في روايته الرائعة “الزلة الكبرى وقصص أخرى”، يقدم الكاتب العظيم سومرست موم لقارئه تحفة أدبية تعكس بعمق الطبيعة البشرية بلا رتوش أو تنميق. يسعى موم في هذا العمل إلى تصوير الحقيقة بشكل صارم، قد يجعل القارئ في بعض اللحظات يعتبر أن هناك قسوة في طريقة تسليطه الضوء على الطبائع البشرية وكشف أسرار النفوس. ومع ذلك، عندما يتأمل القارئ بعمق في الفن الذي يقدمه موم وفي أسلوبه الفني، يدرك أنه هناك فنانًا مخلصًا، لا يفرض على أبطاله أوزار القيم الأخلاقية بشكل متكلف، ولا يقودهم إلى مواقف مفتعلة غير طبيعية.
تعتبر هذه الرواية والقصص الأخرى التي تضمها محطًا لتجربة جديدة، حيث يسعى موم ليظهر لنا ويقنعنا بأن الحكم على أخلاق البشر ليس بالسهولة التي قد يعتقد الكثيرون، بل إن نفوس البشر تعد صناديق مليئة بالأسرار والخفايا والتناقضات. وهو ما يثير حزننا لأنه يبدي أمامنا تحديًا كبيرًا في فهم الإنسان وطبيعته، إذ يكاد يظهر الأمر كمستحيلاً تقريبًا، ولكنه في الوقت ذاته يدعونا إلى التحلي بالحذر والتروي في الاستنتاجات والحكم على أمور الحياة.
تتميز شخصيات رواية “الزلة الكبرى”، على السطح، بالنزاهة والإخلاص الأخلاقي، ولكن يظهر الكاتب ببراعة كيف يمكن أن يكون الواقع مختلفًا عن الظاهر. يفاجئنا موم بتصوير شخصيات تبدو مثالية في البداية، ولكن تظهر فيما بعد بأنها ساقطة وسفيهة، وهو ما يجعل القارئ يفكر بعمق في مفهوم الخير والشر، وكيف يمكن أن تكون هذه المفاهيم ذات دلالات متشعبة ومعقدة.
تأتي هذه الرواية ضمن إصدارات دار الحرف العربي للطباعة والنشر والتوزيع، وتحمل غلافًا عاديًا، وتندرج تحت فئة الأدب والخيال، وتحديدًا تحت فئة الروايات. تمتد صفحات الكتاب إلى 303 صفحة، وللأسف، لا يتوفر لدينا معلومات عن سنة النشر حتى اللحظة.