقة تخزين الصابون

يُخزن الصابون النابلسي بعد تجفيفه في مكان جاف وجيد التهوية، بعيدًا عن أشعة الشمس المباشرة. يُفضل لفه في ورق طبيعي أو قطعة قماش قطنية، وعدم تغليفه بالبلاستيك حتى لا يحبس الرطوبة. كلما تم تخزين الصابون لفترة أطول، كلما ازدادت صلابته وتحسنت خصائصه.

ثامنًا: استخدامات متعددة للصابون النابلسي

رغم أنه يُستخدم في الأساس لتنظيف البشرة، إلا أن له استخدامات متعددة في الحياة اليومية:

• غسل الشعر: يمكن استخدامه كبديل طبيعي للشامبو، خاصة لمن يعانون من فروة رأس حساسة.

• تنظيف الأقمشة الحساسة: يُستخدم في تنظيف الملابس المصنوعة من الصوف أو الحرير بفعالية دون إتلافها.

• مكافحة البقع: يتم بشره واستخدامه كمزيل طبيعي للبقع العنيدة على الملابس أو الأسطح.

• تحضير مبشور الصابون للمنظفات الطبيعية: يمكن مزجه مع البيكربونات والزيوت الأساسية لصناعة منظفات عضوية منزلية.

تاسعًا: الجدول المقارن بين الصابون النابلسي والتجاري

عاشرًا: القيمة الثقافية والتراثية للصابون النابلسي

يتجاوز الصابون النابلسي كونه منتجًا منزليًا، ليحمل في طياته إرثًا حضاريًا وتراثًا فلسطينيًا عريقًا. فمنذ العهد العثماني وحتى اليوم، لا تزال مدينة نابلس تحتفظ بورش تقليدية لصناعته، حيث يتم الاعتماد على نفس الطرق اليدوية والخلطات الأصلية. وقد كان يُصدر إلى مختلف البلدان العربية، ويُعتبر هدية ثمينة تُعبر عن الأصالة والنقاء.

كما ارتبط هذا الصابون بعدد من العادات الاجتماعية، فقد كان يُصنع بكميات كبيرة قبل المناسبات، مثل الأعراس، أو يُوزع كهدايا مميزة. ولا يزال يحظى بشعبية واسعة بين المهتمين بالمنتجات العضوية والطبيعية حول العالم.

المراجع

• مركز التراث الشعبي الفلسطيني – جامعة بيرزيت، أرشيف الصناعات التقليدية.

• دراسة علمية منشورة في مجلة Journal of Ethnopharmacology حول خصائص الصابون المصنوع من زيت الزيتون.