“أحلام أحد الأعيام الروسية”، تأليف أندريه ماكين وترجمة جيفري ستراشان، هو عمل أدبي معبر يسلط الضوء على مراحل نمو طفل وسط واقع الحياة القاسي في الاتحاد السوفيتي خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، متمثلة في قصة حب استثنائية تجمع بين الطفل وجدته الفرنسية الأنيقة، شارلوت ليمونييه. يزور الطفل جدته كل صيف في قرية مغبرة تطل على السهوب الروسية الشاسعة، حيث يقضيان معًا أمسيات دافئة على شرفتها الضيقة المغطاة بالزهور، يستمع خلالها إلى القصص الآتية من زمن ومكان آخرين: باريس في مطلع القرن.
كانت شارلوت قد شهدت العديد من الأحداث المثيرة، مثل لعب بروست للتنس في نويي، وزيارة القيصر نيقولا الثاني لباريس في عام 1896، وفيضانات باريس الكبيرة في 1910، ووفاة الرئيس الفرنسي فيليكس فور في أحضان عشيقته. كما تروي شارلوت عن روسيا التي لم يعرفها الصبي، روسيا الجوع والبؤس والظلم الوحشي والفوضى العارمة التي رافقت الحروب. تتبعها القصص في رحلتها سيراً على الأقدام من موسكو وحتى منتصف الطريق إلى سيبيريا، وتعاني معها وهي تروي قصة زوجها – جد الصبي – الذي كان ضحية تطهيرات ستالين، وتقشعر لها الأبدان وهي تصف تعرضها للأسر على يد اللصوص الذين عذبوها وتركوها لتموت.
يجد الطفل نفسه مأخوذًا بشدة بهذه القصص التي تحكيها جدته، حتى أنه يبدأ في نسج قصصها داخل عالمه الخاص المليء بالذكريات والأحلام. على الرغم من كل الحرمان والظلم في العالم السوفيتي، يشعر الطفل، مثل العديد من الروس، بارتباط قوي وحب لا يمكن تدميره لوطنه.
تعتبر الرواية من الأعمال الأدبية المتميزة التي تجسد تأثير الأحداث التاريخية والشخصية على تشكيل وعي الفرد وتطوره النفسي. تتناول الرواية بعمق تأثير الذاكرة وكيف يمكن للقصص أن تحافظ على تاريخ شخصي وكذلك تاريخ شعب بأكمله. من خلال شخصية شارلوت، يتمكن القارئ من استكشاف عوالم مختلفة، موغلة في التاريخ الروسي والفرنسي على حد سواء، وكيف تتقاطع هذه العوالم في شخصية الطفل الذي ينمو وسط هذه الأجواء المتناقضة.
تم نشر الرواية بواسطة “أركيد بابليشينغ” في أغسطس 1997، وتُعد من الروايات الأدبية التي تتناول موضوعات عميقة تمس الإنسانية والتاريخ والأدب. تقدم الرواية نظرة فريدة إلى التحولات الثقافية والسياسية في القرن العشرين، من خلال عيون شخصياتها التي تحمل ذكريات عبر الأجيال.