رواية “الرحلة الأخيرة لشخص ما البحّار” للكاتب جون بارث، التي صدرت في يناير 1992 عن دار النشر “أنكور”، تعد من أبرز الأعمال الأدبية التي جسدت أسلوب السرد المميز للكاتب وأظهرت براعته في التعامل مع تقنيات الأدب القصصي.
تتبع الرواية قصة رجل يُدعى “شخص ما” (Somebody) الذي يجد نفسه يعيش مغامرات متعددة في البحر، متأرجحاً بين الخيال والواقع. تعتمد القصة على أسلوب بارث المعروف بالمزج بين الأساطير والواقع، حيث يحاول من خلال سرد هذه المغامرات أن يتناول قضايا وجودية عميقة مثل الهوية، المعنى، والمصير.
الرواية تنقسم إلى عدة أجزاء، كل جزء يمثل مرحلة مختلفة من رحلة “شخص ما” في البحر. كل مرحلة تحمل في طياتها تساؤلات فلسفية وتجارب حياتية متنوعة. يعتمد بارث على استخدام تقنيات ما بعد الحداثة في السرد، مما يجعل النص مليئًا بالرمزية والتلميحات الأدبية.
من خلال هذه الرواية، يقدم بارث نقدًا حادًا للعالم الحديث وتعقيداته، مستخدمًا البحر كمجاز للحياة البشرية بكل ما تحمله من اضطراب وعدم يقين. الشخصية الرئيسية، “شخص ما”، يمكن أن تُرى على أنها رمز للإنسان المعاصر، الضائع في بحر من التحديات والأزمات، يسعى جاهدًا للعثور على طريقه ومعنى وجوده.
الأسلوب الأدبي الذي استخدمه بارث في هذه الرواية يتميز بالتلاعب باللغة والبنية السردية، حيث يتنقل بين الأسلوب التقليدي للسرد وبين أساليب أخرى غير تقليدية، مما يعكس تعقيد الأفكار التي يحاول إيصالها. الرواية ليست مجرد حكاية بحار ومغامراته، بل هي تأمل عميق في الطبيعة الإنسانية وفي الأسئلة الوجودية التي تواجهنا جميعًا.
بالإضافة إلى ذلك، تحمل الرواية طابعًا تأمليًا ووجوديًا، حيث يتساءل البطل عن دوره في العالم وعن المعنى الحقيقي للحياة. هذه التساؤلات الوجودية تجعل من “الرحلة الأخيرة لشخص ما البحّار” أكثر من مجرد رواية مغامرات؛ إنها دعوة للتفكير في الذات وفي الحياة بشكل أعمق.
بإيجاز، تعد “الرحلة الأخيرة لشخص ما البحّار” عملًا أدبيًا يستحق القراءة والتأمل، فهي تقدم تجربة فريدة تجمع بين المغامرة والفلسفة، وبين الخيال والواقع، بأسلوب سردي مميز يبرز براعة جون بارث كواحد من أهم كتاب الأدب الأمريكي في القرن العشرين.