أضرار التبرع بالدم و مخاطره

أضرار التبرع بالدم: الآثار الجانبية والمخاطر المحتملة

يعد التبرع بالدم من الأعمال النبيلة التي تساهم في إنقاذ الأرواح ومساعدة المرضى الذين يحتاجون إلى دم في حالات طارئة أو عمليات جراحية معقدة. رغم الفوائد الصحية والاجتماعية الكبيرة التي يحققها التبرع، فإن هناك بعض الأضرار أو المخاطر التي قد تترتب على هذه العملية في بعض الحالات، والتي يجب أن يكون المتبرع على دراية بها قبل اتخاذ قرار التبرع. في هذا المقال، سوف نتناول أضرار التبرع بالدم من الناحية الصحية، بدءًا من الآثار الجانبية الفورية التي قد تحدث أثناء وبعد التبرع، وصولاً إلى المخاطر الصحية طويلة المدى التي قد تكون نتيجة لتكرار التبرع.

التبرع بالدم: عملية ضرورية ولكنها قد تحمل بعض المخاطر

التبرع بالدم هو عملية تبرع طوعي يتم خلالها سحب كمية من الدم من الشخص المتبرع بهدف استخدامها في علاج المرضى الذين يعانون من حالات طارئة أو مزمنة تتطلب نقل الدم. بينما يعتبر التبرع بالدم آمنًا بشكل عام إذا تم وفقًا للإرشادات الطبية، فقد تظهر بعض الأضرار أو الآثار الجانبية نتيجة لأسباب متعددة.

آثار التبرع بالدم على الجسم

عند التبرع بالدم، يتم سحب حوالي 450 مل من الدم في كل مرة، وهو ما يعادل نحو 10% من إجمالي حجم الدم في الجسم. في حالة التبرع لمرة واحدة أو بانتظام، قد يشعر المتبرع ببعض الآثار الجانبية التي يمكن تصنيفها إلى آثار فورية أو طويلة الأمد.

1. الشعور بالإرهاق والدوار

من أكثر الآثار شيوعًا بعد التبرع بالدم هو الشعور بالتعب أو الدوار، وقد يشعر الشخص بالدوار أو الغثيان بعد التبرع مباشرة. تحدث هذه الحالة بسبب انخفاض مستوى الدم في الجسم بعد سحب كمية منه، مما يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم لبعض الوقت. غالبًا ما يكون هذا الشعور مؤقتًا ويزول خلال بضع دقائق، ولكن في بعض الحالات قد يحتاج الشخص إلى فترة أطول للشفاء.

2. انخفاض مستويات الحديد في الجسم

يعد انخفاض مستوى الحديد في الجسم من أبرز الأضرار المحتملة بعد التبرع بالدم. الدم يحتوي على الهيموغلوبين الذي يحتوي بدوره على الحديد، وهو عنصر أساسي لنقل الأوكسجين إلى خلايا الجسم. بعد التبرع، قد يواجه المتبرع انخفاضًا مؤقتًا في مستويات الحديد في الدم، مما قد يسبب شعورًا بالإرهاق والضعف.

3. التشنجات العضلية وألم في موقع التبرع

من الأعراض الأخرى التي قد تظهر هي التشنجات العضلية أو الألم في ذراع المتبرع في المنطقة التي تم سحب الدم منها. قد يكون ذلك نتيجة للضغط الذي تم ممارسته على الوريد أو الحقن. غالبًا ما تكون هذه الأعراض خفيفة وتختفي بعد مرور بضع ساعات.

4. التورم والكدمات

في بعض الحالات، يمكن أن يحدث تورم أو كدمات في موقع الإبرة بعد التبرع بالدم. قد يحدث هذا بسبب دخول الإبرة إلى الوريد بطريقة غير مثالية أو بسبب كثافة الدم في منطقة الحقن. على الرغم من أن هذه الكدمات والتورمات غير ضارة عادةً، إلا أنها قد تكون مزعجة للمتبرع.

المخاطر الصحية المحتملة على المدى الطويل

في حين أن معظم الآثار الجانبية للتبرع بالدم تكون قصيرة الأجل، هناك بعض المخاطر التي قد تظهر على المدى الطويل، خصوصًا في حال التبرع المتكرر.

1. فقر الدم الناتج عن نقص الحديد

التبرع بالدم المتكرر قد يؤدي إلى نقص حاد في الحديد في الجسم، مما قد يعرض الشخص لخطر الإصابة بفقر الدم. عندما لا يتم تعويض الحديد بشكل كافٍ بعد التبرع، قد يشعر الشخص بالتعب المزمن، الدوار، وضيق التنفس. من أجل تجنب هذا النوع من الفقر، يُنصح بتناول مكملات الحديد بعد التبرع لفترة محددة تحت إشراف طبي.

2. نقص في بعض البروتينات والعناصر الغذائية

إلى جانب الحديد، يحتوي الدم أيضًا على البروتينات والمواد المغذية التي تحتاجها الخلايا للقيام بوظائفها. قد يؤدي التبرع المتكرر إلى انخفاض في هذه المواد، مما قد يؤثر على قدرة الجسم على التجدد. يعتبر البروتين عاملًا أساسيًا في تجديد الخلايا وأنسجة الجسم، وبالتالي فإن نقصه يمكن أن يؤدي إلى تأخر في التعافي من الجروح والعمليات.

3. ضعف الجهاز المناعي

على الرغم من أن الجسم يعمل على تعويض الدم المفقود بشكل فعال في معظم الحالات، إلا أن التبرع المتكرر قد يؤثر على كفاءة الجهاز المناعي، حيث أن مكونات الدم تلعب دورًا هامًا في الدفاع ضد العدوى. التبرع المتكرر قد يقلل من عدد خلايا الدم البيضاء بشكل مؤقت، مما يجعل المتبرع أكثر عرضة للإصابة بالأمراض.

الآثار النفسية للتبرع المتكرر بالدم

بعيدًا عن الآثار الجسدية، قد يشعر بعض الأفراد بآثار نفسية سلبية نتيجة التبرع بالدم المتكرر. من الممكن أن يشعر البعض بالقلق أو الخوف من إبرة الحقن، مما يؤثر على قراراتهم بشأن التبرع بالدم. علاوة على ذلك، قد يعاني البعض من مشاعر القلق أو الذنب في حال حدوث أي آثار جانبية غير مرغوب فيها بعد التبرع، مما قد يؤثر على صحتهم النفسية بشكل عام.

مخاطر نادرة وخطيرة للتبرع بالدم

في حالات نادرة، قد تحدث بعض المخاطر الأكثر خطورة. وتشمل هذه:

• التسمم الدموي: في حالات نادرة، يمكن أن تحدث عدوى نتيجة للحقن غير المعقم بشكل صحيح أو بسبب المعدات غير النظيفة. التسمم الدموي هو حالة طبية طارئة تتطلب علاجًا فوريًا.

• الفشل في تعويض حجم الدم: في حالات معينة، قد يعجز الجسم عن تعويض حجم الدم المفقود بشكل سريع، مما قد يؤدي إلى انخفاض حاد في ضغط الدم.

الحالات التي يجب أن يتجنب فيها الشخص التبرع بالدم

على الرغم من أن التبرع بالدم آمن لمعظم الأشخاص، هناك بعض الحالات الصحية التي يجب أن يتجنب فيها الأشخاص التبرع بالدم، مثل:

• الأشخاص الذين يعانون من فقر الدم أو نقص الحديد.

• الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة في القلب أو الكلى.

• الحوامل أو المرضعات.

• الأشخاص الذين خضعوا مؤخرًا لعملية جراحية أو تعرضوا لإصابة خطيرة.

كيف يمكن الحد من أضرار التبرع بالدم؟

للتقليل من الأضرار المحتملة للتبرع بالدم، ينبغي للمتبرعين أن يتبعوا بعض الإرشادات الصحية التي يمكن أن تساعد في تسريع عملية التعافي وتقليل المخاطر:

• تناول الأطعمة الغنية بالحديد بعد التبرع: مثل اللحوم الحمراء، الدواجن، الأسماك، والحبوب المدعمة بالحديد.

• الراحة الكافية بعد التبرع: يجب على المتبرع أخذ قسط من الراحة لتجنب الإرهاق أو الدوار.

• الامتناع عن التبرع إذا كان هناك شعور بالتعب أو المرض: من الأفضل تأجيل التبرع إذا كان الشخص غير في حالة صحية جيدة.

خاتمة

يعد التبرع بالدم خطوة إنسانية عظيمة تساهم في إنقاذ الأرواح، لكن من المهم أن يكون المتبرع على دراية بالأضرار والمخاطر المحتملة التي قد تحدث نتيجة لهذه العملية. على الرغم من أن التبرع بالدم غالبًا ما يكون آمنًا، إلا أن الفهم الصحيح للآثار الجانبية والإجراءات الوقائية يساعد في التقليل من المخاطر والحفاظ على صحة المتبرع.