الفرق بين الأخطبوط والحبار

الأخطبوط والحبار هما من الكائنات البحرية التي تنتمي إلى فصيلة الرخويات، وتحديدًا من الرتب التي تُعرف باسم “الرأسقدميات” Cephalopoda، ويشتركان في العديد من الخصائص البيولوجية مثل الجسم اللين والأذرع المتعددة، إلا أن هناك بعض الاختلافات الواضحة بينهما من حيث الشكل، السلوك، والتوزيع البيئي. وعلى الرغم من أن كلاهما ينتمي إلى نفس الفصيلة، فإنهما يختلفان في بعض الجوانب المميزة التي تؤثر في طريقة حياتهما وتفاعلهما مع البيئة.

1. التصنيف العلمي:

يتبع كل من الأخطبوط والحبار فصيلة “الرأسقدميات” Cephalopoda التي تشمل أنواعًا متعددة من الكائنات البحرية مثل الأخطبوط والحبار والحبار البحري. لكنهما ينتميان إلى أنواع مختلفة ضمن هذه الفصيلة.

• الأخطبوط: ينتمي إلى عائلة Octopodidae، وهو يُصنف ضمن رتبة “الأخطبوطيات” Octopodiformes.

• الحبار: ينتمي إلى عائلة Loliginidae، وهو يُصنف ضمن رتبة “الحباريات” Teuthida.

2. الشكل الخارجي:

يظهر الأخطبوط والحبار اختلافات واضحة في الشكل الخارجي، مما يسهل التمييز بينهما.

• الأخطبوط: يمتلك جسمًا يشبه الحقيبة أو الكيس، بدون هيكل عظمي داخلي. عادة ما يكون له ثمانية أذرع مغطاة بمئات من الأكياس الصغيرة التي تحتوي على الخلايا الحسية. الأذرع تكون ناعمة جدًا ومرنة للغاية، مما يسمح له بالانزلاق بين الصخور والشقوق. كما أن الأخطبوط يفتقر إلى الزعانف التي نجدها عند الحبار.

• الحبار: يتمتع الحبار بجسم طويل يشبه اليرقة أو السيجارة ويُغطيه هيكل داخلي يُسمى “الجمجمة” أو “الحبل” (pen) الذي يشبه العظم. الحبار يحتوي على عشرة أطراف: ثمانية أذرع وزوج من المجسات الطويلة التي يُمكن استخدامها لصيد الطعام. كما أن الحبار يمتلك زعانف على جانبي جسمه، تُساعده على الحركة بسرعة.

3. التوزيع البيئي:

الاختلافات بين الأخطبوط والحبار تظهر أيضًا في أماكن تواجدهما في البيئة البحرية.

• الأخطبوط: يفضل العيش في الأماكن الضحلة قرب السواحل أو في الأعماق الكبيرة، حيث يختبئ في الكهوف والشقوق المظلمة. الأخطبوط غالبًا ما يعيش حياة انفرادية ولا يتجمع في أسراب. يُعتبر من الكائنات البحرية التي تتكيف مع بيئات متنوعة بما في ذلك الشعاب المرجانية والصخور البحرية.

• الحبار: يميل الحبار إلى العيش في الأعماق المعتدلة إلى العميقة من البحر. بعض الأنواع يمكن أن تُشاهد بالقرب من السطح أثناء فترات التكاثر. الحبار غالبًا ما يتواجد في أسراب، ويميل إلى العيش في المياه المفتوحة أو في الأعماق البحرية. تختلف الأنواع حسب تفضيلها للبيئات من المياه الاستوائية إلى المياه الباردة.

4. الحركة والسباحة:

على الرغم من أن كلا من الأخطبوط والحبار يتسم بالقدرة على السباحة بسرعة، إلا أن طرق حركتهما تختلف.

• الأخطبوط: يعد الأخطبوط من الكائنات البحرية البطيئة نسبيًا في السباحة، لكنه يمكنه التحرك بسرعة عند الحاجة باستخدام آلية الدفع القوي عن طريق الضغط على الماء داخل تجويف جسمه ثم دفعه عبر المصفاة في الاتجاه المعاكس. ومع ذلك، يفضل الأخطبوط في العادة المشي على قاع البحر باستخدام أذرعه المتعددة.

• الحبار: يتميز الحبار بقدرته على السباحة بسرعة عالية، وذلك بفضل وجود زعانفه التي تساعده في تحريك جسمه بشكل متناسق. يسبح الحبار بسرعة كبيرة عن طريق دفع الماء من خلال تجويف جسمه في عملية تُعرف باسم “النفث”، حيث يسحب الماء إلى داخل جسمه ويضغطه للخارج، مما يتيح له الانطلاق بسرعة.

5. التكاثر:

تختلف أساليب التكاثر بين الأخطبوط والحبار من حيث الطقوس والبيئة التي تتم فيها عملية التزاوج.

• الأخطبوط: يُعد الأخطبوط من الكائنات التي تموت بعد عملية التكاثر. في العادة، يُفقس البيض في أعماق المحيط، ويعني ذلك أن الأنثى تضع بيضها في أعماق البحر، ثم تظل حاضنةً لها حتى تفقس. خلال فترة الحضانة، لا تأكل الأنثى وقد تموت بعدها. الذكور أيضًا لا يعيشون طويلاً بعد التكاثر.

• الحبار: يختلف الحبار في طريقة تكاثره حيث يظل على قيد الحياة لفترة طويلة بعد التزاوج. يقوم الذكر بنقل خلاياه المنوية إلى الأنثى باستخدام أطرافه الخاصة، ثم تضع الأنثى بيضها في المحيط أو على الأسطح البحرية. تتم عملية التكاثر على مدار فترة أطول مقارنة بالأخطبوط، مما يتيح للذكور والإناث العيش لفترة أطول.

6. التغذية والصيد:

تعتمد كل من الأخطبوط والحبار على مهاراتهما في الصيد لتلبية احتياجاتهما الغذائية، ولكن لديهما أساليب مختلفة.

• الأخطبوط: يُعتبر الأخطبوط من الصيادين الماهرين للغاية، إذ يستخدم أذرعه لتسلق الصخور والبحث عن فريسة مثل الأسماك والجمبري، أو حتى الكائنات البحرية الأخرى مثل القشريات. يمتلك الأخطبوط قدرة على التمويه والتخفي بفضل تغيرات لونه وسطح جلده، مما يُتيح له فخًا فعالًا لمباغتة فريسته.

• الحبار: الحبار يتغذى بشكل أساسي على الأسماك الصغيرة والكائنات البحرية الأخرى. بفضل سرعته العالية، يمكن للحبار أن يطارد فرائسه بفعالية. الحبار يستخدم مجساته الطويلة لصيد الفريسة، حيث يمسك بها ثم يهاجم باستخدام مناقيره الحادة.

7. التمويه والتخفي:

من السمات المميزة للرأسقدميات القدرة على التمويه، لكن هناك اختلافات بين الأخطبوط والحبار في هذا الجانب.

• الأخطبوط: يعد الأخطبوط من بين الكائنات البحرية الأكثر قدرة على التمويه. بفضل الخلايا الخاصة الموجودة في جلده، يمكن له تغيير لونه وتشكيل سطح جلده ليُشابه البيئة المحيطة به تمامًا. هذه القدرة تساعده على الهروب من الأعداء والاختباء في بيئته.

• الحبار: على الرغم من أن الحبار أيضًا يمتلك خلايا لتمويه لونه، إلا أنه لا يتمتع بقدرة عالية على التغيير في شكل جلده مقارنة بالأخطبوط. الحبار يميل إلى استخدام سرعته للهروب من الخطر أكثر من اعتماده على التمويه.

8. الذكاء:

يُعتبر الأخطبوط من أذكى الكائنات البحرية، وهو يُظهر سلوكيات معقدة تَشمل الحلول العقلية لمشاكل البيئة. في المقابل، الحبار على الرغم من كونه كائنًا ذكيًا، إلا أنه لا يظهر نفس مستوى الذكاء المعقد مثل الأخطبوط.

9. التهديدات والافتراس:

يواجه كل من الأخطبوط والحبار تهديدات مختلفة في بيئاتهم البحرية.

• الأخطبوط: يتم افتراس الأخطبوط من قبل العديد من الحيوانات البحرية الكبيرة مثل أسماك القرش، الدلافين، وبعض أنواع الحيتان. بسبب قدرته على التمويه والاختباء، يكون الأخطبوط غالبًا قادرًا على تفادي الافتراس بشكل أفضل من الحبار.

• الحبار: يتعرض الحبار أيضًا للتهديدات من الأسماك الكبيرة، الحيتان، وبعض أنواع الطيور البحرية التي تبحث عن طعام. بسبب سرعته العالية وقدرته على السباحة في المياه العميقة، فإن الحبار يتمتع ببعض الحماية.

10. الخلاصة:

على الرغم من أن الأخطبوط والحبار ينتميان إلى نفس الفصيلة ويشتركان في العديد من الخصائص المميزة، إلا أن هناك العديد من الاختلافات بينهما من حيث الشكل الخارجي، أساليب الحركة، التغذية، التكاثر، والتمويه. هذه الاختلافات تجعلهما متكاملين في بيئتهما البحرية، حيث يتكيف كل منهما مع ظروفه البيئية الخاصة بطريقة فريدة.