“الشاهد الشخصي: إسرائيل عبر عيني” عمل مميز يأخذنا في رحلة عبر خمسة عقود من تاريخ إسرائيل، وهو كتاب يحمل بين طياته رؤية موضوعية وشخصية لتلك السنوات الفاصلة. يقدم الكتاب رواية سياسية واجتماعية على أعلى مستوى، من دون خوف أو تحيز، بل هو شهادة صريحة كُتبت في زمن لم يقيده أبان سلطات الوظيفة أو أدبيات الدبلوماسية.
تتبّع أبان سليمان إسرائيل عبر كل تقلبات مصيرها التي شهدها وشارك فيها: من بداياتها المحاصرة وصراعها الأول من أجل الاعتراف الدولي، حين “احتفظت إسرائيل بفرحة الولادة وخوف الموت في طعم واحد”؛ مروراً بالحروب المتعاقبة والأزمات الدبلوماسية، حيث كان في كثير من الأحيان الناطق الرئيسي وصانع السياسات؛ وصولاً إلى الأحلام والصراعات المريرة التي تشهدها اليوم.
وفي هذه الرحلة، نجد لمسات جانبية رائعة – ردود فعل ليست فقط على الأحداث بل على الأشخاص، الرجال والنساء الذين سعوا لخلق إسرائيل، والقادة الدوليين الذين ساعدوا أو عرقلوا تلك الجهود. يصوّر أبان في لقطات حميمية وغالباً مفاجئة، القادة العالميين الذين التقى بهم على مدى أكثر من أربعة عقود، مقدماً تعليقات صريحة عن كل من الرؤساء الأمريكيين من ترومان (“إذا كان هناك شيء يسمى ‘الرئاسة الإمبراطورية’، فلم يبدو أن أحداً أخبر هاري ترومان”) إلى بوش؛ وعن الزعماء من تشرشل، ديغول، وكول إلى سادات والملك حسين؛ وعن الشخصيات اليهودية والإسرائيلية، من بن غوريون ومئير إلى بيجن، رابين وشمير.
في عام 1984، ظهر كتاب “تراث: الحضارة واليهود”، الذي كتبه أبان والذي حقق نجاحاً كبيراً، وهو سرد لتاريخ الشعب اليهودي حتى عام 1948، كسلسلة تلفزيونية مكونة من تسعة أجزاء على التلفزيون العام وكتاب مرافق ملون ومثير للذكريات بنفس الاسم. والآن، بتغيير الأجواء، يأتي “الشاهد الشخصي”، وأبان عن إسرائيل هو توازن مذهل بين الكاتب والموضوع – حاد، معرف، مليء بالدراما والفكاهة، وقبل كل شيء، شخصي بشكل مكثف. يظلّ عين أبان واضحة، ومنظوره إنساني، وصوته غنياً ودرامياً، ورؤيته شاملة. لا غنى عنه كتاريخ، لا يقاوم كذكريات، إنه كتاب لكل من يهتم بمصير إسرائيل والشرق الأوسط.