رواية “ملكة الجنوب” للمؤلف أرتورو بيريز-ريفيرتي والمترجم أندرو هيرلي، تُعتبر واحدة من أبرز الأعمال الأدبية التي قدمها بيريز-ريفيرتي، وهو كاتب يُعرف بقدرته على استقطاب القراء بأسلوبه الأدبي الراقي والمليء بالتشويق. صدرت الرواية لأول مرة في يونيو من عام 2004 عن دار نشر Putnam Adult، وقد حظيت بتقدير كبير في الأوساط الأدبية واعتبرت بمثابة قفزة نوعية في مسيرة بيريز-ريفيرتي الأدبية.
تسلط الرواية الضوء على شخصية تيريزا ميندوزا، التي تحولت من فتاة بسيطة تعيش في أزقة المكسيك الغبارية إلى تاجرة مخدرات مخضرمة تسيطر على طرق التهريب في البحر المتوسط، مرورًا بالمياه اللامعة قبالة سواحل المغرب ووصولاً إلى إسبانيا ومضيق جبل طارق. الرواية تُعد رحلة عبر القارات، تجمع بين الحب والخيانة والعنف والحسية في قالب من المغامرات الشيقة والمثيرة.
تتميز الرواية بدقة تصويرها للواقع القاسي لعالم تجارة المخدرات، حيث يُعد العنف والخيانة جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية. تبدأ القصة عندما يهدي غويرو، صديق تيريزا الذي يعمل في تهريب المخدرات، لها هاتفًا خاصًا محملاً بتحذير مظلم. يقول لها إنه إذا رن هذا الهاتف يومًا، فذلك يعني أنه قد قُتل، وعليها أن تفر لأنهم سيأتون لها التالي. وفعلاً، تأتي لحظة تلقي تيريزا الاتصال المشؤوم الذي يُغير مجرى حياتها.
من هنا، تنطلق تيريزا في رحلة التحول الذاتي، حيث تودع الفتاة البريئة التي كانت يومًا ما، لتصبح امرأة قوية، قادرة على التنقل في عالم الناركوتيك الخطير والمروع. هذه الشخصية الجديدة التي تنبثق لم تكن معروفة حتى لأولئك الذين ظنوا أنهم يعرفون تيريزا جيدًا؛ إنها تتحول إلى “ملكة الجنوب”، الاسم الذي يصبح أسطورة في عالم المخدرات.
تمتلك الرواية نغمة سردية تتميز بالتعقيد والعمق، حيث تناول بيريز-ريفيرتي الثقافة الشعبية للمهربين من خلال الكوريدوس، وهي بالادات شعبية مكسيكية تروي قصص المهربين. هذه الأغاني تمثل خلفية ثقافية تضفي على الرواية طابعاً موسيقيًا وتؤكد على البعد الإنساني والعاطفي للشخصيات.
“ملكة الجنوب” ليست مجرد رواية مغامرات، بل هي استكشاف للشخصية البشرية وقدرتها على التكيف والنمو تحت ضغوط شديدة. تُظهر الرواية كيف يمكن للظروف أن تجبر الأفراد على اتخاذ قرارات قد تبدو بعيدة كل البعد عن طبيعتهم الأصلية. في قلب الرواية، هناك تحليل عميق لمفاهيم القوة والهوية والبقاء، وكذلك استعراض للتحديات التي تواجه المرأة في مجتمع يهيمن عليه الرجال بشكل كبير.
بشكل عام، “ملكة الجنوب” هي تحفة أدبية تقدم رؤية فريدة للعالم من خلال عيون تيريزا ميندوزا، وهي شخصية تب