“السلطة الرابعة: استراتيجية كبرى للولايات المتحدة في القرن الواحد والعشرين” هو كتاب قصير وحاد للمؤلف غاري هارت يعكس نقصًا يعاني منه الولايات المتحدة في العصر الحالي، حيث يفتقر إلى استراتيجية كبرى تحل محل “احتواء الشيوعية”. يقدم هارت في هذا الكتاب رؤية جديدة لاستراتيجية كبرى، توجه قوى أمريكا نحو تحقيق أهدافها الكبيرة. في صميم هذه الاستراتيجية يكمن قوة المثل الأمريكية، التي يطلق عليها هارت “السلطة الرابعة”. الحريات الدستورية، والحكومة التمثيلية، وحرية الصحافة – هذه وغيرها من المبادئ الديمقراطية، التي تجذب الشعوب في جميع أنحاء العالم، تشكل موردًا قد يثبت أهمية في الأمن القومي والمصلحة الوطنية في هذا القرن الجديد الخطير بما يقارب من أهمية القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية التقليدية. يكتب هارت: “الفكرة التي تقول بأن الحكومة موجودة لحماية، وليس لقمع، الفرد لها قوة هائلة لا يفهمها تمامًا معظم الأمريكيين الذين يأخذون هذا المبدأ مألوفًا منذ ولادتهم. ستتبعنا دول أكثر بكثير بسبب قوة هذا المثال الأمريكي من سوء تفهم جميع أسلحتنا.” ويحذر هارت الذين ينظرون إلى أرفع قيم أمريكا على أنها عائق أو حتى عائق لممارسة النفوذ في الخارج، مؤكدًا أننا نتجاهل المبدأ فقط على محنة خطيرة. قد يخدم مثل هذا النهج أهدافًا على المدى القصير، ولكن هناك تكاليف، من بينها التنازل عن إحدى الأصول الاستراتيجية الحاسمة، وهي السلطة الرابعة لأمريكا. تتطلب بعض الأهداف استجابة عسكرية – قليل من الأشخاص الجادين سيختلفون في هذا النقطة. السؤال هو “ما إذا كانت أهداف أمريكا يمكن تحقيقها بشكل أفضل من خلال الإمبراطورية والقوة أم من خلال المبدأ والإقناع.” يُظهر هارت أن الاقتراح الأول هو قراءة مغلوطة للتاريخ وعصرنا الثوري الحالي، الذي يتطلب ليس مذاهب العولمة الأحادية للدولة الكبرى والتصرف قبل الاعتداء ولكن التقدير لهياكل أمن جماعية جديدة، وهيئات تنظيمية دولية، وحتى أشكال من السيادة التعاونية. يطبق هارت أفضل رؤى الاستراتيجية على الدبلوماسية الدولية، ويجد تشوشًا، وتجاوزًا، وبساطة “لاهوتية” في السياسة الخارجية الحالية لأمريكا. ولا يعتقد أيضًا أن الحرب على الإرهاب، الضرورية في المدى القريب، ستكون بمثابة تحديد مسار استراتيجي أوسع لأمريكا ذاتها. إن رؤية هارت المنعشة لأمريكا مستجيبة لطيفة من التحديات العالمية بأكملها، تدعو إلى فهم أعمق للتهديدات التي نواجهها والقوى العميقة التي بحوزتنا لمواجهتها.
0
