أوكرانيا هي واحدة من الدول الكبرى في شرق أوروبا، وتمتد حدودها إلى عدة دول مجاورة تتنوع في تاريخها الجغرافي والسياسي. يتيح هذا التنوع الجغرافي فهمًا أعمق للعديد من القضايا المتعلقة بالمنطقة، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية. في هذا المقال، سنتناول بشكل تفصيلي الدول التي تشترك في حدود مع أوكرانيا، بالإضافة إلى العلاقة التاريخية والجغرافية التي تربط أوكرانيا بهذه الدول.
1. روسيا
أوكرانيا تشترك في أطول حدود مع روسيا، وهي تمتد لمسافة تزيد عن 2,600 كيلومتر. تعد هذه الحدود الأكثر تعقيدًا في العلاقات الدولية بالنسبة لأوكرانيا، حيث كانت تاريخيًا جزءًا من الإمبراطورية الروسية ثم الاتحاد السوفيتي قبل أن تصبح أوكرانيا دولة مستقلة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991.
العلاقات بين أوكرانيا وروسيا شهدت تحولات كبيرة خلال العقود الماضية، بدءًا من الفترات التي كانت فيها أوكرانيا تحظى بعلاقات وثيقة مع روسيا إلى فترات أخرى من التوترات الشديدة، مثل النزاع الذي اندلع في 2014 بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. وارتبطت هذه الفترة بأزمة في منطقة دونباس شرق أوكرانيا حيث يدور صراع بين القوات الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من روسيا.
2. بولندا
إلى الغرب من أوكرانيا، تقع بولندا التي تشترك معها في حدود بطول حوالي 535 كيلومترًا. تمتاز العلاقات بين أوكرانيا وبولندا بأنها قائمة على أساس تاريخي عميق، حيث كانت أوكرانيا جزءًا من إمبراطورية بولندا في فترات متعددة من التاريخ. اليوم، يُنظر إلى بولندا على أنها من أهم حلفاء أوكرانيا في أوروبا الغربية، خاصةً فيما يتعلق بالدعم السياسي والاقتصادي.
تعد بولندا واحدة من أولى الدول التي اعترفت باستقلال أوكرانيا في عام 1991 بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. إضافة إلى ذلك، تلعب بولندا دورًا حيويًا في تقديم الدعم لأوكرانيا في محافل الاتحاد الأوروبي والناتو، بما في ذلك تقديم الدعم العسكري والإنساني في الأزمة الأوكرانية المستمرة.
3. سلوفاكيا
تحد سلوفاكيا أوكرانيا من جهة الغرب، حيث تمتد حدودها المشتركة مع أوكرانيا بطول حوالي 98 كيلومترًا. تشترك سلوفاكيا وأوكرانيا في العديد من الروابط الثقافية والتاريخية، حيث تعتبر سلوفاكيا نقطة وصل هامة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي.
تعتبر سلوفاكيا أحد الداعمين الرئيسيين لأوكرانيا في مجالات متعددة مثل الدعم السياسي والإنساني. وقد دعمت سلوفاكيا الانضمام المحتمل لأوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي والناتو، بالإضافة إلى تقديم مساعدات لللاجئين الأوكرانيين الذين فروا من الصراع القائم.
4. المجر
تشارك المجر حدودًا مع أوكرانيا بطول حوالي 137 كيلومترًا من الجهة الغربية. تعتبر هذه الحدود واحدة من المناطق الجغرافية الأكثر تعقيدًا بالنسبة لأوكرانيا، حيث أن هناك أقلية مجرية في المناطق التي تحد أوكرانيا والمجر.
العلاقات بين البلدين تأثرت في بعض الأحيان بالقضايا العرقية والسياسية. ففي الآونة الأخيرة، كانت هناك توترات بين الحكومتين الأوكرانية والمجرية، خصوصًا فيما يتعلق بالقانون الأوكراني حول اللغة والتعليم في المناطق التي يعيش فيها المجريون في أوكرانيا. ورغم هذه التوترات، ما تزال المجر من الداعمين لأوكرانيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، خاصة في سياق دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا.
5. رومانيا
تحد رومانيا أوكرانيا من الجنوب الغربي، حيث تمتد حدودها المشتركة إلى حوالي 605 كيلومترات. تمثل هذه الحدود واحدة من المعابر الهامة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، ما يعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
على الرغم من أن العلاقات بين أوكرانيا ورومانيا تاريخيًا كانت متأثرة بالقضايا الحدودية، فإن البلدين يشتركان في العديد من المصالح الاقتصادية والسياسية. على سبيل المثال، توجد في المنطقة المثلثية التي تضم أوكرانيا ورومانيا وبلغاريا، موارد بحرية غنية، مثل النفط والغاز الطبيعي في البحر الأسود. علاوة على ذلك، كانت رومانيا من أوائل الدول التي دعمت أوكرانيا في محافل الناتو، كما أن العديد من الأوكرانيين من أصل روماني يقيمون في رومانيا، مما يعزز التبادل الثقافي بين البلدين.
6. مولدوفا
تقع مولدوفا إلى الجنوب من أوكرانيا وتشترك معها في حدود بطول حوالي 1,222 كيلومترًا. تعتبر مولدوفا دولة ذات علاقات تاريخية وثقافية متشابكة مع أوكرانيا، حيث كان جزء من أراضي مولدوفا في السابق جزءًا من الإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفيتي.
تعتمد مولدوفا بشكل كبير على أوكرانيا في مجال النقل والتجارة، لا سيما في مجال الطاقة. من جهة أخرى، يعاني البلد من نزاع إقليمي يتعلق بمنطقة ترانسنيستريا التي أعلنت استقلالها عن مولدوفا بدعم من روسيا، وهي قضية تؤثر على العلاقات بين أوكرانيا ومولدوفا. وقد سعت أوكرانيا لدعم مولدوفا في محاولاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وكذلك في مواجهة النفوذ الروسي في المنطقة.
7. البحر الأسود
بالإضافة إلى الحدود البرية، تشترك أوكرانيا في حدود بحرية مع البحر الأسود، الذي يعتبر نقطة استراتيجية هامة بالنسبة للبلاد. يعتبر هذا الممر البحري مهمًا لأوكرانيا من حيث التجارة والنقل، فضلاً عن كونه نقطة انطلاق للعديد من القضايا العسكرية والسياسية، خاصة بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014.
تواجه أوكرانيا تحديات كبيرة في بحر الأسود، إذ أن القرم تعتبر نقطة انطلاق استراتيجية لروسيا في البحر الأسود، وهو ما يعقد العلاقات بين أوكرانيا وروسيا في هذه المنطقة.
الخاتمة
الدول التي تشترك حدودها مع أوكرانيا تلعب دورًا مهمًا في تشكيل صورة البلاد الجغرافية والسياسية. العلاقات بين أوكرانيا وجيرانها تشكل شبكة معقدة من التعاون والتوترات التي تتداخل مع العوامل التاريخية والعرقية والجغرافية. إن فهم هذه الحدود يوفر سياقًا أوسع للأزمات والصراعات التي تشهدها المنطقة اليوم، كما يساهم في فهم أعمق للسياسات العالمية التي تتعلق بأوكرانيا.
