السنن المهجورة عند النساء

السنن المهجورة عند النساء: العودة إلى الأصل والتذكير بالعادات الطيبة

تعتبر السنة النبوية الشريفة مرجعًا رئيسيًا لجميع المسلمين، حيث تحتوي على إرشادات وتعاليم نابعة من أفصح كلامٍ وأصدق رسالةٍ، وهي الطريق الأقوم لتحقيق حياة سعيدة ومتوازنة في الدنيا والآخرة. ولكن مع مرور الزمن، وظهور العديد من المتغيرات الحياتية والاجتماعية، بدأت بعض السنن التي كان يُحرص عليها في العصور الإسلامية الأولى في التلاشي والاندثار، خصوصًا في ما يتعلق بالنساء.

تستعرض هذه المقالة بعضًا من السنن المهجورة أو التي تكاد تكون مفقودة في حياتهن، مع التذكير بأهمية استعادة هذه العادات الطيبة التي تعتبر جزءًا من الدين الإسلامي الحنيف.

1. سنّة التطيب والتعطر

يعدّ التطيب من السنن التي نادى بها النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث. فقد ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا جاء الرجل إلى المسجد فليتطيب”، وكان من عادة النساء في العصور الإسلامية الأولى أن يحرصن على التطيب بالعطور الطبيعية كالمسك والزعفران قبل الخروج من المنزل أو حضور المناسبات.

ومع ذلك، أصبحت الكثير من النساء اليوم يهملن هذه السنّة أو يقتصرن على أنواع عطور قد لا تكون موافقة للشرع في بعض الأحيان، وذلك بسبب الاهتمام بالعطور الصناعية التي تحتوي على مواد قد تؤثر على الجسم أو على البيئة المحيطة.

من المهم أن تُعيد النساء التذكير بسنّة التطيب باستخدام الطيبات من العطور، بما يتماشى مع القيم الإسلامية في الحفاظ على الطهارة والجمال.

2. سنّة الحجاب

تعدّ سنّة الحجاب من السنن العظيمة التي أمر بها الإسلام لحماية المرأة وصون كرامتها. قال تعالى في كتابه الكريم: “وَقُلْ لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ” (سورة النور، الآية 31). لكن، في السنوات الأخيرة، فقدت بعض النساء الاهتمام بهذه السنّة أو اتبعن موديلات للحجاب تبتعد عن أسس الشريعة الإسلامية من حيث الستر وعدم الزينة.

إن إحياء سنّة الحجاب تعني العودة إلى الحجاب الشرعي الذي يُظهر الوقار والعفاف، ويُحافظ على هوية المرأة المسلمة دون المساس بتأكيد مظهرها الشخصي بشكل يتماشى مع الثقافة الإسلامية.

3. سنّة الصلاة في أول الوقت

تعتبر الصلاة عماد الدين، وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في أول الوقت، كما في الحديث: “أحب الأعمال إلى الله الصلاة على ميقاتها”. وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك من النساء من يتساهلن في أداء الصلاة ويؤجلنها بسبب الانشغالات اليومية، ما يؤدي إلى تضييع هذه السنّة العظيمة.

الاهتمام بالصلاة في وقتها من أهم السنن التي يجب أن تلتزم بها كل امرأة مسلمة، فهي لا تؤثر فقط على علاقتها مع الله سبحانه وتعالى، بل أيضًا تساهم في استقرارها النفسي وراحة قلبها.

4. سنّة الإفطار على الرطب أو التمر

عند الحديث عن سنن الإفطار في رمضان، نجد أن من بين السنن المهجورة هي إفطار النساء على الرطب أو التمر كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم. فقد ورد في الحديث الصحيح: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تميرات فحسا حسوات من ماء”.

هذه السنّة قد أصبحت مهجورة في بعض البيوت، حيث تفضل بعض النساء تناول أنواع أخرى من الطعام عند الإفطار بدلاً من الرطب أو التمر. ومن المعروف أن التمر من أفضل ما يمكن أن يبدأ به المسلم يومه خاصة في رمضان، لما له من فوائد صحية عظيمة في تقوية الجسم وتوفير الطاقة.

5. سنّة الرضاعة الطبيعية

لقد أوصى الإسلام بالرضاعة الطبيعية، حيث قال الله تعالى: “وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أََولَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ” (سورة البقرة، الآية 233). وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على ضرورة إرضاع الطفل طبيعيًا لما فيه من فوائد عظيمة له ولأمه.

ومع تطور الطب والعلوم، بدأت الكثير من النساء في استخدام الحليب الصناعي على حساب الرضاعة الطبيعية، مع أنه لا يعوض عن الفوائد الصحية التي يحصل عليها الطفل من الرضاعة الطبيعية. يجب أن يعود الاهتمام بهذه السنّة لما لها من فوائد كبيرة على صحة الأم والطفل.

6. سنّة الختان للنساء

الختان للنساء يعد من السنن التي كان يُحرص عليها في العصور الإسلامية المبكرة، حيث كانت النساء في ذلك الوقت يستخدمنه باعتباره من علامات طهارة الجسد والحفاظ على النفس. على الرغم من ذلك، نجد أن هذه السنّة قد تراجعت في كثير من المجتمعات بسبب المفاهيم الخاطئة أو الخلط بين العادات المحلية والتعاليم الإسلامية.

الختان كما ورد في السنة ليس مفروضًا بل هو من السنن التي كانت تمارس في بعض المجتمعات الإسلامية. ومن المهم أن نعي هذه السنّة وفقًا لما جاء في الشريعة الإسلامية وليس من منطلق العادات والتقاليد.

7. سنّة الاعتكاف في رمضان

يُعتبر الاعتكاف من السنن المستحبة في شهر رمضان، حيث يفضل بعض النساء أن يقضين وقتًا في المسجد للتفرغ لعبادة الله وتلاوة القرآن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من اعتكف في رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”. لكن، في العصر الحديث، قلّ عدد النساء اللاتي يعتكفن في المساجد ويتركن الحياة الدنيا من أجل العبادة والتقرب إلى الله.

إن العودة إلى سنّة الاعتكاف تعتبر من الوسائل المميزة في رمضان لزيادة التقوى والصلة بالله تعالى.

8. سنّة إطعام الطعام

لقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “من لا يُؤثِر الناس على نفسه، فهو ليس منا”. ويعد إطعام الطعام أحد أسمى القيم التي يدعونا الإسلام إلى التمسك بها. وهذا يشمل إطعام الفقراء والمساكين، والمشاركة في المناسبات الاجتماعية، وتقديم الطعام للضيف.

لكن في الوقت الحاضر، قلّ الاهتمام بتلك السنّة، خاصةً في بعض المجتمعات التي تهتم أكثر بالرفاهية المادية على حساب الروحانيات. من المهم أن تعود النساء إلى هذه السنّة باعتبارها وسيلة لتعزيز الروابط الاجتماعية والإحسان إلى الآخرين.

9. سنّة حلق الشعر في الأعياد

في بعض الأحيان، كان من عادة النساء في العصور الإسلامية حلق الشعر في الأعياد أو في مناسبات معينة كجزء من التعبير عن الفرح والاحتفال. هذا كان يعتبر من مظاهر العناية بالجسد والطهارة، لكنه أيضًا جزء من التقاليد التي أصبحت مهجورة في بعض البيئات.

10. سنّة الخضوع لله في الدعاء والعبادة

أخيرًا، لا يمكننا نسيان سنّة الخضوع لله والتذلل بين يديه في الدعاء والعبادة، وهي واحدة من أسمى السنن التي قد يجهلها الكثيرون. لا يتطلب ذلك فقط الصلاة والعبادة في أوقاتها، بل يجب أن يكون هناك تضرع مستمر لله، سواء في أوقات السراء أو الضراء.

خاتمة

السنن النبوية التي أُنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هي الطريق إلى النعيم والفلاح في الدنيا والآخرة. إحياء هذه السنن ليس فقط حقًا على النساء المسلمات، بل هو سبيل للعودة إلى أصل الدين وتعاليمه النقية، التي تبني المجتمع الإسلامي على قواعد من التقوى والإيمان. فكلما ابتعدنا عن هذه السنن، كلما ابتعدنا عن الرحمة والبركة التي ترتبط بها، وكلما عدنا إليها، عدنا إلى سكينة الروح وراحة النفس.