الفرق بين الباسور والناسور

الفرق بين الباسور والناسور: تحليل طبي مفصل

تعتبر أمراض الجهاز الهضمي والأمراض المرتبطة بالمستقيم والشرج من أكثر المشكلات الصحية الشائعة التي يعاني منها الناس في مختلف الأعمار. من بين هذه الأمراض، يُعد كل من الباسور والناسور من الحالات التي تثير قلق الكثير من المرضى بسبب أعراضها المزعجة وتأثيراتها السلبية على نوعية الحياة. رغم أن كلا المصطلحين يرتبطان بالمنطقة ذاتها (المستقيم والشرج)، إلا أن الباسور والناسور هما حالتان مرضيتان مختلفتان تمامًا من حيث الأسباب والتشخيص والعلاج.

1. الباسور (Hemorrhoids)

الباسور هو حالة شائعة تحدث عندما تتورم أو تتمدد الأوعية الدموية في المنطقة المحيطة بالشرج أو في المستقيم السفلي. يمكن أن يكون الباسور داخليًا، حيث يتكون داخل المستقيم، أو خارجيًا، حيث يظهر تحت الجلد حول فتحة الشرج. تختلف الأعراض اعتمادًا على نوع الباسور وشدته.

1.1 أسباب الباسور

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالباسور، منها:

• الإمساك المزمن: يعتبر الإمساك أحد أبرز الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الضغط على الأوعية الدموية في منطقة الشرج، مما يؤدي إلى تورمها وتكوين البواسير.

• الحمل: خلال الحمل، يزداد الضغط على الأوعية الدموية في منطقة الشرج بسبب نمو الجنين. كما أن التغيرات الهرمونية خلال الحمل قد تسهم في ضعف الأوعية الدموية.

• الجلوس لفترات طويلة: الجلوس لفترات طويلة على المرحاض يمكن أن يزيد من الضغط على الأوعية الدموية في منطقة الشرج، مما يسهم في تكون البواسير.

• الأنشطة التي تتطلب رفع أوزان ثقيلة: الرياضات التي تتطلب رفع الأثقال أو الأنشطة المجهدة قد تؤدي إلى زيادة الضغط في منطقة الحوض، مما يساهم في حدوث البواسير.

1.2 أعراض الباسور

تتراوح أعراض الباسور من خفيفة إلى شديدة، ويمكن أن تشمل:

• ألم وحكة في منطقة الشرج: حيث يشعر المريض بألم أو حكة مستمرة في المنطقة المحيطة بالشرج، خاصة عند الجلوس أو أثناء التبرز.

• نزيف دموي: قد يلاحظ المريض وجود دم أحمر فاتح في براز أو على ورق التواليت بعد التبرز.

• تورم أو نتوءات حول فتحة الشرج: قد يتكون تورم في المنطقة الخارجية للشرج، والذي يمكن أن يكون مؤلمًا عند لمسه.

• شعور بعدم الراحة أثناء الجلوس: يمكن أن يؤدي تورم البواسير إلى شعور غير مريح عند الجلوس أو أثناء الأنشطة اليومية.

1.3 تشخيص وعلاج الباسور

• تشخيص الباسور: يعتمد تشخيص الباسور عادة على الفحص السريري من قبل الطبيب. في بعض الحالات، قد يتم اللجوء إلى التنظير الداخلي للمستقيم (أنوسكوبيا) لتحديد نوع الباسور ومدى شدته.

• علاج الباسور: يعتمد العلاج على شدة الأعراض. في الحالات البسيطة، يمكن أن تكون التغييرات في نمط الحياة (مثل تناول الأطعمة الغنية بالألياف، شرب السوائل الكافية، وتجنب الإمساك) كافية لتخفيف الأعراض. في الحالات الأكثر شدة، قد يوصي الطبيب باستخدام الأدوية الموضعية أو العلاجات الجراحية مثل الرباط المطاطي أو استئصال الباسور.

2. الناسور (Fistula)

الناسور هو ممر غير طبيعي بين عضوين داخليين أو بين عضو داخلي وطبقة الجلد. في منطقة الشرج، يشير الناسور إلى اتصال غير طبيعي بين فتحة الشرج والجلد المحيط بها، وعادة ما يحدث نتيجة التهاب في غدد الشرج التي تتعرض للإصابة أو التلوث، مما يؤدي إلى تكوين قناة بين المستقيم وفتحة الشرج والجلد الخارجي.

2.1 أسباب الناسور

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالناسور الشرجى، وتشمل:

• الخراج الشرجي: يُعتبر الخراج الشرجي أحد الأسباب الرئيسية التي قد تؤدي إلى تكوين الناسور. يحدث الخراج عندما تتجمع القيح في منطقة الشرج بسبب انسداد الغدد الشرجية. إذا تم علاج الخراج بشكل غير كامل أو إذا انفجر، يمكن أن يؤدي إلى تكون الناسور.

• التهابات مزمنة: قد تؤدي التهابات مزمنة في المنطقة الشرجية إلى تكوين الناسور، كما هو الحال في داء كرون أو الأمراض المعوية الالتهابية.

• إصابات أو جراحة سابقة: بعض الإصابات أو العمليات الجراحية في منطقة الشرج قد تؤدي إلى تكوين الناسور نتيجة العدوى أو تلف الأنسجة.

• التهابات جلدية أو أمراض معدية: التهابات الجلد مثل التهاب الجروح أو العدوى البكتيرية قد تؤدي إلى تشكل الناسور في المنطقة الشرجية.

2.2 أعراض الناسور

تختلف أعراض الناسور عن أعراض الباسور، وتشمل:

• خروج قيح أو دم من فتحة الشرج: يظهر المريض أحيانًا سائل مصاحب لرائحة كريهة من فتحة الشرج بسبب الالتهاب والعدوى.

• ألم وحكة: يمكن أن يشعر المريض بألم أو حكة شديدة في منطقة الشرج.

• تورم وانتفاخ في المنطقة المحيطة بالشرج: قد يحدث تورم بسبب الالتهاب المرتبط بالناسور.

• مشاكل أثناء التبرز: يمكن أن يشعر المريض بألم أو ضغط أثناء التبرز، وقد يعاني من صعوبة في التحكم في البراز في بعض الحالات الشديدة.

2.3 تشخيص وعلاج الناسور

• تشخيص الناسور: يعتمد تشخيص الناسور على الفحص السريري، وقد يلجأ الطبيب إلى استخدام تقنيات تصويرية مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو الفحص بالموجات فوق الصوتية لتحديد نوع وحجم الناسور.

• علاج الناسور: يعتمد علاج الناسور عادة على الجراحة. تشمل الإجراءات الجراحية المتاحة:

  • الاستئصال الجراحي للناسور: يتضمن إزالة القناة التي تربط بين المستقيم والجلد.

  • استخدام أنابيب تصريف: في بعض الحالات، يتم استخدام أنابيب تصريف للحد من الالتهاب وتسهيل عملية الشفاء.

  • تقنيات حديثة: مثل العلاج بالليزر أو الجراحة بالمنظار التي قد تكون أقل توغلاً وأكثر فعالية في بعض الحالات.

3. الفرق بين الباسور والناسور

على الرغم من أن الباسور والناسور يشتركان في أعراض مشابهة مثل الألم في منطقة الشرج، إلا أن هناك اختلافات جوهرية بين الحالتين:

• المكان والتكوين: الباسور هو تمدد أو تورم للأوعية الدموية في منطقة الشرج أو المستقيم، بينما الناسور هو ممر غير طبيعي بين المستقيم أو الشرج وطبقة الجلد.

• الأسباب: الباسور غالبًا ما يحدث بسبب الضغط الزائد على الأوعية الدموية نتيجة للإمساك أو الجلوس لفترات طويلة، بينما يحدث الناسور نتيجة للعدوى أو الخراج أو التهابات مزمنة.

• العلاج: في حين أن الباسور قد يتطلب تغييرات في نمط الحياة أو استخدام الأدوية، فإن علاج الناسور يتطلب غالبًا تدخلًا جراحيًا لإزالة القناة المريضة.

4. الخلاصة

الباسور والناسور هما حالتان شائعتان تؤثران في منطقة الشرج، لكنهما مختلفتان تمامًا من حيث الأسباب، الأعراض، والعلاج. يتطلب الباسور عادةً معالجة الأعراض مثل الألم والحكة، ويمكن أن يتم التحكم فيه بسهولة نسبيًا من خلال تغيير نمط الحياة والعلاج الطبي. أما الناسور، فيتطلب عادةً تدخلًا جراحيًا بسبب تكوين القنوات غير الطبيعية بين الأنسجة.

من المهم أن يتوجه المرضى الذين يعانون من أعراض متعلقة بالشرج إلى الطبيب المختص لتشخيص الحالة بشكل دقيق وتحديد العلاج الأنسب بناءً على نوع المرض وشدته.