في كتاب “السيرك الإعلامي: المشاكل مع الصحف الأمريكية”، يقدم هوارد كورتز، الصحفي البارز في صحيفة واشنطن بوست، تحليلاً متعمقاً لواقع الصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية. يبدأ كورتز بمقارنة ماضي الصحافة الأمريكية، حيث كان الصحفيون يُعتبرون أبطالاً في أيام ووترغيت، حيث أسقطوا رئيسًا وأكدوا على قيم الحقيقة والعدالة في البلاد، بالواقع الحالي حيث يُنظر إلى الصحفيين على أنهم مجموعة غريبة ومتكبرة ومتسلطة.
ويرى كورتز أن هناك تدهورًا في العلاقة بين الساسة ووسائل الإعلام، حيث يتهجم السياسيون من كافة الاتجاهات بانتظام على وسائل الإعلام، وقد أيد الجمهور حدودًا على الصحافة لم تكن معتقدة فيها منذ جيل من الزمن. ومن بين الصحفيين القلة الذين يحظون بأي احترام في هذه الأيام هو هوارد كورتز من واشنطن بوست. يتناول كورتز في كتابه موضوع الصحافة ذاتها، ويظل دائمًا بمواد للتغطية. إن تغطية الزملاء أمر خطير، لكن يتم التسليم بعالمية كورتز كصحفي دقيق، ومحقق عنيد، وكاتب واضح الفكر الذي يمكنه الوصول إلى جوهر أي قصة – خاصة قصة وراء القصة.
وفي “السيرك الإعلامي”، يتجول كورتز في غرف الأخبار وصالات الصحافة في أمريكا ليظهر كيف أفسدت الصحف العديد من القصص الهامة في السنوات الأخيرة. ما يراه ليس جميلًا: محررين يتجاهلون فضائح هيئة الإسكان والتمويل العقاري ويبرزون منظمي الإعلام مثل دونالد ترامب وآل شاربتون؛ صحفيون يستسلمون للقوة في البيت الأبيض وخلال حرب الخليج؛ تغطية الصحف لقضية وليام كينيدي سميث وكلارنس توماس تتجه نحو الصرفة؛ الصحافة مستمرة في إلحاق الضرر بنفسها، مشتتة مرارًا وتكرارًا بالتافه والفضائح أثناء حملة الانتخابات الرئاسية عام 1992.
ولا يمتنع كورتز عن تقديم نقد حاد لزملائه في الصحافة، حيث يكشف عن الثغرات الواسعة في المعلومات التي نتلقاها من صحفنا اليومية، مما يجعل “السيرك الإعلامي” يتنافس مع أفضل الكتب المكتوبة حول كيفية عمل الصحف حقًا، ويشهد على مهارة كورتز في التقرير من “بطن الوحش”.