الدافع الداخلي والخارجي وتأثيرهما

الدافع الداخلي والدافع الخارجي: الفرق بينهما وأثرهما على سلوك الأفراد

مقدمة

يعتبر الدافع أحد العوامل الأساسية التي تحفز الإنسان على اتخاذ القرارات، والعمل، والتعلم، والتحقيق في أهدافه. من المهم التفريق بين نوعين أساسيين من الدافع، وهما: الدافع الداخلي (الذاتي) والدافع الخارجي. كل من هذين النوعين له تأثيرات كبيرة على سلوك الأفراد وتوجهاتهم في الحياة، ولهما دور رئيسي في تحديد مستوى الأداء والإنجاز. في هذا المقال، سنتناول الفروق الجوهرية بين الدافع الداخلي والدافع الخارجي، ونستعرض تأثير كل منهما على الأفراد في مختلف السياقات الاجتماعية والمهنية.

تعريف الدافع الداخلي والدافع الخارجي

1. الدافع الداخلي: يُعرف الدافع الداخلي بأنه القوة المحركة التي تنبع من داخل الفرد ذاته، حيث يعتمد على رغباته واهتماماته الشخصية. هذا النوع من الدافع يحدث عندما يشارك الفرد في نشاط أو سلوك لمجرد أنه يجد فيه متعة أو إشباعًا شخصيًا. لا يتعلق الأمر هنا بمكافآت أو عقوبات خارجية، بل بتلبية حاجات ذاتية تتعلق بالفضول، والتحقيق الذاتي، والرغبة في النمو الشخصي.

   مواضيع ذات صلة

   • 
     فن الإقناع: تعريفه وأدواته الأساسية
   • 
     إدارة الوقت لتحقيق النجاح
   • 
     الدافعية الذاتية: مفتاح النجاح
   • 
     وظائف وهندسة الميكاترونيكس في السعودية
   • 
     عبور الدجاجة: تأملات في الواقع
   • 
     أهمية بحوث السوق في الأعمال

2. الدافع الخارجي: على النقيض، الدافع الخارجي هو ذلك الذي يأتي من مصدر خارجي للفرد. قد تكون هذه المصادر عبارة عن مكافآت مادية، تقدير اجتماعي، أو حتى خوف من العقوبات. يتم تحفيز الأفراد الذين يعتمدون على الدافع الخارجي من خلال عوامل خارجية مثل المال، الجوائز، أو التقدير الاجتماعي. في هذا السياق، يتصرف الفرد لتحقيق مكافأة ملموسة أو لتجنب العقوبات.

الفرق بين الدافع الداخلي والدافع الخارجي

تتفاوت الدوافع الداخلية والخارجية من حيث المصادر التي تؤثر فيها والنتائج التي تترتب عليها. فيما يلي بعض الفروق الرئيسية بينهما:

1. المصدر:

   • الدافع الداخلي: ينشأ من رغبات واهتمامات الشخص الداخلية.

   • الدافع الخارجي: ينشأ من مصادر خارجية مثل المكافآت والعقوبات.

2. الاستمرارية:

   • الدافع الداخلي: يؤدي إلى استمرارية النشاط على المدى الطويل لأن الشخص يشارك في النشاط من أجل الفائدة الذاتية.

   • الدافع الخارجي: قد يؤدي إلى أداء جيد على المدى القصير، لكنه أقل استمرارية مقارنة بالدافع الداخلي لأن الفرد يركز على المكافآت الخارجية فقط.

3. تأثير المكافآت:

   • الدافع الداخلي: تكون المكافآت الثانوية أو الخارجية غالبًا غير ضرورية وقد تكون مدمرة أحيانًا.

   • الدافع الخارجي: المكافآت الخارجية مثل المال أو الجوائز تعتبر جزءًا أساسيًا من المحفزات التي تؤثر على الأداء.

4. التحفيز الذاتي:

   • الدافع الداخلي: يعزز التحفيز الذاتي ويُشجع على اكتشاف الذات والتطوير الشخصي.

   • الدافع الخارجي: قد يقتصر على تلبية احتياجات معينة أو تحقيق أهداف قصيرة الأجل.

5. التأثير على الأداء:

   • الدافع الداخلي: يؤدي إلى زيادة العاطفة والإبداع والإنتاجية، ويعزز الشعور بالتحقيق الشخصي.

   • الدافع الخارجي: قد يحفز الأفراد على الأداء الجيد، ولكنه قد يؤدي إلى فقدان الإبداع والتقيد بالأهداف المادية.

أنواع الدافع الداخلي

الدافع الداخلي يتنوع بحسب السياق الشخصي للفرد، ويمكن تقسيمه إلى عدة أنواع رئيسية، تشمل:

1. الدافع المرتبط بالتعلم: يتضمن رغبة الفرد في اكتساب مهارات جديدة أو اكتشاف معلومات جديدة لمجرد المتعة والإشباع العقلي.

2. الدافع المرتبط بالنمو الشخصي: يُحفز هذا النوع من الدافع الأفراد لتحقيق أهدافهم الشخصية والتطوير الذاتي. يُظهر الأفراد الذين يمتلكون هذا النوع من الدافع رغبة قوية في التحسن والتقدم في حياتهم.

3. الدافع المرتبط بالتحدي: يتطلب هذا النوع من الدافع تحديات وصعوبات يصعب التغلب عليها. يفرح الأفراد الذين يمتلكون هذا النوع من الدافع بمواجهة التحديات الصعبة ويتعلمون منها.

4. الدافع المرتبط بالفضول: يشتمل هذا النوع على الرغبة في الاستكشاف والتعلم، وتجد الأفراد الذين يمتلكون هذا النوع من الدافع دائمًا يبحثون عن الفرص لاستكشاف مجالات جديدة ومثيرة.

أنواع الدافع الخارجي

أما بالنسبة للدافع الخارجي، فهو يتخذ عدة أشكال تؤثر في سلوك الأفراد، مثل:

1. الدافع المرتبط بالمكافآت المادية: مثل المال أو الجوائز الملموسة. يشمل هذا النوع من الدافع جميع أنواع المكافآت التي تحفز الأفراد للعمل من أجل شيء مادي.

2. الدافع المرتبط بالاعتراف الاجتماعي: يشمل رغبة الأفراد في أن يكونوا محل تقدير واعتراف من المجتمع أو من الأفراد المحيطين بهم. قد يتجسد هذا النوع في رغبة الفرد في الحصول على الجوائز أو الألقاب.

3. الدافع المرتبط بالخوف من العقاب: هذا النوع من الدافع يرتبط بتجنب العقوبات أو الهزائم. قد يشمل الخوف من الفشل أو من رد فعل سلبي في حالة عدم إنجاز المهمة.

تأثيرات الدافع الداخلي والدافع الخارجي على الأداء الشخصي

تتباين تأثيرات الدافع الداخلي والخارجي على سلوك الأفراد بشكل ملحوظ، سواء في حياتهم المهنية أو الشخصية. يمكن تلخيص التأثيرات في النقاط التالية:

1. الدافع الداخلي:

   • الإبداع: الأشخاص الذين يتمتعون بدافع داخلي قوي يظهرون مستويات أعلى من الإبداع في إنجازاتهم، حيث ينجذبون نحو التحديات التي تسمح لهم بالتفكير بشكل مبتكر.

   • الاستدامة: بفضل دافعهم الداخلي، يبقى الأفراد على المسار الصحيح لتحقيق أهدافهم حتى في غياب المكافآت الخارجية. الدافع الداخلي يزيد من مستوى الانخراط في الأنشطة.

   • الرضا الشخصي: ينتج عن تحقيق الأهداف التي تنبع من دوافع داخلية شعور بالإنجاز والرضا الشخصي، مما يحسن الصحة النفسية والرفاهية العامة.

2. الدافع الخارجي:

   • التحفيز الفوري: في كثير من الحالات، يمكن أن يوفر الدافع الخارجي تحفيزًا سريعًا وفعالًا، خصوصًا في بيئات العمل حيث تكون هناك حاجة لتحقيق نتائج سريعة.

   • التركيز على الهدف: يساعد الدافع الخارجي على تحديد الأهداف بوضوح وتحفيز الأفراد للوصول إليها، ولكن قد يؤدي إلى تراجع الأداء عندما لا تكون المكافآت المادية أو الاجتماعية متاحة.

   • الإحساس بالضغط: قد يشعر الأفراد الذين يعتمدون على الدافع الخارجي بضغوط أكبر لتلبية توقعات الآخرين، ما يؤدي إلى القلق والمشاعر السلبية إذا لم يتمكنوا من تحقيق تلك التوقعات.

دمج الدافع الداخلي والخارجي: كيفية تحقيق التوازن

في الواقع، لا ينبغي النظر إلى الدافع الداخلي والخارجي كأمرين منفصلين أو متناقضين. يمكن دمجهما بشكل إيجابي لتحقيق أفضل النتائج. يتطلب ذلك من الأفراد والمديرين في بيئات العمل توفير بيئة تشجع على تحفيز داخلي من خلال منح الفرص للتعلم والنمو، بينما يستخدمون في الوقت نفسه المكافآت الخارجية كحوافز تشجع الأداء.

على سبيل المثال، في بيئات العمل، يمكن للمكافآت المالية أن تشجع على تحقيق الأهداف قصيرة المدى، بينما يمكن أن يعزز الدافع الداخلي النمو الشخصي والتطوير المهني على المدى الطويل. يمكن توفير فرص للتعلم والتحدي التي تشبع احتياجات الأفراد الذاتية، مما يحقق توازنًا صحيًا بين نوعي الدافع.

الختام

إن فهم الفرق بين الدافع الداخلي والدافع الخارجي وتطبيقهما بشكل فعال يمكن أن يسهم في تحسين الأداء الشخصي والمهني. يعتمد الأفراد الناجحون على مزيج من الدوافع الداخلية والخارجية لتحقيق أهدافهم وتحقيق التطور المستمر.