الصندوق الأسود: جهاز تسجيل الطيران

الصندوق الأسود، المعروف أيضًا باسم مسجل البيانات الطيران، هو جهاز يُستخدم في الطيران لتسجيل المعلومات الفنية والصوتية أثناء رحلة الطائرة. يعتبر الصندوق الأسود أحد أهم وسائل التحقيق في حالات الحوادث الجوية، حيث يمكن استخدام البيانات المسجلة فيه لفهم أسباب الحادث وتطوير إجراءات السلامة لتفادي تكرارها في المستقبل.

يتكون الصندوق الأسود من جهازين رئيسيين:

1. المسجل الطيران (FDR):

   • يُعرف أيضًا بـ “الصندوق الأسود للبيانات”.
   • يسجل البيانات الفنية مثل السرعة، وارتفاع الطائرة، وزوايا الارتفاع، وإعدادات أنظمة الطائرة.
   • يكون عادة مصنوعًا من مواد تتحمل درجات حرارة عالية وضغط عند الحوادث.
   • يُمكن استخراج البيانات منه بعد الحادث، ويساعد في إعادة بناء سيناريوهات الحادث.

2. المسجل الصوتي (CVR):

   • يُعرف أيضًا بـ “الصندوق الأسود للصوت”.
   • يسجل المحادثات داخل قمرة القيادة، بما في ذلك الاتصالات بين أفراد الطاقم وبيانات صوتية أخرى مثل التنبيهات والضوضاء.
   • يساعد في تحليل تفاصيل الحادث وتقييم تفاعل أفراد الطاقم خلال الحدث.

تكون معلومات الصندوق الأسود محمية بقوانين دولية، وتُعتبر سرية لحين استخراجها في إطار تحقيق حادث جوي. ومع ذلك، فإن الهدف الرئيسي من وراء هذا الجهاز هو تحسين سلامة الطيران عن طريق فهم الأسباب الكامنة وراء الحوادث واتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة لتجنب تكرارها في المستقبل.

من الجدير بالذكر أن الصندوق الأسود لا يقتصر استخدامه على الطائرات فقط، بل يُستخدم أيضًا في وسائل النقل البحري والقطارات، حيث يساهم في فهم وتحليل حوادث النقل بشكل عام وتطوير التشريعات والسياسات ذات الصلة.

بالتأكيد، سنواصل إكمال المقال حول الصندوق الأسود:

على الرغم من تسميته “صندوق أسود”، فإن هذا الجهاز عادةً لونه برتقالي أو أصفر فاتح، مما يسهل عملية العثور عليه بعد حدوث حادث. يتم تثبيت الصندوق الأسود عادة في منطقة الذيل من الطائرة، حيث يكون أقرب إلى مركز الثقل، مما يزيد من احتمالية بقائه سليمًا في حالة حدوث حادث.

الصندوق الأسود يتبع معايير صارمة للتصنيع والاختبار لضمان قدرته على تحمل ظروف الحوادث القاسية. يتم اختباره بشكل دوري ويجب استبداله بصندوق جديد بعد فترة زمنية محددة لضمان عمله الفعال.

يتم استخدام الصندوق الأسود في جميع أنواع الطائرات، بما في ذلك الطائرات التجارية والعسكرية، وحتى الطائرات الخاصة. وبالنظر إلى أهميته الكبيرة في فهم حوادث الطيران وتحسين سلامة الرحلات الجوية، فإن الشركات الجوية والسلطات التنظيمية تولي اهتمامًا كبيرًا بصيانة وتشغيل الصندوق الأسود بطريقة صحيحة.

مع تطور التكنولوجيا، هناك توجه نحو تطوير أنظمة الرصد والتسجيل الأكثر تطورًا، مثل الصناديق الرقمية التي تستخدم تقنيات الذاكرة الرقمية لتخزين البيانات بدلاً من الأقراص الصلبة التقليدية. هذا يمكن أحيانًا من توفير مزيد من المعلومات وزيادة كفاءة التحليل بعد الحوادث.

بشكل عام، يُعتبر الصندوق الأسود جزءًا لا يتجزأ من عمليات التحقيق في حوادث الطيران ووسيلة حيوية لفهم الأسباب الكامنة وراء هذه الحوادث. ومن خلال الاستفادة من البيانات المسجلة في الصندوق الأسود، يمكن تحسين سلامة الطيران والحد من حوادث الطيران في المستقبل.