تخصصات إنترنت الأشياء وأشهر وظائفه ومجالاته
في ظل الثورة الرقمية المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، يبرز “إنترنت الأشياء” (Internet of Things – IoT) كواحد من أهم وأسرع المجالات التقنية نموًا وتأثيرًا. هذا التخصص لا يقتصر على مجرد توصيل الأجهزة بالإنترنت، بل يتعداه إلى خلق منظومة متكاملة من التفاعل الذكي بين الآلات والبيئة المحيطة، ما أدى إلى تغير جذري في الطريقة التي نعيش ونعمل بها. يندرج إنترنت الأشياء ضمن تخصصات تكنولوجية متعددة تشمل الإلكترونيات، علوم الحاسوب، هندسة البرمجيات، الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، ما يجعله مجالًا واسعًا وخصبًا من حيث التخصصات والوظائف والمجالات العملية.
مفهوم إنترنت الأشياء
يشير مصطلح “إنترنت الأشياء” إلى شبكة من الأجهزة والمستشعرات المتصلة بالإنترنت والقادرة على جمع البيانات وتبادلها وتحليلها دون تدخل بشري مباشر. يمكن أن تشمل هذه الأجهزة كل شيء من الأجهزة المنزلية الذكية، إلى السيارات، إلى المعدات الصناعية، وحتى أجهزة المراقبة الصحية. الهدف هو تمكين هذه الأجهزة من “التحدث” إلى بعضها البعض وتقديم معلومات دقيقة تساعد على اتخاذ قرارات أفضل في الوقت الحقيقي.
التخصصات الأكاديمية المرتبطة بإنترنت الأشياء
ينتمي تخصص إنترنت الأشياء إلى مجموعة من البرامج الأكاديمية الحديثة التي تتكامل مع علوم الحوسبة والهندسة. يمكن للطلاب الذين يرغبون في التخصص في هذا المجال أن يدرسوا إحدى المسارات التالية:
1. هندسة إنترنت الأشياء
يركز هذا التخصص على تصميم وتطوير النظم الذكية المترابطة عبر الإنترنت، ويشمل دراسة الدوائر الإلكترونية، شبكات الحاسوب، البروتوكولات اللاسلكية، وتقنيات التحكم عن بعد.
2. علوم الحاسوب وإنترنت الأشياء
يمنح هذا التخصص الطلاب المهارات اللازمة في البرمجة، معالجة البيانات، أنظمة التشغيل المدمجة، والذكاء الاصطناعي، ويؤهلهم للعمل في بناء وتطوير التطبيقات الذكية.
3. هندسة البرمجيات وإنترنت الأشياء
يركز على البرمجة الدقيقة للأنظمة المدمجة، وتطوير تطبيقات الهاتف المحمول والحوسبة السحابية التي تتفاعل مع أجهزة إنترنت الأشياء.
4. الأمن السيبراني لإنترنت الأشياء
مع تزايد تهديدات الأمن الرقمي، يبرز هذا التخصص الذي يُعنى بحماية الأجهزة الذكية من الاختراق والهجمات السيبرانية، وتحقيق الخصوصية والموثوقية في نقل البيانات.
5. الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات
يرتبط تحليل البيانات الضخمة المجمعة من الأجهزة الذكية بالذكاء الاصطناعي، مما يسمح باتخاذ قرارات دقيقة والتنبؤ بالسلوك المستقبلي للأجهزة أو المستخدمين.
6. هندسة الاتصالات والشبكات اللاسلكية
يدرس الطلاب في هذا المجال كيفية نقل البيانات بين الأجهزة بفعالية، باستخدام تقنيات مثل LoRa، Zigbee، BLE، WiFi، و5G.
7. هندسة الميكاترونيك والأنظمة المدمجة
يجمع هذا التخصص بين الهندسة الميكانيكية، الإلكترونية، وهندسة الحاسوب لتصميم أجهزة ذكية ومتفاعلة في البيئات الصناعية والروبوتية.
المهارات المطلوبة في مجال إنترنت الأشياء
العمل في هذا المجال يتطلب مزيجًا من المهارات التقنية والبرمجية والهندسية، ومن أبرزها:
-
البرمجة بلغة C و++C وPython وJavaScript.
-
تصميم وتطوير واجهات برمجة التطبيقات (APIs).
-
التعامل مع الأنظمة المدمجة مثل Arduino وRaspberry Pi.
-
إدارة قواعد البيانات ونقل البيانات باستخدام بروتوكولات مثل MQTT وCoAP وHTTP.
-
فهم الحوسبة السحابية ومنصات مثل AWS IoT وAzure IoT Hub.
-
تحليل البيانات الضخمة والتعلم الآلي.
-
فهم التشفير والأمن المعلوماتي.
مجالات تطبيق إنترنت الأشياء
لقد اجتاح إنترنت الأشياء كل القطاعات الحيوية تقريبًا، من الصناعة إلى الرعاية الصحية، ومن الزراعة إلى المدن الذكية. فيما يلي نظرة موسعة على أبرز هذه المجالات:
1. المدن الذكية
-
مراقبة المرور والإشارات الضوئية.
-
إدارة الإضاءة العامة بكفاءة.
-
التحكم في أنظمة النفايات وإعادة التدوير.
-
مراقبة جودة الهواء والمياه.
2. الرعاية الصحية الذكية
-
أجهزة تتبع المؤشرات الحيوية عن بُعد.
-
إدارة الأدوية وجدولة المواعيد.
-
مراقبة المرضى في الوقت الفعلي.
-
تحسين الكفاءة في المستشفيات والمراكز الطبية.
3. الصناعة 4.0
-
المصانع الذكية المعتمدة على المستشعرات.
-
صيانة استباقية للآلات.
-
مراقبة الجودة في خطوط الإنتاج.
-
الأتمتة والتحكم عن بُعد.
4. الزراعة الذكية
-
مراقبة حالة التربة والرطوبة.
-
التحكم في أنظمة الري الذكية.
-
تتبع صحة الحيوانات والمواشي.
-
تحليل بيانات المحاصيل لتحسين الإنتاجية.
5. المنازل الذكية
-
التحكم بالإضاءة، التكييف، والأجهزة المنزلية.
-
أنظمة الأمان والمراقبة بالكاميرات.
-
المساعدات الذكية مثل Alexa وGoogle Assistant.
-
إدارة الطاقة وتقليل الاستهلاك.
6. النقل والمركبات الذكية
-
السيارات المتصلة (Connected Cars).
-
إدارة الأساطيل والشحنات.
-
أنظمة الملاحة والتوجيه التنبؤي.
-
صيانة المركبات وتنبيه الأعطال.
7. البيئة والتغير المناخي
-
مراقبة الزلازل والفيضانات.
-
تتبع التلوث البيئي.
-
تحليل بيانات الطقس والمناخ.
-
المساهمة في تقنيات الطاقة المتجددة.
أشهر وظائف إنترنت الأشياء
سوق العمل في إنترنت الأشياء يشهد نموًا متسارعًا، ويشمل مجموعة واسعة من الوظائف، من بينها:
| المسمى الوظيفي | المهام الرئيسية |
|---|---|
| مهندس إنترنت الأشياء (IoT Engineer) | تصميم وتنفيذ البنية التحتية للأجهزة المتصلة وتكاملها مع الأنظمة. |
| مطور برمجيات إنترنت الأشياء (IoT Developer) | بناء تطبيقات تتفاعل مع الأجهزة الذكية، وإدارة البيانات والتحكم في الأجهزة. |
| محلل بيانات إنترنت الأشياء | تحليل البيانات المجمعة من الأجهزة لاستخراج الأنماط والتوصيات الذكية. |
| خبير أمن إنترنت الأشياء | حماية الشبكات الذكية من الهجمات، وضمان سلامة البيانات وحماية الخصوصية. |
| مهندس شبكات لاسلكية | تصميم وتكوين شبكات الاتصال اللاسلكية بين الأجهزة، وضمان استقرارها وأمانها. |
| مدير مشروع إنترنت الأشياء | الإشراف على تنفيذ المشاريع الذكية وضمان سير العمل ضمن الإطار الزمني والمالي. |
| مهندس أنظمة مدمجة | تطوير برمجيات تعمل على لوحات ذكية مثل Raspberry Pi وESP32. |
| مطور تطبيقات موبايل مرتبطة بإنترنت الأشياء | برمجة التطبيقات التي تتحكم في الأجهزة الذكية عبر الهواتف الذكية. |
| مهندس اختبار إنترنت الأشياء | التأكد من سلامة الأجهزة وتوافقها مع البرمجيات، وإجراء اختبارات الأداء. |
| مهندس الذكاء الاصطناعي لإنترنت الأشياء | دمج تقنيات التعلم الآلي في النظام الذكي لاتخاذ قرارات ذاتية. |
مستقبل إنترنت الأشياء
تشير الدراسات المستقبلية إلى أن عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت سيتجاوز 30 مليار جهاز بحلول عام 2030، وهو ما يعكس الأهمية المتزايدة لتخصص إنترنت الأشياء في السنوات القادمة. هذا التوسع سيؤدي إلى ظهور وظائف جديدة، واعتماد قطاعات إضافية على هذا المجال الحيوي.
من ناحية التعليم، بدأت الجامعات العالمية والعربية بإطلاق برامج بكالوريوس وماجستير متخصصة في إنترنت الأشياء، وتقديم دورات احترافية بالتعاون مع شركات مثل Cisco وMicrosoft وIBM لتلبية الطلب المتزايد.
أما على مستوى الأبحاث، فإن الذكاء الاصطناعي، الحوسبة الحوسبية (Edge Computing)، الجيل الخامس 5G، والحوسبة الكمومية، ستشكل محاور رئيسية لتطوير بيئات إنترنت الأشياء في المستقبل.
أبرز التحديات التي تواجه المجال
رغم الفرص الكبيرة، يواجه إنترنت الأشياء مجموعة من التحديات، منها:
-
ضعف البنية التحتية في بعض الدول النامية.
-
قضايا الخصوصية والأمان.
-
صعوبة تكامل الأنظمة المتباينة.
-
نقص الكوادر المؤهلة.
هذه التحديات تتطلب جهودًا مشتركة من القطاعين العام والخاص، ومن المؤسسات الأكاديمية لتوفير البنية التشريعية والتقنية اللازمة لتطوير بيئة مواتية لإنترنت الأشياء.
الخاتمة
يمثل تخصص إنترنت الأشياء نقلة نوعية في الطريقة التي يتفاعل بها الإنسان مع التكنولوجيا والبيئة المحيطة به. فهو مجال متعدد التخصصات، غني بالفرص، ومفتوح أمام الابتكار في كل قطاع تقريبًا. الاستثمار في تعلّم تقنيات إنترنت الأشياء، واكتساب المهارات المرتبطة به، أصبح خيارًا استراتيجيًا لكل من يرغب في مواكبة المستقبل والمساهمة في بناء مجتمعات ذكية ومستدامة.
المصادر:
-
Internet of Things: A Comprehensive Guide – IBM Developer.
-
Cisco IoT Solutions – Cisco Official Website.

