يشهد مجال الذكاء الاصطناعي في المملكة العربية السعودية تطورًا غير مسبوق، مدفوعًا برؤية المملكة 2030 التي تركز على التحول الرقمي والابتكار كركائز أساسية لبناء اقتصاد متنوع ومستدام. وقد أصبح الذكاء الاصطناعي واحدًا من أكثر التخصصات المطلوبة في سوق العمل السعودي، لما له من دور حيوي في تطوير قطاعات متنوعة مثل الصحة، والطاقة، والتعليم، والأمن، والخدمات الحكومية.
التخصص الأكاديمي في الذكاء الاصطناعي في السعودية
تسعى الجامعات السعودية إلى مواكبة هذا التحول الكبير عبر تقديم برامج دراسية متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي. وتشمل هذه البرامج درجات البكالوريوس، الماجستير، وحتى الدكتوراه في تخصصات متعلقة بالذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات وتعلم الآلة.
ومن أبرز الجامعات التي تقدم هذه البرامج:
-
جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST): تقدم برامج متخصصة في علوم الحاسوب وتعلم الآلة، وتعتبر من أبرز المؤسسات البحثية في المملكة.
-
جامعة الملك سعود: توفر مسارات دراسية متميزة في هندسة البرمجيات، الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات.
-
جامعة الملك فهد للبترول والمعادن (KFUPM): تضم أقسامًا بحثية مرموقة في علوم الحاسوب، وتعمل على تطوير نماذج تطبيقية للذكاء الاصطناعي في مجالات الطاقة والبيئة.
-
جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن: أطلقت برامج نوعية تستهدف تمكين المرأة السعودية في مجالات التكنولوجيا الحديثة.
هذه البرامج الأكاديمية لا تقتصر على تقديم المعرفة النظرية، بل تشمل أيضًا مشاريع تطبيقية، وتدريبات عملية في مراكز أبحاث، وتعاون مع مؤسسات صناعية رائدة.
التوجه الحكومي لتطوير الذكاء الاصطناعي
تتبنى الحكومة السعودية استراتيجية وطنية طموحة لتطوير الذكاء الاصطناعي، أُعلنت رسميًا في عام 2020 تحت اسم الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي (NDAI)، والتي تهدف إلى جعل المملكة في طليعة الدول الرائدة عالميًا في هذا المجال بحلول عام 2030.
وتضمنت هذه الاستراتيجية عدة أهداف، منها:
-
تدريب أكثر من 20 ألف مختص في الذكاء الاصطناعي.
-
استثمار ما يزيد عن 20 مليار دولار في البنية التحتية والبحث العلمي.
-
تطوير أكثر من 300 شركة ناشئة تعمل في الذكاء الاصطناعي.
-
جعل المملكة ضمن أفضل 15 دولة عالميًا في هذا المجال.
كما أن الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) تلعب دورًا محوريًا في تنفيذ هذه الاستراتيجية، حيث أطلقت العديد من المبادرات مثل منصة “سدايا أكاديمي” لتدريب الكفاءات الوطنية، ومنصة “ذكاء” لدعم الشركات والمطورين.
الوظائف المتاحة في مجال الذكاء الاصطناعي
مع ازدهار هذا القطاع، ظهرت مجموعة واسعة من الفرص الوظيفية التي تتطلب مهارات في الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والتعلم الآلي، ومن أبرز هذه الوظائف:
| الوظيفة | الوصف | المهارات المطلوبة |
|---|---|---|
| مهندس ذكاء اصطناعي | تطوير خوارزميات ونماذج تعلم الآلة لتطبيقات متنوعة | Python، TensorFlow، PyTorch، التحليل الرياضي |
| عالم بيانات | تحليل البيانات لاستخلاص رؤى تدعم اتخاذ القرار | تحليل البيانات، إحصاء، Machine Learning |
| مهندس تعلم آلي | تصميم وتدريب نماذج تعلم آلي مخصصة لحلول معينة | خوارزميات تعلم الآلة، المعالجة اللغوية، التصنيف الآلي |
| مطور نظم ذكاء اصطناعي | تطوير تطبيقات مدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل روبوتات الدردشة | الذكاء الاصطناعي التطبيقي، البرمجة، تصميم الأنظمة الذكية |
| أخصائي رؤية حاسوبية | معالجة الصور والفيديو باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي | OpenCV، Deep Learning، Image Processing |
| محلل بيانات صناعية | تطبيق الذكاء الاصطناعي في قطاعات مثل النفط والطاقة | البرمجة، فهم الصناعات، النمذجة التنبؤية |
الرواتب في مجال الذكاء الاصطناعي في السعودية
الرواتب في هذا المجال تعتبر من الأعلى في سوق العمل السعودي، وذلك بسبب الطلب الكبير والنقص النسبي في الكفاءات المحلية المتخصصة. يختلف الراتب حسب التخصص ومستوى الخبرة ومكان العمل، كما يلي:
| المسمى الوظيفي | متوسط الراتب الشهري (ريال سعودي) |
|---|---|
| مهندس ذكاء اصطناعي مبتدئ | 12,000 – 18,000 |
| مهندس ذكاء اصطناعي بخبرة | 20,000 – 35,000 |
| عالم بيانات | 15,000 – 30,000 |
| مدير تقني للذكاء الاصطناعي | 35,000 – 60,000 |
| محلل بيانات صناعية | 13,000 – 25,000 |
وتزداد هذه الأرقام عند العمل في جهات مثل أرامكو، سابك، أو المؤسسات المالية الكبرى، أو في المشاريع الحكومية المدعومة من “نيوم” أو “القدية”، حيث توفر هذه المشاريع فرصًا للانخراط في مبادرات تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
مجالات تطبيق الذكاء الاصطناعي في المملكة
تعمل المملكة على تسخير الذكاء الاصطناعي في عدة قطاعات حيوية، تشمل:
-
الصحة: تحسين نظم التشخيص الطبي، وتحليل الصور الطبية، وتوفير حلول تنبؤية للأمراض.
-
الأمن: تطوير أنظمة مراقبة ذكية وتحليل سلوك الأفراد في الأماكن العامة.
-
البيئة: متابعة جودة الهواء، وتحليل البيانات البيئية، وإدارة المياه.
-
النقل: تحسين حركة المرور، وتطوير المركبات ذاتية القيادة.
-
الخدمات الحكومية: أتمتة الإجراءات، وتحسين كفاءة تقديم الخدمات للمواطنين.
-
الطاقة: إدارة شبكات الكهرباء، وتحليل استهلاك الطاقة باستخدام نماذج ذكية.
التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي في السعودية
رغم الإنجازات، هناك تحديات قائمة ينبغي التغلب عليها لتعزيز فعالية الذكاء الاصطناعي في المملكة، من أبرزها:
-
نقص الكوادر الوطنية المتخصصة: ما زال هناك حاجة ماسة إلى تدريب وتأهيل عدد أكبر من الكفاءات السعودية.
-
الخصوصية وحماية البيانات: خصوصًا مع الاعتماد المتزايد على البيانات الضخمة في اتخاذ القرارات.
-
البنية التحتية التقنية: على الرغم من التقدم، إلا أن بعض المناطق ما زالت بحاجة إلى تطوير تقني يدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
-
التكامل مع الأنظمة التقليدية: تحتاج بعض القطاعات إلى وقت للتكيف مع الأنظمة الجديدة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
مستقبل الذكاء الاصطناعي في السعودية
تشير المؤشرات إلى أن المملكة العربية السعودية ستكون من الدول الرائدة في الذكاء الاصطناعي خلال السنوات القادمة، خصوصًا مع التزامها السياسي والمالي نحو هذا المجال. ومع استمرار دعم الدولة للأبحاث والابتكار، وتوسيع برامج التعليم المتخصصة، وتوطين المعرفة التقنية، فإن المملكة تمهد الطريق لتكون مركزًا إقليميًا وعالميًا في الذكاء الاصطناعي.
لقد بدأت ملامح هذا المستقبل تتشكل عبر مشاريع مثل “نيوم” التي تسعى لتكون المدينة الأذكى في العالم، و”ذا لاين” التي تعتمد بالكامل على تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة كل تفاصيل الحياة فيها، مما يعكس الرؤية الطموحة للمملكة في أن تكون في طليعة الدول التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان.
المراجع
-
الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA): www.sdaia.gov.sa
-
وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية
-
استراتيجية السعودية للذكاء الاصطناعي 2030
-
تقارير سوق العمل السعودي (GASTAT)
-
تقارير LinkedIn وGlassdoor حول الرواتب في مجال الذكاء الاصطناعي
-
مواقع الجامعات السعودية الرسمية: KAUST، KSU، KFUPM، PNU
