الديزل العادي مقابل الحيوي

الديزل العادي والديزل الحيوي: كيف يتكونان؟ وما الاختلافات بينهما؟

في عصرنا الحديث، أصبحت وسائل النقل والمركبات جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، ومع ذلك فإنّ الوقود المستخدم في هذه المركبات أصبح يشكل جزءاً مهماً من اهتمام الباحثين والخبراء في مجال الطاقة والمستدامة البيئية. من بين الوقود التي تستعمل في السيارات والمركبات، يظهر الوقود الديزل بمختلف أنواعه كأحد الخيارات الأكثر استخداماً. لكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون هو: ما الفرق بين الديزل العادي والديزل الحيوي؟ وكيف يتم تكوين كل منهما؟ وهل هناك مزايا وعيوب لكل نوع؟ في هذا المقال، سنقوم باستعراض كيفية تكوين كلا النوعين من الديزل، بالإضافة إلى مقارنة مفصلة بينهما لتوضيح الاختلافات والمزايا والعيوب.

أولاً: الديزل العادي (الديزل التقليدي)

الديزل العادي هو نوع من الوقود الأحفوري الذي يُستخدم في محركات الاحتراق الداخلي لتشغيل المركبات الثقيلة مثل الشاحنات والحافلات، وكذلك في محطات توليد الكهرباء وبعض الآلات الصناعية. يتكون الديزل العادي من مزيج من الهيدروكربونات السائلة التي يتم استخراجها من النفط الخام، وتتم معالجتها بواسطة عمليات التكرير المعقدة. تتضمن هذه العمليات العديد من الخطوات مثل التقطير الفراغي، والتكسير الهيدروجيني، والتنقية للحصول على الوقود المطلوب.

تتكون مكونات الديزل العادي بشكل أساسي من:

1. الهيدروكربونات: وهي جزيئات تحتوي على الهيدروجين والكربون، وتختلف أطوال سلاسلها من مركب لآخر.

2. المركبات العطرية: التي تعطي للديزل خصائص معينة في الاحتراق.

3. الكبريت: وهو مكون موجود بكميات ضئيلة في الديزل التقليدي وقد يكون مسؤولاً عن الانبعاثات السامة.

كيف يتم تكوين الديزل العادي؟

يتكون الديزل العادي من عمليات تكرير النفط الخام في المصافي، حيث يتم استخراج الزيت الخام من الأرض باستخدام تقنيات الحفر. بعد الحصول على النفط الخام، يتم تمريره عبر عمليات التكرير المختلفة لتحويله إلى أنواع متعددة من الوقود، ومن بينها الديزل. يعتمد تكوين الديزل العادي على عملية التقطير الجزئي للنفط الخام، حيث يتم فصل مكونات النفط المختلفة حسب درجات الغليان، ويُستخرج الديزل كأحد المكونات الوسطى التي تحتوي على سلاسل كربونية متوسطة الطول.

يتطلب الديزل العادي أيضاً إضافة بعض المواد الكيميائية لتحسين خصائصه التشغيلية، مثل إضافات لتحسين اللزوجة، أو منظفات لتقليل تراكم الكربون داخل المحرك.

ثانياً: الديزل الحيوي (الديزل البيولوجي)

الديزل الحيوي هو وقود نظيف ومتجدد يتم إنتاجه من مصادر نباتية أو حيوانية، مثل الزيوت النباتية (كزيت فول الصويا، زيت بذور اللفت) أو الدهون الحيوانية (مثل شحم الخنزير). ويعد الديزل الحيوي بديلاً أكثر استدامة للديزل التقليدي، حيث إنه لا يعتمد على النفط الأحفوري وإنما على الموارد المتجددة.

يتكون الديزل الحيوي من:

1. الدهون والزيوت النباتية أو الحيوانية: هذه الزيوت تحتوي على جزيئات دهنية يمكن تحويلها إلى وقود بواسطة عملية كيميائية تُعرف باسم التحويل الاستراتي.

2. الإيثانول أو الميثانول: يُضاف إلى الزيوت أو الدهون الحيوانية أو النباتية لتحفيز تفاعل كيميائي يتحول فيه الزيت إلى مزيج من الاسترات (الإسترات ميثيل أو إسترات إيثيل) التي تمثل الوقود الحيوي.

3. الماء والجلسرين: هما ناتجان فرعيان من عملية التفاعل.

كيف يتم تكوين الديزل الحيوي؟

يتم إنتاج الديزل الحيوي من خلال عملية تُسمى الاسترة، التي تتضمن تفاعل الزيوت النباتية أو الدهون الحيوانية مع الميثانول أو الإيثانول في وجود محفز كيميائي، غالباً ما يكون هيدروكسيد الصوديوم (NaOH). يؤدي هذا التفاعل إلى تحويل الزيوت أو الدهون إلى استرات ميثيل الديزل، التي تشكل الجزء الرئيسي من الديزل الحيوي. كما ينتج عن العملية الجلسرين كمنتج ثانوي، والذي يمكن استخدامه في صناعات أخرى أو يُستفاد منه في صناعة مستحضرات التجميل أو الصابون.

الاختلافات بين الديزل العادي والديزل الحيوي

بناءً على المكونات وطرق الإنتاج، هناك عدة اختلافات جوهرية بين الديزل العادي والديزل الحيوي، نذكر بعضها فيما يلي:

1. المصدر والمكونات:

   • الديزل العادي يتم استخراجه من النفط الخام، الذي يعتبر مصدراً غير متجدد.

   • الديزل الحيوي يتم إنتاجه من الزيوت النباتية أو الدهون الحيوانية، وهي مصادر متجددة.

2. التأثير البيئي:

   • الديزل العادي يساهم في انبعاث الغازات الدفيئة والتلوث، حيث يحتوي على مكونات مثل الكبريت الذي يؤدي إلى انبعاث أكاسيد الكبريت الضارة.

   • الديزل الحيوي يُعتبر أكثر صداقة للبيئة، حيث إنه ينتج عن احتراقه انبعاثات أقل من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالديزل التقليدي. كما أن إنتاجه لا يساهم في تلوث البيئة بمقدار النفط الأحفوري.

3. الخصائص الكيميائية:

   • الديزل العادي يحتوي على مكونات عطرية وكبريتية، ويحتوي على مركبات أكثر تعقيداً من الناحية الكيميائية.

   • الديزل الحيوي يحتوي على استرات ميثيل أو إيثيل، مما يجعله أقل سمية وأكثر قابلية للتحلل البيولوجي.

4. الطاقة والكفاءة:

   • الديزل العادي يوفر طاقة عالية ويعمل بكفاءة جيدة في المحركات.

   • الديزل الحيوي يتمتع بكفاءة مشابهة للديزل العادي في تشغيل المحركات، لكن قد يعاني من بعض القيود فيما يتعلق بالطاقات العالية للمركبات الثقيلة.

5. التكلفة:

   • الديزل العادي يعتبر أقل تكلفة في الإنتاج بسبب توفر النفط الخام بشكل كبير على مستوى العالم.

   • الديزل الحيوي قد يكون أكثر تكلفة في الإنتاج مقارنة بالديزل العادي، وذلك بسبب تكلفة المواد الخام وعمليات التحويل.

6. الاستدامة والجدوى الاقتصادية:

   • الديزل العادي يعتمد على مصادر غير متجددة مثل النفط، مما يجعله عرضة للارتفاعات المفاجئة في الأسعار نتيجة لتقلبات السوق.

   • الديزل الحيوي يمكن أن يُنتج من مصادر محلية ومتجددة، مما يساهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويحسن من استدامة الطاقة.

التحديات والفرص المستقبلية

على الرغم من مزايا الديزل الحيوي، إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجهه في الانتشار والتوسع على نطاق واسع. من بين هذه التحديات:

• التكلفة: يعد الإنتاج من المواد النباتية أو الحيوانية أكثر تكلفة مقارنة بالنفط الخام، مما يحد من قدرته التنافسية.

• الاستخدام على نطاق واسع: في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر تعديلات في محركات المركبات لتتمكن من استخدام الديزل الحيوي بكفاءة عالية.

لكن في المقابل، هناك العديد من الفرص لتوسيع استخدام الديزل الحيوي، مثل:

• الابتكار في الإنتاج: مع تطور التقنيات، يمكن تقليل تكلفة إنتاج الديزل الحيوي.

• التوسع في الزراعة المستدامة: يمكن أن تساهم الزراعة الموجهة نحو إنتاج الزيوت والدهون في توفير مواد خام أكثر استدامة.

• الدعم الحكومي والتشريعات: يمكن أن تلعب الحكومات دوراً مهماً في تحفيز استخدام الديزل الحيوي من خلال السياسات المالية والتشريعية.

الخلاصة

يشكل كل من الديزل العادي والديزل الحيوي خيارات حيوية في مجال الطاقة والنقل، لكن لكل منهما مزايا وعيوب. في حين أن الديزل العادي يعتمد على النفط الخام ويعاني من تأثيرات بيئية سلبية، يعد الديزل الحيوي خياراً أكثر استدامة وصداقة للبيئة. وبالرغم من التحديات التي قد تواجه استخدام الديزل الحيوي، فإنه يبقى أحد البدائل الواعدة التي يمكن أن تسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتحقيق الاستدامة البيئية في المستقبل.