كتاب “السمفونية التي لا تنطفئ: قصة حقيقية عن الموسيقى والحب في ألمانيا النازية”، من تأليف مارتن جولدسميث، يعد وثيقة تاريخية وإنسانية تلقي الضوء على فصل غير معروف على نطاق واسع من فصول الحكم النازي في ألمانيا. يركز الكتاب على تجربة والدي الكاتب، اللذين كانا جزءًا من “الكلتوربوند” اليهودي، وهو اتحاد ثقافي يهودي سمح له النازيون بالعمل في ألمانيا حتى أواخر الثلاثينيات تحت رقابة صارمة.
الكلتوربوند كان يعتبر مساحة للتعبير الثقافي والفني لليهود في وقت حظرت فيه السلطات النازية معظم أشكال التعبير اليهودي. وقد قدم هذا الاتحاد عروضاً موسيقية ومسرحية وأوبرالية واستمر في العمل حتى أصبح استمراره مستحيلاً بفعل تشديد القيود النازية وبدء الحرب العالمية الثانية.
مارتن جولدسميث، في كتابه هذا، لا يقتصر على رواية التاريخ المؤلم لهذه الفترة، بل يعمق النظر في التجربة الإنسانية لوالديه، اللذين عاشا قصة حب في ظل هذه الظروف القاسية. يستكشف الكتاب كيف استطاعت الموسيقى أن تكون ملاذاً لهما ولغيرهما من الموسيقيين اليهود، وكيف كانت وسيلة للحفاظ على الكرامة الإنسانية والهوية الثقافية في وجه الإبادة الجماعية.
بناء على مراجعات نقدية واعترافات شخصية من شخصيات بارزة في المجال الثقافي والإعلامي، يظهر الكتاب كعمل موثق جيدًا ومكتوب بأسلوب يجمع بين الدقة التاريخية والحميمية الشخصية. تيد كوبل، من قناة ABC News، وصف الكتاب بأنه “رؤية مذهلة لفصل شبه مجهول من حكم النازيين في ألمانيا”، وأكد جيمس غالواي على قوة الوصف المؤثر لتلك الأوقات الشريرة، بينما يعتبر ليونارد سلاتكين أن الكتاب ليس مجرد استكشاف للماضي بل هو اكتشاف للعواطف التي لم يعرف عنها الكثيرون من قبل.
نشر الكتاب في أغسطس 2000، وقد أصبح مرجعاً هاماً للباحثين والقراء المهتمين بدراسة تأثير النازية على الفنون وكيفية استخدام الموسيقى كوسيلة للمقاومة الروحية والثقافية. يشكل الكتاب أيضا مصدر إلهام للأجيال الجديدة حول كيفية مواجهة الظلم والقمع بالفن والإبداع.
في نهاية المطاف، “السمفونية التي لا تنطفئ” هو أكثر من مجرد سرد للأحداث التاريخية؛ إنه استكشاف عميق للقوة الإنسانية والفنية في أحلك الأزمنة. يقدم مارتن جولدسميث من خلاله رؤية شخصية وعالمية، تجسد كيف يمكن للفن أن يتحدى القمع ويحافظ على الروح الإنسانية في مواجهة المعاناة الشديدة والدمار.