العاصمة اليتيمة: اعتماد الإيرادات الصحيحة لمقاطعة كولومبيا
تُعد العاصمة الوطنية للولايات المتحدة، واشنطن العاصمة، حالة فريدة ومعقدة في السياسة والإدارة المالية الأمريكية. منذ فترة طويلة، تواجه هذه المدينة أزمة مالية وسياسية عميقة، تجسدت بشكل واضح في منتصف التسعينيات من القرن العشرين، عندما كانت العاصمة في خضم أزمة خانقة أدت إلى عدم قدرتها على دفع فواتيرها وتزايد العجز في ميزانيتها التشغيلية. في عام 1995، أصبحت العاصمة عملياً غير قادرة على الوصول إلى الأسواق المالية، وكانت ثلاثة من وكالاتها الحكومية تحت وصاية قضائية. في ظل هذه الظروف، كان 30% من مركبات الشرطة تحتاج إلى إصلاحات يومياً، و25% من حافلات المدارس كانت غير صالحة للتشغيل.
لم تكن الإيرادات المالية في تلك الفترة كافية أيضاً، حيث كان مقدمو الخدمات الضريبية يبتكرون قواعد جديدة ويقومون بتقليل قيمة القاعدة الضريبية. في أبريل من عام 1995، بدأت الكونغرس في مواجهة هذا الوضع الصعب بشكل جدي، حيث قام بتكليف مجلس رقابة مالي، يتم تعيينه من قبل الرئيس، بالإشراف على الأمور المالية للمدينة. وهذا التدبير كان محاولة لإنقاذ العاصمة، التي تُعد مسألة ذات اهتمام وطني.
في كتابها “العاصمة اليتيمة: اعتماد الإيرادات الصحيحة لمقاطعة كولومبيا”، تسلط كارول أوكلايرسيتشين الضوء على الوضع المالي المقلق للعاصمة وتستعرض مختلف جوانب الأزمة المالية التي تمر بها. تقدم أوكلايرسيتشين خلفية شاملة لفهم الوضع الحالي، مع التركيز على مكونات الإيرادات وتقديم مجموعة من الخيارات الواقعية لتحقيق توازن الميزانية على المدى الطويل. تتناول في كتابها أسئلة جوهرية مثل: ما هو “الطبيعي” بالنسبة لمدينة بحجم واشنطن؟ ما هو التوزيع المناسب بين الحكومة الفيدرالية وسكان المقاطعة والمنطقة المحيطة؟ كم من التعويض يجب دفعه مقابل الكمية الكبيرة من الممتلكات المعفاة من الضرائب والعدد الكبير من المنظمات غير الربحية في العاصمة؟ وما هي الضرائب التي يمكن للمقاطعة فرضها بشكل عادل وجمعها بكفاءة دون أن تؤثر على قرارات الأفراد والشركات بشأن مكان تواجدهم؟
تخلص أوكلايرسيتشين إلى أن أزمة العاصمة المالية هي نتيجة، جزئياً، للاتجاهات الاقتصادية والديموغرافية التي تعكس معضلات المدن المركزية وضواحيها في جميع أنحاء البلاد؛ وجزئياً، للعلاقة التاريخية المعيبة بين الكونغرس والحكومة المحلية. لكن في صميم أزمة العاصمة المالية تكمن مكانتها الخاصة كعاصمة للأمة. حيث تستفيد جميع المدن الأمريكية الأخرى من المساعدات الحكومية للدولة في مجالات الرعاية الاجتماعية، والطب، والسجون، والتعليم العالي، والعدالة للشباب، ومجموعة واسعة من الاستثمارات في الطرق والبنية التحتية وغيرها. بينما لا تحصل العاصمة على هذه المساعدات؛ إذ يتعين عليها فرض الضرائب على سكانها لتوفير خدمات مماثلة لتلك التي تقدمها الدول الأخرى.
إن تحقيق توازن الميزانية المستمر في العاصمة يتطلب إعادة ترتيب المسؤوليات المتعلقة بالنفقات والإيرادات من قبل الحكومة الفيدرالية، التي تعمل كوالد للدولة للأمة اليتيمة. الكتاب يعرض رؤية تحليلية تتناول التحديات التي تواجه العاصمة، ويقترح حلولاً عملية من شأنها أن تسهم في استقرار مالي طويل الأمد للعاصمة الأمريكية. من خلال تقديم خيارات متنوعة للإيرادات، تسعى أوكلايرسيتشين إلى توفير إطار عمل يمكن أن يساعد في معالجة الأزمة الحالية وضمان استقرار مالي مستدام في المستقبل.