كتب أجنبية

الرحلة نحو الأعماق: تحليل رواية الخريطة البحرية لأرتورو بيريز-ريفيرتي

“الخريطة البحرية” هي رواية متقنة الصياغة تنتمي إلى أدب الغموض والإثارة، وهي من تأليف الكاتب الإسباني أرتورو بيريز-ريفيرتي، وقد تُرجمت إلى الإنجليزية على يد مارغريت سايرز بيدن. تم نشر هذه الرواية لأول مرة في أكتوبر من عام 2001 عبر دار نشر هوتون ميفلين هاركورت، وهي تمزج بين عناصر الرومانسية والمغامرة والغموض بأسلوب يذكّر بروايات هيرمان ميلفيل وجوزيف كونراد وباتريك أوبراين، لكن مع لمسة معاصرة تميز أسلوب بيريز-ريفيرتي.

القصة تدور حول شخصية كوي، وهو بحار تم تعليق رخصته ويجد نفسه دون عمل ويقتل وقته في برشلونة. خلال حضوره مزاداً بحرياً، يلتقي بتانجر سوتو، وهي امرأة جميلة تعمل في المتحف البحري في مدريد ولديها هوس بسفينة “دي غلوريا”، وهي سفينة يسوعية غرقت على يد القراصنة في القرن السابع عشر وتقبع الآن، كما تأمل، في قاع البحر قبالة الساحل الجنوبي لإسبانيا. تستخدم تانجر مهاراتها الكبيرة في التلاعب بالرجال وخبرتها بالوثائق والأطالس والخرائط البحرية لترسم خطة بحث عن الكنز المفقود.

يُسرع كوي إلى الانخراط في هذا البحث، وسرعان ما يجد نفسه متورطاً في قصة حب مع تانجر. ينضم إليهما في هذه المغامرة البحرية “البيلوتو”، الرجل العجوز المحنك الذي يمتلك قارباً شراعياً سيحمل الطاقم في رحلتهم. ولكن، هل يسعون فعلاً لتحقيق ثروة معاً؟ وما الأسرار التي قد تختبئ في أعماق البحر؟ وهل توجد أسرار أخرى مختبئة في أعماق القلوب؟

تعتبر هذه الرواية من الأعمال الأدبية التي تجمع بين الذكاء الأدبي ودقة البناء القصصي، حيث يُظهر بيريز-ريفيرتي مهارة كبيرة في التعامل مع الشخصيات والأحداث والتفاصيل التاريخية والنواحي الجغرافية، مستخدماً خبرته الشخصية وأبحاثه الموسعة في مجال البحرية والتاريخ الإسباني. كما تتسم الرواية بأسلوب سردي غني يغوص في تفاصيل الحياة البحرية ويعيد إلى الذاكرة الأجواء الرومانسية والمغامرات البحرية التي شكلت محوراً رئيسياً في الأدب العالمي.

يُشيد النقاد بهذه الرواية، وصُنفت على أنها إحدى أبرز أعمال بيريز-ريفيرتي، حيث أطلق عليه “سيد الرواية الفكرية” بحسب صحيفة “سان فرانسيسكو كرونيكل”. تتيح الخريطة البحرية للقارئ الغوص في أعماق التاريخ والنفس البشرية، مقدمةً تجربة قراءة مثيرة تجمع بين التشويق والتعلم والاستمتاع بجمال الكتابة الأدبية.