أسباب تقصف الشعر الشائعة

أسباب تقصف الشعر

تقصف الشعر هو من أكثر المشكلات شيوعاً التي يعاني منها الأفراد من مختلف الأعمار والفئات، ويُعدّ أحد المؤشرات المبكرة لتلف الشعر وفقدانه للصحة والحيوية. يحدث التقصف عندما تتكسر الشعرة إلى قسمين أو أكثر، غالباً عند الأطراف، مما يمنحها مظهراً هشاً ومتقصفاً ويؤثر بشكل مباشر على نعومة الشعر ولمعانه وطوله. تتعدد أسباب هذه الظاهرة لتشمل عوامل بيئية، وعادات يومية خاطئة، وممارسات تجميلية قاسية، ونقص تغذوي، وحتى اختلالات صحية داخلية. تتطلب معالجة تقصف الشعر فهماً دقيقاً لأسبابه وآلياته، مما يساعد في اعتماد استراتيجيات فعالة للحفاظ على الشعر بحالة صحية سليمة على المدى الطويل.

العوامل الميكانيكية والتعامل الخاطئ مع الشعر

يُعد التمشيط العنيف أو المفرط من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى تقصف أطراف الشعر. عندما يتم استخدام فرشاة ذات أسنان حادة أو غير مناسبة، خصوصاً على شعر مبلل، فإن الشعرة تتعرض لشد زائد يؤدي إلى إضعاف بنيتها الخارجية وتفكك الطبقات الكيراتينية التي تحميها. كما أن ربط الشعر بإحكام أو استخدام أدوات غير مناسبة مثل الربطات المعدنية قد يضغط على الشعرة بشكل يؤدي إلى كسرها.

تجفيف الشعر بالفوطة بشكل عنيف يُعد سلوكاً خاطئاً شائعاً. الفرك القوي بالشكل الدائري أو العشوائي يؤدي إلى تشابك الشعيرات وتلف القشرة الخارجية، وهي الطبقة التي تحمي النخاع الداخلي من العوامل الخارجية. وبدلاً من ذلك، ينصح بتمشيط الشعر بلطف باستخدام مشط واسع الأسنان وتركه ليجف طبيعياً قدر الإمكان.

أدوات التصفيف الحرارية والتعرض المستمر للحرارة

استخدام مكواة الشعر وأجهزة التجعيد والمجفف الهوائي بدرجات حرارة عالية وبشكل متكرر يُعتبر من أكثر الممارسات الضارة التي تؤدي إلى التقصف. الحرارة العالية تعمل على تفكيك الروابط البروتينية داخل الشعرة، خاصة بروتين الكيراتين، مما يؤدي إلى فقدان الشعرة لقوتها ومرونتها. كما أن التكرار المفرط لهذه العادة يؤدي إلى تبخر الرطوبة الداخلية، مما يجعل الشعر جافاً وهشاً، وبالتالي أكثر عرضة للانقسام والتكسر.

حتى عند استخدام منتجات الحماية الحرارية، فإن الاستخدام المكثف وغير المنظم لهذه الأدوات يمكن أن يراكم الضرر بمرور الوقت، خاصة إذا لم يُمنح الشعر فترة كافية للتعافي بين الجلسات. كما أن تقنيات التمليس الكيميائي الدائمة تزيد من احتمال حدوث التقصف بشكل كبير نظراً لتفاعل المواد الكيميائية مع بنية الشعر الداخلية وتغييرها جذرياً.

العوامل البيئية وتأثيرها على الشعر

الشعر يتعرض باستمرار لعوامل بيئية قد تكون قاسية، مثل أشعة الشمس المباشرة، والرياح الجافة، والرطوبة المرتفعة أو المنخفضة، وكلها عوامل تساهم في إضعاف الطبقة الواقية للشعر. الأشعة فوق البنفسجية UV تضر بالكيراتين وتؤدي إلى أكسدة الزيوت الطبيعية في فروة الرأس، مما يزيد من الجفاف ويؤدي إلى فقدان مرونة الشعر وبالتالي تقصفه.

كما أن تلوث الهواء يلعب دوراً مهماً في تلف الشعر، حيث تلتصق الجزيئات الضارة بالشعر وتعيق تنفسه الطبيعي، وتزيد من احتمالية الإصابة بأمراض فروة الرأس التي قد تؤثر بدورها على جودة الشعرة. كما أن السباحة في مياه البحر أو في المسابح المعالجة بالكلور تُعد من العوامل المدمرة لبنية الشعر، إذ أن الملح والكلور يسحبان الرطوبة من الشعر ويجعلانه هشاً وضعيفاً.

المنتجات الكيميائية والمعالجات الصناعية

تؤثر الصبغات الكيميائية ومزيلات اللون (Bleach) بشكل مباشر على صحة الشعرة من الجذور حتى الأطراف. عملية تبييض الشعر تتطلب فتح مسامات الشعرة للوصول إلى الصبغة الطبيعية وتفكيكها، وهو ما يؤدي إلى تدمير الطبقة الخارجية من الشعر وإضعاف بنيته الكاملة. عند تكرار هذا النوع من المعالجات، فإن احتمالية التقصف ترتفع بشكل كبير نظراً للتلف المتراكم داخل الشعرة.

كذلك الحال مع المستحضرات الكيميائية الخاصة بفرد الشعر أو تجعيده، مثل الهيدروكسيدات (Hydroxides) وأملاح الأمونيوم (Ammonium salts)، التي تؤدي إلى تغير التركيب البنيوي للشعر وتضعفه على المدى الطويل. وعند غياب العناية الترميمية الفعالة بعد هذه المعالجات، يصبح الشعر هشاً وتبدأ الأطراف في الانقسام.

سوء التغذية ونقص الفيتامينات والمعادن

يُعد النظام الغذائي المتوازن من العوامل الجوهرية في الحفاظ على صحة الشعر. نقص البروتينات، التي تُعد المكون الأساسي لبنية الشعر، يؤدي إلى ضعف نمو الشعر وتقصفه. كما أن نقص الفيتامينات والمعادن، خاصة فيتامين A وE وC، بالإضافة إلى الحديد والزنك، يؤثر بشكل مباشر على قوة جذور الشعر ومرونته. فعلى سبيل المثال، نقص الحديد يحدّ من قدرة خلايا فروة الرأس على الحصول على الأوكسجين اللازم لتغذية بصيلات الشعر، ما يؤدي إلى شعر ضعيف وسهل الانقسام.

كما أن نقص الأحماض الدهنية الأساسية مثل أوميغا 3 وأوميغا 6 يؤثر على مستوى ترطيب فروة الرأس، مما يجعل الشعر أكثر عرضة للجفاف والتكسر. كذلك فإن الامتناع عن تناول الخضروات والفواكه الطازجة يحدّ من امتصاص مضادات الأكسدة الضرورية لحماية خلايا الشعر من التلف الناتج عن الجذور الحرة.

الأمراض الجلدية واختلال التوازن الهرموني

العديد من الحالات الصحية المرتبطة بفروة الرأس تساهم في ضعف بنية الشعر ومن ثم تقصفه، مثل التهاب الجلد الدهني، والصدفية، والقشرة الشديدة، والإكزيما. تؤدي هذه الحالات إلى اضطراب الدورة الدموية في فروة الرأس، وتقليل فعالية الغدد الدهنية المسؤولة عن ترطيب الشعر بشكل طبيعي، مما يُسرّع من حدوث التقصف.

كما أن التغيرات الهرمونية المفاجئة، سواء بسبب الحمل، أو انقطاع الطمث، أو اضطرابات الغدة الدرقية، أو متلازمة تكيس المبايض، تؤثر بشكل مباشر على دورة نمو الشعر وتؤدي إلى ضعفه وجفافه وبالتالي انقسامه عند الأطراف. في هذه الحالات، لا بد من علاج السبب الجذري للخلل الهرموني للحفاظ على صحة الشعر.

التوتر النفسي وتأثيره البيولوجي على الشعر

تلعب الحالة النفسية دوراً محورياً في التأثير على صحة الشعر بشكل عام. الإجهاد المزمن يؤدي إلى إفراز هرمونات مثل الكورتيزول، التي تُحدث تغيرات كبيرة في عملية النمو الطبيعي للشعر. فالإجهاد يؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية التي تغذي فروة الرأس، مما يقلل من تدفق الأوكسجين والمغذيات إلى بصيلات الشعر، وهذا ينعكس سلباً على مرونة الشعرة وقدرتها على مقاومة العوامل الخارجية.

كما أن بعض الأفراد يلجؤون إلى عادات ضارة مثل اللعب بالشعر أو شده في حالات التوتر، مما يؤدي إلى حدوث كسر ميكانيكي متكرر للشعر وتلفه من الجذور حتى الأطراف. وقد يرافق التوتر حالات من اضطراب الأكل مثل فقدان الشهية العصبي أو النهم العصبي، وهي حالات تؤدي إلى نقص حاد في الفيتامينات والمعادن الضرورية لصحة الشعر.

الجدول التالي يوضح العلاقة بين بعض الممارسات اليومية وتقصف الشعر:

ختام

تقصف الشعر ليس ظاهرة سطحية بل يُعد مؤشراً عميقاً لوجود اختلالات في العناية، والتغذية، أو الصحة العامة. يتطلب الوقاية من هذه المشكلة اتخاذ تدابير شاملة تشمل تحسين النظام الغذائي، وتجنب الممارسات التجميلية الضارة، والحرص على ترطيب الشعر وتغذيته بعمق، فضلاً عن حماية الشعر من العوامل البيئية القاسية. يُعتبر العناية بالشعر عملاً تراكمياً يتطلب التزاماً طويل الأمد وليس مجرد حلول سطحية مؤقتة.

المراجع:

1. Burris, J., & Kim, K. (2020). Hair Shaft Disorders: Structural Abnormalities and Acquired Damage. Dermatologic Clinics, 38(3), 359–371.

2. Trueb, R. M. (2001). The impact of oxidative stress on hair. International Journal of Trichology, 3(1), 4–14.