العلاج المركز عاطفياً: تعريفه، ومراحله، وتقنيات تطبيقه
العلاج المركز عاطفياً (Emotionally Focused Therapy – EFT) هو نوع من أنواع العلاج النفسي الذي يركز بشكل رئيسي على العواطف وكيفية تأثيرها في العلاقات البشرية. تم تطويره في السبعينات من قبل الدكتور سوزان جونز والدكتور جيورجيه كيسي، ويعتبر أحد الأساليب العلاجية التي تساهم بشكل كبير في تحسين العلاقات بين الأفراد، سواء كانت علاقة عاطفية بين الزوجين أو بين أفراد الأسرة أو حتى في بيئات العمل. يعتمد العلاج المركز عاطفياً على مبدأ أساسي وهو أن العواطف تمثل القوة المحركة التي تؤثر بشكل كبير في السلوك البشري والتفاعلات الاجتماعية.
تعريف العلاج المركز عاطفياً (EFT)
العلاج المركز عاطفياً هو نوع من العلاجات النفسية التي تركز على فهم العواطف والتعبير عنها بطريقة صحية تساعد في تغيير أنماط العلاقة بين الأفراد. يعتمد هذا النوع من العلاج على فكرة أن العواطف، عندما يتم تنظيمها بشكل صحيح، يمكن أن تساهم في تحسين الأداء العاطفي والعلاقات الشخصية. وقد أظهرت الأبحاث العلمية أن التعامل مع العواطف بشكل مباشر وفعال يساهم في بناء علاقات صحية، وبالتالي يؤثر بشكل إيجابي على الصحة النفسية.
الهدف الأساسي من العلاج المركز عاطفياً
الهدف الأساسي للعلاج المركز عاطفياً هو مساعدة الأفراد أو الأزواج في التعرف على العواطف التي يؤثرون بها في تفاعلاتهم اليومية. هذا النوع من العلاج يهدف إلى تحسين قدرة الشخص على تنظيم مشاعره بطريقة صحية ومتوازنة، وبالتالي تقليل التوتر والضغوط النفسية التي يمكن أن تنشأ بسبب عدم فهم العواطف أو إخفائها. العلاج المركز عاطفياً يسعى إلى بناء تواصل عاطفي أكثر انفتاحاً بين الأفراد، مما يسهم في تعزيز الثقة والارتباط العاطفي في العلاقات.
مراحل العلاج المركز عاطفياً
يتم تطبيق العلاج المركز عاطفياً من خلال عدة مراحل تم تصميمها لتحقيق تغييرات إيجابية في العلاقات العاطفية. تنقسم هذه المراحل إلى ثلاث خطوات رئيسية يمكن تفصيلها على النحو التالي:
المرحلة الأولى: تعريف العواطف وتحديد الأنماط السلوكية
في بداية العلاج، يركز المعالج على مساعدة العميل (أو الزوجين) في تحديد العواطف التي تؤثر على سلوكهم وعلاقاتهم. تتضمن هذه المرحلة التعرف على الأنماط السلوكية التي قد تكون قد تطورت عبر الزمن بسبب الصدمات العاطفية أو التجارب السابقة. الهدف من هذه المرحلة هو السماح للأفراد بالاعتراف بعواطفهم بطريقة صادقة، وعدم التهرب منها أو قمعها. من خلال هذه العملية، يبدأ الأفراد في فهم كيفية تأثير عواطفهم على علاقاتهم الشخصية وكيفية تغيير هذه الأنماط السلبية.
المرحلة الثانية: تغيير الأنماط السلوكية العاطفية
بمجرد أن يبدأ الأفراد في التعرف على عواطفهم، تأتي المرحلة التالية وهي تغيير الأنماط السلوكية التي قد تكون قد أدت إلى مشكلات في العلاقة. في هذه المرحلة، يبدأ المعالج في استخدام تقنيات معينة لتوجيه الأفراد إلى تعبير أكثر صحة وأماناً عن عواطفهم، مما يساعد في إعادة بناء الثقة والاتصال العاطفي بين الطرفين. يمكن أن تشمل هذه التقنيات تغييرات في كيفية التواصل بين الأفراد، وكيفية التعامل مع الصراع العاطفي بطريقة بناءة. يهدف المعالج إلى مساعدة الأفراد على التعامل مع مشاعرهم بشكل أكثر مرونة، مما يساهم في تقوية الروابط العاطفية وتحسين جودة العلاقة.
المرحلة الثالثة: بناء الارتباط العاطفي المستدام
في المرحلة الأخيرة من العلاج، يتم العمل على تعزيز الارتباط العاطفي بين الأفراد. تهدف هذه المرحلة إلى تحويل الأنماط القديمة من التفاعل إلى أنماط جديدة من التواصل العاطفي الذي يعزز الثقة والاحترام المتبادل. خلال هذه المرحلة، يتعلم الأفراد كيفية التعبير عن احتياجاتهم العاطفية بطريقة لا تؤدي إلى الصراع أو التوتر، بل تساعد في تعزيز التقارب والتفاهم العاطفي بين الأطراف. كما يركز المعالج في هذه المرحلة على تعزيز الأمن العاطفي لدى الأفراد من خلال تقوية الارتباط العاطفي وتقديم الدعم المستمر.
تقنيات العلاج المركز عاطفياً
يتم استخدام العديد من التقنيات العلاجية داخل إطار العلاج المركز عاطفياً. يتم اختيار التقنيات بناءً على طبيعة العلاقة بين الأفراد والأهداف العلاجية المحددة. ومن أبرز هذه التقنيات:
1. الاستماع العاطفي (Emotionally Attuned Listening)
من أهم التقنيات المستخدمة في العلاج المركز عاطفياً هي الاستماع العاطفي. هذه التقنية تعتمد على المعالج الذي يقوم بمساعدة العميل على التعبير عن عواطفه بصدق وتقبل من الطرف الآخر. الهدف من هذه التقنية هو تحفيز التواصل العاطفي العميق بين الأفراد، مما يسهم في تعزيز الفهم المتبادل.
2. التعبير عن العواطف بطريقة صحية (Emotional Expression)
تعليم الأفراد كيفية التعبير عن مشاعرهم بشكل صريح وصحي يعد جزءاً مهماً من العلاج المركز عاطفياً. في بعض الأحيان، قد يشعر الأفراد بالتهديد أو الخوف من التعبير عن مشاعرهم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تعزيز مشاعر العزلة أو الإحباط. من خلال العلاج، يتعلم الأفراد طرقاً آمنة وفعّالة للتعبير عن احتياجاتهم العاطفية.
3. تغيير الأنماط السلوكية السلبية (Changing Negative Patterns)
ترتكب بعض العلاقات أخطاء تكرار الأنماط السلوكية السلبية التي تؤدي إلى تفاقم المشكلات. العلاج المركز عاطفياً يساعد في التعرّف على هذه الأنماط السلبية، مثل التجنب العاطفي أو الهجوم العاطفي، والعمل على تغييرها من خلال استراتيجيات معينة تهدف إلى تحسين التواصل والتفاهم.
4. بناء أطر الأمان العاطفي (Creating Emotional Safety)
من خلال هذا العلاج، يتم العمل على بناء بيئة آمنة عاطفياً حيث يشعر الأفراد بالراحة في التعبير عن مشاعرهم دون الخوف من الحكم أو التهديد. يتم تشجيع الأفراد على تقديم الدعم العاطفي لبعضهم البعض، مما يساهم في بناء علاقة صحية ومبنية على الثقة المتبادلة.
فوائد العلاج المركز عاطفياً
يتمتع العلاج المركز عاطفياً بالعديد من الفوائد التي تجعله أحد الأساليب العلاجية الفعّالة. من أبرز هذه الفوائد:
-
تحسين التواصل العاطفي: يساعد العلاج المركز عاطفياً على تعزيز التواصل العاطفي الفعّال بين الأفراد، مما يسهم في تقوية الروابط الإنسانية.
-
تحقيق الاستقرار العاطفي: من خلال تنظيم المشاعر، يمكن أن يتحقق استقرار عاطفي لدى الأفراد، مما يساعدهم على التعامل مع التوتر والضغوط بشكل أفضل.
-
تحسين العلاقات الزوجية: يعد هذا النوع من العلاج مفيداً بشكل خاص للأزواج الذين يعانون من صعوبة في التواصل أو الذين يمرون بفترات صعبة في علاقتهم.
-
تعزيز الثقة والاحترام: يساعد العلاج على بناء الثقة المتبادلة والاحترام بين الأفراد، مما يساهم في إنشاء علاقات أكثر صحة ودواماً.
-
زيادة الوعي الذاتي: يساهم العلاج في تعزيز الوعي الذاتي حول العواطف وأنماط السلوك، مما يسمح للأفراد بالتعامل مع مشاعرهم بشكل أفضل.
خاتمة
العلاج المركز عاطفياً يمثل واحداً من الأساليب العلاجية التي تركز على الأبعاد العاطفية في حياة الأفراد والعلاقات بينهم. من خلال معالجة العواطف بطريقة واعية وصحية، يمكن تحسين نوعية الحياة العاطفية للأفراد، وتعزيز التفاهم المتبادل وبناء العلاقات القوية والمستدامة.
