السعال الديكي: الأعراض والعلاج

السعال الديكي: الأعراض والعلاج

السعال الديكي هو مرض تنفسي معدٍ يحدث بسبب عدوى بكتيرية، وتسببها بكتيريا بورديتيلا pertussis (Bordetella pertussis). يعد السعال الديكي واحداً من الأمراض التي تشهد فترات تفشي دورية، وخاصة في فترات معينة من العام، وتتميز بالعديد من الأعراض التي قد تكون مزعجة ومؤلمة. في هذا المقال، سنتناول كافة جوانب السعال الديكي، من الأعراض إلى التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى كيفية الوقاية منه.

أسباب السعال الديكي

السعال الديكي يحدث نتيجة الإصابة بالبكتيريا بورديتيلا بيرتوسيس. تنتقل هذه البكتيريا عبر الهواء من شخص لآخر عن طريق السعال أو العطس. عندما يتنفس شخص سليم الهواء الملوث بهذه البكتيريا، يمكن أن يصاب بالعدوى. لذلك، يعتبر السعال الديكي من الأمراض شديدة العدوى، خصوصًا في البيئات المغلقة مثل المدارس أو المنازل.

دورة المرض

يمر السعال الديكي بعدة مراحل مع مرور الوقت، وكل مرحلة منها تتميز بأعراض معينة:

1. المرحلة الأولى – مرحلة الزكام (الطور الكامن): تبدأ الأعراض بعد حوالي 7 إلى 10 أيام من التعرض للبكتيريا. في هذه المرحلة، يشعر المريض بأعراض تشبه الزكام مثل سيلان الأنف، العطس، والتهاب الحلق. قد يُخطئ الكثيرون في تشخيص هذه الأعراض على أنها نزلة برد بسيطة.

2. المرحلة الثانية – مرحلة السعال الشديد: بعد مرور أسبوعين تقريبًا، تبدأ الأعراض بالتحول إلى السعال الشديد، وهو السعال الذي يزداد في شدته ويتميز بموجات متتالية من السعال المتواصل الذي يصعب التوقف عنه. بعد كل نوبة سعال، قد يحدث صوت شهيق أو “خوار” غير عادي. في بعض الأحيان، قد يتسبب السعال المتواصل في القيء أو في الشعور بالإرهاق الشديد.

3. المرحلة الثالثة – مرحلة الشفاء: في هذه المرحلة، يبدأ السعال بالتناقص تدريجيًا. قد تستمر الأعراض لمدة 6 إلى 10 أسابيع قبل أن يشفى المريض تمامًا. هذه المرحلة تعرف أيضًا بمرحلة “السعال الديكي” حيث يتم ملاحظة تحسن تدريجي، لكن السعال قد يستمر لفترة طويلة.

أعراض السعال الديكي

تتميز أعراض السعال الديكي بتنوعها وتطورها على مراحل. في البداية، تكون الأعراض مشابهة للزكام العادي، لكن مع مرور الوقت، تصبح أكثر وضوحًا وتميزًا:

• السعال المتكرر والشديد: وهو العرض الأكثر شيوعًا. يبدأ السعال بطفرة صغيرة، لكنه يتحول إلى نوبات متواصلة من السعال الشديد. السعال يتسم بوجود “خوار” أو “شهيق” بعد نوبة السعال، وهو الصوت الذي يحدث عندما يحاول الشخص أخذ نفس عميق بعد نوبة السعال.

• الحمى: قد تكون الحمى خفيفة أو معتدلة، ولكن في بعض الحالات، قد ترتفع درجات الحرارة بشكل طفيف.

• سيلان الأنف: في المرحلة المبكرة من المرض، قد يعاني المريض من سيلان الأنف.

• التهاب الحلق: يصاحب السعال التهاب خفيف في الحلق.

• القيء: يحدث أحيانًا بعد نوبات السعال الشديدة، بسبب الضغط المفرط على المعدة.

• الإرهاق العام: بسبب الجهد المبذول خلال نوبات السعال المستمرة، قد يشعر المريض بالإرهاق العام وضعف في النشاط اليومي.

• البحث عن الراحة: المريض قد يشعر بحاجته الملحة إلى الراحة في فترات ما بين نوبات السعال بسبب الإرهاق.

مجموعات معرضة للإصابة

رغم أن السعال الديكي يمكن أن يصيب أي شخص في أي عمر، إلا أن بعض الفئات أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات خطيرة. تشمل هذه الفئات:

1. الأطفال الصغار: خاصة الأطفال دون سن سنة واحدة. هؤلاء الأطفال قد يعانون من مضاعفات خطيرة مثل الالتهاب الرئوي أو حتى الموت بسبب ضعف الجهاز المناعي.

2. النساء الحوامل: خاصة في الثلث الأخير من الحمل، حيث يمكن أن تتعرض الأم لزيادة في أعراض المرض ومضاعفات قد تؤثر على الجنين.

3. المسنون: الأشخاص فوق سن 65 عامًا قد يواجهون مضاعفات خطيرة نتيجة ضعف جهاز المناعة مع التقدم في السن.

4. الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة: مثل مرضى السرطان، أو الأشخاص الذين يخضعون للعلاج الكيميائي أو العلاج المناعي.

تشخيص السعال الديكي

يعد تشخيص السعال الديكي تحديًا بعض الشيء، خاصة في المراحل المبكرة عندما تتشابه الأعراض مع نزلات البرد العادية. يعتمد الأطباء على مجموعة من الأدوات والتقنيات لتأكيد التشخيص:

1. التاريخ الطبي والفحص السريري: سيسأل الطبيب عن الأعراض ومدة السعال، بالإضافة إلى التاريخ الصحي للمريض.

2. اختبارات المعمل:

   • زراعة البكتيريا: يتم أخذ عينة من الحلق لتحليل وجود بكتيريا بورديتيلا بيرتوسيس. هذه الطريقة دقيقة لكن قد تأخذ وقتًا طويلاً للحصول على النتائج.

   • اختبار PCR (التفاعل البوليميرازي المتسلسل): يساهم هذا الاختبار في اكتشاف الحمض النووي للبكتيريا ويعد أسرع وأكثر دقة.

   • اختبارات الدم: يمكن أن تشير إلى وجود عدوى بكتيرية إذا كانت مستويات كريات الدم البيضاء مرتفعة.

علاج السعال الديكي

يعد العلاج المبكر أمرًا حيويًا في تقليل أعراض المرض والوقاية من المضاعفات. يشمل العلاج:

1. المضادات الحيوية:

   • إذا تم تشخيص السعال الديكي في المرحلة المبكرة من المرض، يمكن أن تساعد المضادات الحيوية مثل الأزيثروميسين أو الإريثروميسين في تقليل شدة الأعراض وتقصير مدة المرض. كما أنها تمنع انتقال العدوى إلى الآخرين.

   • إذا كانت العدوى قد تطورت إلى مراحل متقدمة، لن تؤثر المضادات الحيوية كثيرًا على تقليل الأعراض، لكن يمكن أن تساعد في تقليل انتقال العدوى للأشخاص الآخرين.

2. العلاج الداعم:

   • الراحة: يحتاج المريض إلى الكثير من الراحة لتسريع التعافي.

   • ترطيب الجو: استخدام أجهزة الترطيب قد يساعد في تخفيف حدة السعال.

   • مسكنات الألم: يمكن استخدام الأدوية المسكنة للألم مثل الباراسيتامول لتقليل الألم الناتج عن السعال المستمر.

3. التقليل من المخاطر: يُنصح بتجنب الأماكن المزدحمة، خاصة في حالة الأطفال الرضع والحوامل، للحد من خطر الإصابة بالعدوى أو مضاعفات المرض.

الوقاية من السعال الديكي

الوقاية من السعال الديكي تعتبر أساسية خاصة في المجتمعات المعرضة للإصابة بتفشيات هذا المرض. تشمل طرق الوقاية ما يلي:

1. التطعيم: يعد التطعيم هو الوسيلة الأكثر فعالية للوقاية من السعال الديكي. يُعطى التطعيم ضد السعال الديكي للأطفال في إطار التطعيمات الروتينية في الطفولة. يتم إعطاء اللقاح ضمن لقاح DTP (الدفتيريا، التيتانوس، السعال الديكي). يُوصى أيضًا بتطعيم النساء الحوامل في الثلث الثالث من الحمل لتوفير الحماية للطفل بعد الولادة.

2. العزل الصحي: يجب على الأشخاص الذين يعانون من السعال الديكي أن يبقوا في المنزل ويمتنعوا عن مخالطة الآخرين حتى بعد بدء العلاج بالمضادات الحيوية.

3. العناية الشخصية والنظافة: غسل اليدين بشكل منتظم، واستخدام المناديل الورقية أثناء السعال أو العطس يمكن أن يساعد في تقليل انتشار المرض.

الخاتمة

السعال الديكي هو مرض تنفسي معدٍ قد يسبب مضاعفات خطيرة خاصة في الأطفال والرضع. يبرز دور التشخيص المبكر والعلاج السريع في منع تطور الأعراض إلى مراحل متقدمة. كما يعد التطعيم من أكثر الوسائل فعالية في الوقاية من السعال الديكي وتقليل تفشي المرض في المجتمع.