الفرق بين تحسين وتطوير الإدارة

الفرق بين تحسين الإدارة وتطوير الإدارة

إن مفهوم الإدارة في المؤسسات هو أحد العناصر الأساسية التي تحدد نجاح أي منظمة أو فشلها. إذ تقوم الإدارة بتوجيه الموارد البشرية والمادية لتحقيق الأهداف المحددة وتنفيذ الاستراتيجيات المختلفة. في هذا السياق، كثيراً ما نسمع مصطلحات مثل “تحسين الإدارة” و”تطوير الإدارة”، وتُستخدم هذه المصطلحات في الكثير من الأحيان بشكل متبادل، رغم أنهما يعبران عن مفهومات مختلفة تماماً. إن فهم الفرق بين هذين المصطلحين يُعد خطوة أساسية نحو تحديد السياسات والأدوات الأنسب لتحقيق أهداف المؤسسات.

تحسين الإدارة

يشير تحسين الإدارة إلى التغييرات والإجراءات التي يتم تنفيذها بهدف زيادة فعالية وكفاءة العمليات الإدارية الحالية في المنظمة. لا يتطلب تحسين الإدارة إحداث تغييرات جذرية أو شاملة في الهيكل التنظيمي أو الاستراتيجيات، بل يتمركز حول إجراء تعديلات بسيطة ولكن هامة لتحسين الأداء، سواء على مستوى الأفراد أو الفرق أو الأقسام.

1. التركيز على العمليات الحالية

تحسين الإدارة يعتمد بشكل أساسي على تقييم وتحليل العمليات الإدارية القائمة، ومن ثم العمل على تعديل أو تحسين هذه العمليات من أجل زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف. وهذا يشمل عادةً تحسين تدفق العمل، وتقليل الإجراءات غير الضرورية، واستخدام التقنيات الحديثة أو الأدوات الجديدة التي تزيد من سرعة ودقة الإجراءات.

2. تحسين فعالية الفريق والإنتاجية

في تحسين الإدارة، يتم التركيز على رفع كفاءة الفريق الإداري وزيادة الإنتاجية من خلال توفير التدريب المناسب، وتطوير مهارات القيادة، وتحسين أساليب التواصل بين أفراد الفريق. كما يتم التأكيد على استخدام أفضل الأدوات والتقنيات التي تدعم العمل اليومي.

3. إدخال التعديلات التدريجية

عند تحسين الإدارة، تكون التعديلات عادةً تدريجية. قد يتم تحسين بعض الجوانب مثل أساليب اتخاذ القرارات، أو طريقة التواصل مع العملاء، أو تحسين التنسيق بين الأقسام، ولكن لا يتم بشكل رئيسي تغيير الهيكل التنظيمي للمؤسسة.

4. القياس والتقييم المستمر

يعد القياس المستمر لفعالية التعديلات التي يتم تطبيقها في إطار تحسين الإدارة من الجوانب الأساسية لهذا المفهوم. تسعى المنظمات إلى تقييم التأثيرات المترتبة على كل تعديل أو تحسن، ومدى استجابة الفرق والموظفين له. تتيح هذه العملية للمديرين أن يتخذوا قرارات مستنيرة بشأن الاستمرار في تطبيق التحسينات أو الحاجة لإجراء تعديلات إضافية.

5. الحفاظ على الاستقرار في النظام الإداري

يهدف تحسين الإدارة إلى المحافظة على استقرار النظام الإداري مع تحسين أدائه، وهو ما يختلف عن التطوير الذي يمكن أن يتطلب تغييرات هيكلية كبيرة. التحسين يكون أقل تأثيرًا على ثقافة المؤسسة وأسلوب عملها، حيث تظل العمليات قائمة بينما يتم تحسين بعضها لتحقق أهدافًا أفضل.

تطوير الإدارة

من جهة أخرى، يشمل تطوير الإدارة تغييرات استراتيجية أو هيكلية على مستوى القيادة والإدارة بشكل عام. يهدف تطوير الإدارة إلى إحداث تغييرات جذرية في أسلوب القيادة والتوجيه الإداري، ويعني تحديث الأساليب والأدوات التي تُستخدم لتحقيق الأهداف الطويلة الأجل. يتطلب التطوير الكثير من الابتكار والتجديد في أساليب العمل، وغالباً ما يتضمن إصلاحات واسعة النطاق.

1. التركيز على التحول الهيكلي

في تطوير الإدارة، يتم التفكير بشكل أوسع وأشمل في هيكل المنظمة بأكملها. قد يتضمن التطوير تغيير الهيكل التنظيمي، أو تعديل أدوار ومسؤوليات القيادات، أو حتى تغيير ثقافة العمل داخل المؤسسة. يمكن أن يشمل أيضًا تبني استراتيجيات جديدة تتوافق مع التوجهات المستقبلية للسوق أو البيئة الاقتصادية.

2. تحسين القيادة والقدرة على التكيف مع التغيرات

يتطلب تطوير الإدارة تحسين أساليب القيادة، وتدريب المديرين على مهارات القيادة الحديثة، مثل القيادة التحويلية أو القيادة الاستراتيجية. كما يتطلب تطوير الإدارة أن يكون المديرون قادرين على التكيف مع التغيرات السريعة في بيئة العمل، وبالتالي فهم كيفية تفعيل التغيير المؤسسي بطريقة فعالة.

3. تقديم حلول مبتكرة وجديدة

يعتبر تطوير الإدارة عملية مبتكرة تشمل تغيير طرق وأساليب العمل داخل المؤسسة، مثل إدخال تقنيات جديدة أو أدوات إدارية حديثة. قد يشمل أيضًا تحديث السياسات الإدارية بما يتماشى مع الاتجاهات العالمية، مثل الرقمنة أو العمل عن بُعد، بالإضافة إلى تحديث استراتيجيات الشركات والعمليات التشغيلية.

4. تغيير ثقافة المنظمة

تطوير الإدارة يتطلب أحياناً إعادة التفكير في ثقافة المؤسسة وكيفية تشجيع الموظفين على تبني قيم جديدة وممارسات عمل مختلفة. قد يتطلب ذلك تغيير السياسات الداخلية، مثل سياسة التوظيف أو التدريب أو حتى كيفية قياس الأداء. وتهدف هذه التغييرات إلى خلق بيئة تحفز الابتكار والإبداع، وتؤهل المنظمة لتحقيق أهدافها المستقبلية.

5. الاستثمار في استراتيجيات طويلة المدى

تطوير الإدارة يتطلب استثماراً في استراتيجيات طويلة المدى تضمن نجاح المؤسسة على المدى البعيد. يشمل هذا الاستراتيجية التي يتبعها المديرون في تحديد الأهداف والرؤى المستقبلية، مع مراعاة جميع الجوانب التنظيمية التي قد تحتاج إلى تحديث أو تعديل. يعكس التطوير إدارة التغيير بشكل مرن يعكس المستقبل ولا يقتصر على تحسين الواقع الراهن.

الفرق الرئيسي بين تحسين الإدارة وتطوير الإدارة

1. نطاق التغيير:

• تحسين الإدارة يركز على التحسين التدريجي والمستمر للعمليات الحالية دون إحداث تغييرات جذرية في هيكل المنظمة أو في استراتيجياتها. يعتمد على تعديلات صغيرة ولكنها فعالة.

• تطوير الإدارة يشمل تغييرات جذرية في بنية النظام الإداري والقيادة، ويتطلب تجديد استراتيجيات العمل، وإعادة تشكيل ثقافة المنظمة، وتحديث أساليب اتخاذ القرارات.

2. التأثير على الأفراد:

• تحسين الإدارة يهدف إلى زيادة كفاءة العمل على المستوى الفردي والجماعي بشكل تدريجي.

• تطوير الإدارة يتطلب تغيير المواقف والمفاهيم على المستوى الفردي والجماعي، مع التأكيد على تدريب الأفراد على أساليب جديدة قد تشمل تحولات كبيرة في التفكير وأسلوب العمل.

3. التوجه الزمني:

• تحسين الإدارة يُعد عملية مستمرة تركز على تحقيق تحسينات قصيرة الأجل أو متوسطة الأجل.

• تطوير الإدارة يتضمن عادة تغييرات تستهدف الأهداف طويلة الأجل ويعكس استراتيجية طويلة المدى لتحقيق النجاح المستدام.

4. مستوى التغيير:

• تحسين الإدارة يشمل تعديلات تدريجية تهدف إلى تحسين الأداء الحالي مع الحفاظ على استقرار الهيكل الإداري.

• تطوير الإدارة يتضمن تغييرات هيكلية كبيرة تسعى لتحويل المؤسسة بشكل كلي وتغيير طرق القيادة والسياسات بشكل جذري.

خاتمة

إن الفهم الواضح للفرق بين تحسين الإدارة وتطوير الإدارة هو خطوة أساسية نحو اختيار النهج الأمثل لأي منظمة ترغب في تحسين أدائها أو تطويره بشكل شامل. في حين أن تحسين الإدارة يركز على تحسين العمليات والفعالية قصيرة الأجل، فإن تطوير الإدارة يهدف إلى إحداث تغييرات استراتيجية طويلة الأجل يمكن أن تُحدث تحولاً كاملاً في طريقة إدارة المؤسسة. يتعين على المديرين والقيادات المؤسسية تحديد ما إذا كان يتعين عليهم تحسين الإدارة أو تطويرها استنادًا إلى احتياجات المنظمة في كل مرحلة من مراحل نموها.